الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
71 - وروى أبو الشيخ قال حدثنا محمد بن أحمد بن معدان ، ثنا سعد بن محمد ، ثنا إبراهيم بن المنذر ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت قال زيد بن عمرو بن نفيل :


عزلت الجن والجنان عني كذلك يفعل الجلد الصبور     فلا العزى أدين ولا ابنتيها
ولا صنمي بني طسم أدير     ولا صنما أدين وكان ربا
لنا في الدهر إذ حلمي قصير     أربا واحدا أم ألف رب
أدين إذا تقسمت الأمور     ألم تعلم بأن الله أفنى
رجالا كان شأنهم الفجور [ ص: 81 ]

    وأبقى آخرين نذير قوم
فيربوا منهم الطفل الصغير



وقالت قال ورقة بن نوفل لزيد بن عمرو :


رشدت وأنعمت ابن عمرو     وإنما تجنبت تنورا من النار حاميا
بدينك ربا ليس رب كمثله     وتركك جنان الجبال كما هي
تقول إذا جاوزت أرضا مخوفة     حنانيك لا تظهر علي الأعاديا
حنانيك إن الجن كانت رجاءهم     وأنت إلهي ربنا ورجائيا
أدين لرب يستجيب لخلقه     ولا أدين لمن لا يسمع الدهر داعيا
أقول إذا صليت في كل بيعة     تباركت قد أكثرت باسمك داعيا



قال هشام بلغنا أن زيد بن عمرو كان بالشام يسأل عن الدين ويتبعه فلقي عالما فسأله عن دينه وقال لعلي أدين بدينكم فأخبرني عن دينكم فقال اليهودي إنك لا تكون على ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله قال وهل أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا وأنا أستطيع قال تدلني على دين ليس هذا فيه قال ما أعلم إلا أن تكون حنيفا قال وما الحنيف قال دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا وكان لا يعبد إلا الله فخرج من عنده فلقي عالما من النصارى فسأل عن دينه وقال لعلي أدين بدينكم فقال إنك لا تكون بديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله فقال لا أحتمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا وأنا أستطيع فهل تدلني على دين ليس فيه هذا فقال له نحوا مما قال اليهودي لا أعلمه إلا أن تكون حنيفا فخرج من عندهم وقد رضي بما أخبروه واتفقوا عليه من دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم فلما برز رفع يديه إلى الله تبارك وتعالى فقال اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم قال عبد الرحمن بن أبي الزناد وكان زيد بن عمرو بن نفيل في الجاهلية يستقبل الكعبة وكان يقول يا معشر قريش والله ما على ظهر الأرض أحد على ملة إبراهيم عليه السلام غيري لا آكل شيئا ذبح لغير الله قال وقيل له إن الذي تطلبه لا يكون إلا بالحجاز فأقبل من الشام يريد النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالجحفة أدركه قومه فقتلوه بها .

قال هشام بن عروة استغفر له النبي صلى الله عليه وسلم وقال أريت له جنة أو جنتين .
[ ص: 82 ]

قال الإمام رحمه الله : شرح الألفاظ الغريبة في الحديث شنفوك كرهوك وأبغضوك ، النائرة: الشر والحقد . الإرداف: أن يردف الرجل غيره خلفه على بعيره ، وقوله: ثم صنعناها أي: أصلحناها وتحية الجاهلية: أنعم صباحا .

والخال الكبر والمهاجر الذي ترك أرضه من أذى الكفار ، وروي ومهجر ، والتهجير السير وقت الحر نصف النهار ، والعاني الأسير ، والراغم الذليل ، والقرظ بالظاء نبت يدبغ به ، وبنو طسم قبيلة ، وجنان الخبال أي الذين يأمرون بالفساد ، وقوله حنانيك أي ارحمني رحمة بعد رحمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية