الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
227 - قال أبو عبد الله : أخبرنا أحمد بن عبد الله السامري ، ثنا أحمد بن عبيد بن ناصح ، ثنا محمد بن عمر ح ، قال أبو عبد الله : وحدثت عن محمد بن إسماعيل البخاري ، ثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة ، حدثني عمر بن أبي بكر أبو حفص العدوي ، قالا : ، ثنا موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك ، عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك ، عن أم سعد بنت سعد بن الربيع ، عن نفيسة بنت منية أخت يعلى سمعتها تقول : [ ص: 178 ] لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسا وعشرين سنة ، وليس له بمكة اسم إلا الأمين لما تكاملت فيه خصال الخير ، قال له أبو طالب : يا ابن أخي ، أنا رجل لا مال لي ، وقد اشتد الزمان علينا ، وألحت علينا سنون منكرة ، وليست لنا مادة ، ولا تجارة ، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام ، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيرانها ، فيتجرون لها في مالها ، فيصيبون منافع ، فلو جئتها ، فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك ، وفضلتك على غيرك لما يبلغها من طهارتك ، وإني كنت أكره أن تأتي الشام ، وأخاف عليك من اليهود ، ولكن لا نجد من ذلك بدا ، وكانت خديجة امرأة باكرة ذات شرف ، ومال كثير ، وتجارة تبعث بها إلى الشام ، فتكون عيرها كعامة عير قريش تستأجر الرجل ، وتدفع المال مضاربة ، وكانت قريش قوما تجارا ، ومن لم يكن تاجرا من قريش ، فليس عندهم بشيء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فلعلها أن ترسل إلي في ذلك ، قال أبو طالب : إني أخاف أن تولي غيرك ، فتطلب أمرا مدبرا ، فافترقا ، وبلغ خديجة ما كان من محاورة عمه له ، وقبل ذلك ما قد بلغها من صدق حديثه ، وعظم أمانته ، وكرم أخلاقه ، فقالت : ما دريت أنه يريد هذا ، ثم أرسلت إليه ، فقالت : إنه قد دعاني إلى البعثة إليك ما قد بلغني من صدق حديثك ، وعظم أمانتك ، وكرم أخلاقك ، وأنا أعطيك ما أعطي رجلا من قومك ، ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولقي أبا طالب ، فقال له ذلك ، فقال : إن هذا لرزق ساقه الله إليك ، فخرج مع غلامها ميسرة حتى قدم الشام ، وجعل عمومته يوصون أهل العير حتى قدما الشام ، فنزلا في سوق بصرى في ظل شجرة قريبة من صومعة راهب يقال له مستور : وقال : فاطلع الراهب إلى ميسرة ، وكان يعرفه ، فقال : يا ميسرة ، من هذا الذي نزل تحت هذه الشجرة ؟ فقال ميسرة : رجل من قريش من أهل الحرم ، فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ، ثم قال : أفي عينيه حمرة ، قال ميسرة : نعم ، لا تفارقه ، فقال الراهب : هو هو آخر الأنبياء ، ويا ليت أني أدركه حين يؤمر بالخروج ، فوعى ذلك ميسرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية