الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
10 - أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي ، أنا عبد الصمد العاصمي نا أبو العباس البجيري نا أبو حفص البجيري نا محمود بن خداش ، ثنا مروان بن معاوية ، ثنا عوف الأعرابي ، عن أبي رجاء العطاردي ، ثنا عمران بن حصين الخزاعي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وإنا سرينا ليلة حتى إذا كان في آخر الليل وقعنا تلك الوقعة ولا وقعة عند المسافر أحلى منها قال فما أيقظنا إلا حر الشمس فكان أول من استيقظ فلان ثم فلان يسميهم أبو رجاء ويسميهم عوف ثم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرابع وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو الذي يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه فلما استيقظ عمر فرأى ما قد أصاب الناس وكان رجلا جليدا أجوف جعل يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ اشتكى الناس إليه الذي أصابهم فقال لا ضير قال عوف أو قال لا يضير فارتحلوا فارتحلوا وكان غير بعيد ثم نزل فنودي للصلاة فصل بالناس فلما سلم إذا برجل معتزل لم يصل مع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك لم تصل مع الناس قال أصابتني جنابة يا رسول الله ولا ماء قال عليك بالصعيد فإنه يكفيك ثم سار فلما سار شكا الناس إليه العطش فدعا فلانا يسميه أبو رجاء ونسيه عوف ودعا عليا رضي الله عنه وقال لهما اذهبا وابغيا الماء فانطلقا فيلقيان امرأة على بعير لها من مزادتين من ماء أو سطيحتين فقال لها متى عهدك بالماء فقالت أمس هذه الساعة قالت نفرنا خلوف فقالا انطلقي إذا قالت أين قالا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت إلى هذا الذي يقال الصابئ قال هو الذي تعنينه انطلقي فجاءا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثا الحديث فاستنزلوها عن بعيرها ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين ثم مضمض ثم أعاده [ ص: 37 ] في الإناء ثم أعاده في أفواههما وأوكاهما وأطلق العزالي ونودي في الناس أن اسقوا واستستقوا فسقى من سقى واستقى من استقى وآخر ذلك أن أعطى الرجل الذي أصابته الجنابة إناء من ماء وقال له أفرغه عليك وهي قائمة تنظر إلى ما يصنع بمائها قال وايم الله لقد أقلع عنها حين أقلع وإنه لا يخيل إليها أنها أشد ملآة مما كانت حيث ابتدأ فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رزأناك من ماءك من شيء ولكن الله هو سقانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعوا لها فجمعوا لها من بين دقيقة وسويقة وعجوة حتى جمعوا لها منه طعاما فجعلوه في ثوب ثم حملوه بين ثديها فأتت أهلها وقد احتبست عليهم فقالوا ما حبسك يا فلانة فقالت العجب لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ ففعل بماءي كذا وكذا - للذي كان - فوالله إنه لأخير من بين هذه وهذه تعني السماء والأرض وإنه لرسول الله حقا ، وكان المسلمون من بعد يغيرون على من حولهم ولا يصيبون القوم التي هي منهم فقالت لقومها والله ما أدري عن عمد يدعنا هؤلاء أما لكم في الإسلام فطاوعوها فجاؤوا جميعا فدخلوا في الإسلام .

قال الإمام رحمه الله : وقعنا تلك الوقعة أي نمنا تلك النومة الثقيلة ، قوله كان رجلا جليدا أجوف أي قويا رفيع الصوت ، والمزادة القربة الكبيرة وكذلك السطيحة ، وقولها ونفرنا خلوف أي غاب الرجال وبقي النساء والصبيان ، وأفرغ أي صب ، والعزالي جمع العزلاء وهي فم القربة من جانبها ، وأقلع أي كف وأمسك ، والملآة الامتلاء ما رزأناك أي ما نقصناك ، فابغيانا أي فابغيا لنا يقال بغيته الشيء أي طلبته له ، والهاء في دقيقة وسويقة تدل على القلة أي قطعة من الدقيق قليلة وكذلك السويق ، والصرم أبيات مجتمعة ونفر يسير وقوله أوكاهما أي شد أفواههما .

التالي السابق


الخدمات العلمية