الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
272 - قال : وحدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ، ثنا يوسف بن عدي الكوفي ، ثنا أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة ، عن علي - رضي الله عنه - ، قال : لما فرغ إبراهيم - عليه السلام - من بناء البيت ، فمر عليه الدهر انهدم ، فبنته العمالقة ، ثم مر عليه الدهر ، فانهدم ، فبنته قريش ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ رجل شاب ، فلما أرادوا أن يرفعوا الحجر اختصموا فيه ، فقالوا : يحكم بيننا أول رجل يخرج من هذه السكة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول من خرج عليهم ، فقضى بينهم أن يجعلوه في مرط ، ثم يرفعه جميع القبائل كلها ، ثم وضعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكانه .

وفي رواية عبد الله بن السائب أن قريشا اختلفوا في الحجر حيث أرادوا أن يضعوه حتى كاد أن يكون بينهم قتال بالسيوف ، فقالوا : اجعلوا أول رجل يدخل من الباب ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكانوا يسمونه في الجاهلية الأمين ، فقالوا : قد جاء الأمين ، فقالوا : يا محمد ، قد رضينا بك ، فدعا بثوب ، فبسطه ، ثم وضع الحجر فيه ، ثم قال : ليأخذ رجل من كل بطن منكم بناحية من الثوب فيرفعوه ، وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعه .

وفي رواية سليمان التيمي : لما أخذت قريش في بناء الكعبة ، وانتهي إلى موضع الحجر الأسود ، تنازعت فيه الأرباع من تلك القبائل ، وتحاسدت أيهم يلي رفعه حتى ألم أن يكون بينهم فيه أمر شديد ، فصار من أمرهم أن يحكموا أول رجل يدخل عليهم الباب من نحوهم ، [ ص: 205 ] وتعاقدوا بالله رب البيت ليولونه إياه من كان ، فخرج عليهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك الباب أمر اختصه الله - عز وجل - ، وهو يومئذ يدعى الأمين ، فقالت القبائل من قريش : هذا الأمين بن عبد المطلب هو بيننا قد رضينا به ، فلما انتهى إليهم ، قال لهم : ما أمركم ؟ قالوا : يا ابن عبد المطلب ، تنازعنا في هذا الحجر ، وتحاسدنا ، فجعلناه إلى أول من يدخل علينا من هذا الباب ، فكنت أول داخل ، فافعل فيه أمرا يصلح قومك ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبا ، فبسطه ، ثم أخذ الحجر ، فوضعه فيه ، ثم أمر تلك القبائل ، فأخذوا بجانب الثوب ، فرفعوه على اصطلاح منهم وجماعة حتى انتهوا إلى موضع الحجر ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوضعه بيده ، وولاه الله - عز وجل - ذلك قبل مبعثه بسبع سنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية