5313 ص: وأما ما يدخل لأبي حنيفة في ذلك من جهة النظر مما يفرق بين الأرض الموات وبين الأنهار والصيد: أنا رأينا الصيد وماء الأنهار لا يجوز للإمام تمليك ذلك أحدا، ورأيناه لو ملك رجلا أرضا ميتة تم ملكه إياها بذلك، وكذلك لو احتاج الإمام إلى بيعها في نائبة للمسلمين جاز بيعه لها، ولا يجوز ذلك في ماء نهر ولا في صيد بر ولا بحر، فلما كان ذلك إلى الإمام في الأرضين؛ دل أن حكمها إليه وأنها في يده كسائر الأموال التي في يده للمسلمين لا رب لها بعينه، فلا يملكها أحد بأخذه إياها حتى يكون الإمام يملكها إياه على حسن النظر منه للمسلمين.
ولما كان الصيد والماء ليس إلى الإمام بيعها ولا تمليكها أحدا؛ كان الإمام فيها كسائر الناس، وكان ملكهما يجب بأخذهما دون الإمام، فثبت بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة لما وصفنا من الآثار والدلائل التي ذكرنا.


