الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5141 5142 5143 5144 ص: وذكروا في ذلك أيضا عمن بعد رسول الله -عليه السلام- من أصحابه ما حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، قال: ثنا عمر بن محمد ، عن نافع ، عن أسلم مولى عمر ، قال: "كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أمراء الأجناد أن لا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي".

                                                حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد ، قال: أنا أيوب ، وعبيد الله ، عن نافع ، عن أسلم ، عن عمر ، مثله.

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا وهب ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي حصين ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه: " ، أن عثمان -رضي الله عنه- أتي بغلام قد سرق فقال: انظروا اخضر مئزره؟ فإن اخضر فاقطعوه، وإن لم يكن اخضر فلا تقطعوه".

                                                [ ص: 202 ] [حدثنا يونس ، قال: ثنا ابن وهب ، قال: حدثني حرملة بن عمران التجيبي ، أن تميم بن فرع المهري ، حدثه: "أنه كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندرية في المرة الآخرة، فلم يقسم لي عمرو بن العاص من الفيء شيئا، وقال: غلام لم يحتلم، حتى كاد يكون بين قومي وبين ناس من قريش في ذلك ثائرة، فقال القوم: : فيكم ناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلوهم، فسألوا أبا بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني ، -رضي الله عنهما- صاحبي النبي -عليه السلام-، فقال: انظروا فإن كان أنبت الشعر فاقسموا له، فنظر إلي بعض القوم ، فإذا أنا قد أنبت فقسم لي".

                                                التالي السابق


                                                ش: أي ذكر هؤلاء القوم أيضا فيما ذهبوا إليه آثارا من الصحابة -رضي الله عنهم-.

                                                فمن ذلك: ما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب المدني نزيل عسقلان، عن نافع مولى عبد الله بن عمر، عن أسلم أبي زيد المدني مولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن أسلم مولى عمر: "أن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى عماله: لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه الموسى، ويختم في أعناقهم..." إلى آخره.

                                                وأخرج بهذا الإسناد أيضا: "أن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى عماله ينهاهم عن قتل النساء والصبيان، وأمرهم بقتل من جرت عليه الموسى".

                                                الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب السختياني وعبيد الله بن عمر، كلاهما عن نافع ، عن أسلم ... إلى آخره.

                                                [ ص: 203 ] وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن أسلم: "أن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى عماله أن لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان ولا تضربوها إلا على كل من جرت عليه المواسي".

                                                ومنها ما روي عن عثمان -رضي الله عنه-، وأخرجه عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير بن حازم ، عن شعبة بن الحجاج ، عن أبي حصين - بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين - عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي .

                                                عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه عبيد بن عمير بن قتادة بن سعد، ويقال: إن عبيد بن عمير رأى النبي -عليه السلام-.

                                                والأثر أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا وكيع عن سفيان ومسروق ، عن أبي حصين ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: "أتي عثمان -رضي الله عنه- بغلام قد سرق فقال: انظروا إلى مؤتزره هل أنبت".

                                                قوله: "انظروا اخضر مئزره" أي موضع إزاره أي عانته، والمئزر بكسر الميم هو الإزار.

                                                ومنها ما روي عن أبي بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني -رضي الله عنهما-.

                                                أخرجه عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن حرملة بن عمران بن قراد التجيبي المصري ونسبته إلى تجيب - بضم التاء المثناة من فوق، وكسر الميم - بطن من كندة بن ثور .

                                                وهو يروي عن تميم بن الفرع المهري المصري، وثقه ابن حبان، وذكره ابن يونس في العلماء المصريين وروى له الأثر المذكور، وقال: تميم بن الفرع المهري: حضر فتح الإسكندرية الثاني سنة خمس وعشرين، روى عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر وأبي بصرة، حدث عنه حرملة بن عمران التجيبي: حدثنا علي بن الحسن بن قديد،

                                                [ ص: 204 ] ثنا أحمد بن عمرو، أبنا ابن وهب، حدثني حرملة بن عمران التجيبي، أن تميم بن فرع المهري حدثه: "أنه كان في الجيش الذين فتحوا الإسكندرية في المرة الآخرة، قال: فلم يقسم لي عمرو بن العاص من الفيء شيئا وقال: غلام لم يحتلم. حتى كاد يكون بين قومي وبين ناس من قريش ثائرة في ذلك، فقال بعض القوم: فيكم ناس من أصحاب رسول الله -عليه السلام- فسلوهم، فسألوا أبا بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني صاحبي النبي -عليه السلام-] فقالا: انظروا فإن كان أنبت الشعر فاقسموا له، فنظر إلي بعض القوم، فإذا أنا قد أنبت، فقسم لي".

                                                قال أبو سعيد: لم نجد لتميم بن فرع غير هذا الحديث، وما علمت حدث عنه غير حرملة بن عمران .

                                                قوله: "ثائرة" أي فتنة حادثة وعداوة، وثأر الحرب وثائرتها: شرها وهيجها.

                                                قوله: "فسألوا أبا بصرة" بفتح الباء الموحدة وسكون الصاد المهملة، اسمه حميل - بضم الحاء المهملة وفتح الميم وهو الصواب - وقيل: جميل بالجيم - الغفاري الصحابي، نزل مصر وبها مات.




                                                الخدمات العلمية