الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5105 ص: وقد روي في استتابة المرتد وتركها عن جماعة من أصحاب رسول الله -عليه السلام-، فمن ذلك ما حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا عمرو بن عون ، قال: أنا هشيم ،

                                                [ ص: 163 ] عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، قال: حدثني أنس بن مالك ، قال: "لما فتحنا تستر ، بعثني أبو موسى إلى عمر بن الخطاب ، -رضي الله عنهما-، فلما قدمت عليه قال: ما فعل حجينة وأصحابه؟ وكانوا ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين فقتلهم المسلمون، فأخذت معه في حديث آخر، فقال: ما فعل النفر البكريون؟ ؟ قلت: يا أمير المؤمنين، إنهم ارتدوا ولحقوا بالمشركين فقتلوا، فقال عمر : -رضي الله عنه-: لأن يكون أخذتهم سلما أحب إلي من كذا وكذا، فقلت: يا أمير المؤمنين ما كان سبيلهم لو أخذتهم سلما إلا القتل؟! قوم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين، فقال: لو أخذتهم سلما لعرضت عليهم الباب الذي خرجوا منه؛ فإن رجعوا وإلا استودعتهم السجن".

                                                التالي السابق


                                                ش: لما ذكر اختلاف العلماء في استتابة المرتد وتركها ذكر ما روي في الخلاف أيضا من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم-.

                                                فمن ذلك: ما أخرجه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن عمرو بن عون بن أوس الواسطي البزاز شيخ البخاري في غير الصحيح، عن هشيم بن بشير ، عن داود بن أبي هند دينار البصري ، عن عامر الشعبي ، عن أنس بن مالك .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن داود بن [أبي] هند، قال: ثنا عامر، أن أنس بن مالك حدثه: "أن نفرا من بكر بن وائل ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين فقتلوا في القتال، فلما أتيت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بفتح تستر قال: ما فعل النفر من بكر بن وائل؟ قال: فعرضت في حديث آخر لأشغله عن ذكرهم، قال: ما فعل النفر من بكر بن وائل؟ قال: قلت: قتلوا يا أمير المؤمنين، قال: لو كنت أخذتهم سلما كان أحب

                                                [ ص: 164 ] إلي مما طلعت عليه الشمس من صفراء وبيضاء، قال: قلت: يا أمير المؤمنين وما كان سبيلهم لو أخذتهم إلا القتل؟! قوم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالشرك؟ قال: كنت أعرض أن يدخلوا في الباب الذي خرجوا منه، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم، وإن أبوا استودعتهم السجن".

                                                قوله: "لما فتحنا تستر" بضم التاء المثناة من فوق وسكون السين المهملة وفتح التاء الثانية وفي آخرها راء مهملة، وتسميها العامة ششتر - بالشينين المعجمتين - وهي مدينة من كور الأهواز وبها قبر البراء بن مالك -رضي الله عنه-، وفتحت تستر في سنة سبع عشرة من الهجرة - في قول سيف - وقال غيره: في سنة تسع عشرة.

                                                قوله: "ما فعل حجينة" [..........].

                                                قوله: "ما فعل النفر البكريون" أراد بهم النفر الذين كانوا من بكر بن وائل.

                                                واحتج به من قال: إن المرتد يستتاب أبدا ولا يقتل.




                                                الخدمات العلمية