الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6202 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن حديث جابر -رضي الله عنه- قد روي على غير هذا اللفظ:

                                                حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش ، قال: ثنا الحجاج بن منهال قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله: "أن رجلا ذبح قبل أن يصلي

                                                [ ص: 511 ] النبي -عليه السلام- عتودا جذعا، . فقال رسول الله -عليه السلام-: لا تجزئ عن أحد بعدك ونهى أن يذبحوا قبل أن يصلي".


                                                ففي هذا الحديث أن النهي من النبي -عليه السلام- إنما قصد به إلى النهي عن الذبح قبل الصلاة لا قبل ذبحه هو، فلا يجوز أن ينهاهم عن الذبح قبل أن يصلي إلا وهو يريد بذلك إعلامهم إباحة الذبح لهم بعدما يصلي، وإلا لم يكن لذكره الصلاة معنى.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وكان من الدليل والبرهان للآخرين فيما ذهبوا إليه من جواز النحر قبل الإمام إذا كان بعد صلاته حديث جابر بن عبد الله الذي روي على غير اللفظ الذي احتج به أهل المقالة الأولى.

                                                بيان ذلك: أنه -عليه السلام- نهى في هذا الحديث الذي أخرجه بإسناد صحيح عن عبد الله بن محمد ... إلى آخره.

                                                وأخرجه أحمد أيضا: ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة ، ثنا أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله: "أن رجلا ذبح قبل أن يصلي النبي -عليه السلام- عتودا جذعا، فقال رسول الله -عليه السلام-: لا تجزئ عن أحد بعدك ونهى أن يذبحوا حتى يصلوا".

                                                فنهى عن الذبح قبل الصلاة لا قبل الذبح، إذ لو كان قصده النهي عن الذبح قبل أن يذبح هو لم يكن لذكره الصلاة معنى.

                                                قوله: "عتودا" بفتح العين المهملة وضم التاء المثناة من فوق المخففة وهو الصغير من أولاد المعز إذا قوي ورعى وأتى عليه حول ويجمع على أعتدة وعدان، وأصله: عتدان، فأدغم.

                                                قوله: "جذعا" صفة للعتود أراد به عتودا شابا قويا، والجذع: ما كان من الدواب شابا فتيا، وهو في الإبل ما دخل في السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية وقيل: البقر في الثالثة، ومن الضأن ما تمت له سنة، وقيل: أقل

                                                [ ص: 512 ] منها، ومنهم من يخالف بعض هذا التقدير، وقال أبو عمر: "العناق والعتود والجفرة لا تكون إلا من ولد المعز خاصة، ولا تكون من ولد الضأن، وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل اللغة، وفيها قال -عليه السلام- لأبي بردة: "لا تجزئ عن أحد بعدك" وهو أمر مجتمع عليه عند العلماء؛ أن الجذع من المعز لا يجزئ اليوم عن أحد؛ لأن أبا بردة خص بذلك.

                                                وقال أهل اللغة: الجفر والجفرة والعريض والعتود أسماء كلها تقع على الجدي خاصة والجدي الذكر، والأنثى: عناق من أولاد المعز خاصة، والجفرة منها ما كان يرضع وينال من الكلأ، فيجتمع فيه الرضع والكلأ.

                                                واختلف في سن الجذع من الضأن فقيل: سبعة أشهر أو ثمانية أشهر، وقيل: ابن عشرة أشهر، وقيل: ما بين الستة أشهر إلى عشرة أشهر، وقيل: ما بين ثمانية أشهر إلى السنة، وأول سن يقع من البهائم فهو جذع، والسن الثانية إذا وقعت فهو ثني، والسن الثالثة إذا وقعت فهو رباع، فإذا استوت أسنانه فهو قارح من ذوات الحافر، ومن الإبل بازل، ومن الغنم ضالع.

                                                قالوا: وأما أولاد الضأن فهو الخروف والبذج والحمل، ويقال له: رخل، فإذا أتى عليه الحول فالذكر كبش والأنثى نعجة وضانية، وإذا أتى على ولد المعز الحول فالذكر تيس والأنثى عنز، والسخلة والبهمة يقال في أولادهما جميعا.

                                                قلت: العريض - بفتح العين وكسر الراء المهملتين وفي آخره ضاد معجمة - وهو الذي أتى عليه من المعز سنة، وتناول الشجرة والنبت بعرض شدقه، ويجمع على عرضان.

                                                و: "البذج" - بفتح الباء الموحدة والذال المعجمة وفي آخره جيم - قال الجوهري: هو من أولاد الضأن بمنزلة العتود من أولاد المعز وجمعه بذجان.

                                                [ ص: 513 ] "والرخل" - بكسر الراء والخاء المعجمة وفي آخره لام - قال الجوهري: الرخل الأنثى من أولاد الضأن والذكر حمل والجمع: رخل ورخال أيضا بالضم، وقال غيره: رخلان أيضا بالكسر والضم.




                                                الخدمات العلمية