5353 ص: فإن قال قائل: فما معنى اختصاص النبي -عليه السلام- بني هاشم بالنهي عن إنزاء الحمر على الخيل؟
قيل له: لما حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا أبو عمر الحوضي ، قال: ثنا مرجى بن رجاء، قال: ثنا أبو جهضم ، قال: حدثني عبد الله بن عبيد الله ، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: " ما اختصنا رسول الله -عليه السلام- إلا بثلاث: أن لا نأكل الصدقة، وأن نسبغ الوضوء، وأن لا ننزي حمارا على فرس. . قال: فلقيت عبد الله بن الحسن وهو
[ ص: 486 ] يطوف بالبيت ، فحدثته فقال: صدق، كانت الخيل قليلة في بني هاشم ، فأحب أن تكثر فيهم".
فبين عبد الله بن الحسن بتفسيره هذا المعنى الذي اختص له رسول الله -عليه السلام- بني هاشم أن لا ينزوا حمارا على فرس، وأنه لم يكن للتحريم وإنما كان لعلة قلة الخيل فيهم، فإذا ارتفعت تلك العلة وكثرت الخيل في أيديهم صاروا في ذلك كغيرهم، وفي اختصاص النبي -عليه السلام- إياهم بالنهي عن ذلك دليل على إباحته إياه لغيرهم، ولما كان النبي -عليه السلام- قد جعل في ارتباط الخيل ما ذكرنا من الثواب والأجر، وسئل عن ارتباط الحمير فلم يجعل في ارتباطها شيئا، فالبغال التي هي خلاف الخيل مثلها؛ كان من ترك أن ينتج ما في ارتباطه وكسبه الثواب وأنتج ما لا ثواب في ارتباطه وكسبه من الذين لا يعلمون.
فقد ثبت بما ذكرنا إباحة نتج البغال لبني هاشم ولغيرهم، وإن كان نتج الخيل أفضل من ذلك.
وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن - رحمهم الله -.


