الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها :

أنه [في ] يوم السبت لإحدى عشرة خلت من صفر جلس القاهر بالله في الميدان وأحضر رجلا قطع الطريق في دجلة ، فضرب بحضرته ألف سوط ، ثم ضربت عنقه ، وضرب جماعة من أصحابه وقطعت أيديهم وأرجلهم .

وفي يوم الخميس لسبع بقين من صفر خلع القاهر بالله على الوزير أبي علي ابن مقلة وكناه ، وكتب إليه : يا أبا علي أدام الله إمتاعي بك ، محلك عندي جليل ، ومكانك من قلبي مكان مكين ، وأنا حامد لمذهبك ، مرتض لأفعالك ، عارف بنصيحتك ، ولم أجد مع قصور الأحوال مما أضمره لك ما يزيد في محلك وكمال سرورك غير تشريفك بالكنية ، وأنا أسأل الله عونا على ما أحبه لك .

وفي جمادى الآخرة وقع الإرجاف بأن الأمير علي بن يلبق ، والحسن بن هارون كاتبه قد عملا على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر ، فاضطربت العامة [من ذلك ] .

وتقدم علي بن يلبق حاجب القاهر بالقبض على أبي محمد البربهاري رئيس [ ص: 317 ] الحنابلة ، فهرب واستتر ، وقبض على أصحابه وأحدروا إلى البصرة . ثم خالف علي بن يلبق من القاهر [إلى أن فتش لبنا قد اشتري ] مخافة أن يكون فيه رقعة ، وطالب علي بن يلبق القاهر بأن يسلم إليه كل محبوس عنده من والدة المقتدر وغيرها ، فسلمهم إليه ونقلهم إلى داره ، واجتمع ابن مقلة وعلي بن يلبق على منع القاهر أرزاق حشمه ، وأكثر ما كان يقام له ، فطالبه ابن يلبق أن يسلم إليه ما بقي في يده من الفرش وأمتعة والدة المقتدر ، فسلم ذلك وبيع ، ومكثت والدة المقتدر عند والدة علي بن يلبق مكرمة عشرة أيام وتوفيت . ولما تمكن التضييق من القاهر علم فساد نية طريف السبكري وبشرى ليلبق وابنه علي ومنافستهما لهما على المراتب ، فكاتبهما وراسل قوما من الجند ، وضمن لهم زيادة العطاء ، وحرضهما على مؤنس ويلبق ، وبلغ أبا علي ابن مقلة أن القاهر قد جد في التدبير [عليه وعلى مؤنس ويلبق وابنه ، فحذرهم وحملهم على الجد في التدبير ] على القاهر وخلعه من الخلافة ، ثم عقدوا الأمر سرا لأبي أحمد بن المكتفي ، ودبروا على القبض على القاهر [فأحس القاهر ] فاحتال عليهم حتى قبض على يلبق ومؤنس ، واستتر [علي بن يلبق وأبو علي ] ابن مقلة ، فوجه القاهر إلى أبي جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله ، فاستحضره في يوم الأحد مستهل شعبان ، فقلده وزارته وخلع عليه من الغد ، وطرحت النار في دار [أبي ] علي ابن مقلة ووقع النهب ببغداد ، وقبض على أبي أحمد بن المكتفي ، وأقيم في باب وسد عليه بالآجر والجص وهو حي ، ثم وقع علي بن يلبق [وأبوه ] فأقر بعشرة آلاف دينار ، ثم قتل مؤنس وعلي ابن يلبق وأبوه . واستقامت الأمور للقاهر ، وتقدم بالمنع من القيان والخمر والنبيذ [ ص: 318 ] ومنع أصحاب الناطف أن يعيروا قدورهم لمن يطبخ فيها التمر والزبيب للأنبذة ، وقبض على المغنين من الرجال والنساء والحرائر والإماء ، وقبض على جماعة من الجواري المغنيات ، وتقدم ببيعهن في النخاسين على أنهن سواذج .

التالي السابق


الخدمات العلمية