الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2279 - إبراهيم بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مطرف بن محمد بن علي ، أبو إسحاق الاستراباذي : [ ص: 292 ]

سمع من أبي خليفة ، وأبي يعلى الموصلي وغيرهما . وكان ثقة فقيها فاضلا ثبتا .

وتوفي في هذه السنة وهو شاب .

2280 - أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان ، أبو جعفر التنوخي :

أنباري الأصل ، ولد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين ، وسمع أباه ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري ، ومؤمل بن إهاب ، وأبا سعيد الأشج ، وأبا هشام الرفاعي ، وخلقا كثيرا ، وكان عنده عن أبي كريب حديث واحد . روى عنه الدارقطني وغيره . وكان ثقة فقيها على مذهب أبي حنيفة ، قيما بالنحو على مذهب الكوفيين ، فصيح العبارة ، كثير الحفظ للشعر القديم والحديث والسير والتفسير ، وكان شاعرا فصيحا لسنا ورعا متخشنا في القضاء ، بيته بيت العلم حمل الناس العلم عن أبيه وجده ، وعنه ، وعن ابنه [محمد ] ، وعن ابن أخيه داود بن الهيثم بن إسحاق .

ولي أبو جعفر قضاء الأنبار وهيت وطريق الفرات من قبل الموفق بالله في سنة ست وسبعين ومائتين ، ثم تقلده للمعتضد ، ثم تقلد بعض كور الجبل [للمكتفي ] في سنة اثنتين وتسعين ومائتين ، ولم يخرج إليها ، ثم قلده المقتدر في سنة ست وتسعين [ومائتين ] بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور وطسوجى قطربل ومسكن والأنبار وطريق الفرات وهيت ، ثم أضاف إليه بعد سنين القضاء بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها وكيع ، وما زال على هذه الأعمال حتى صرف عنها في سنة سبع عشرة وثلاثمائة .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [القزاز ] ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، [ ص: 293 ] أخبرنا علي بن أبي علي ، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق ، قال : حدثني القاضي أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر بن البهلول ، قال : كنت مع أبي في جنازة وإلى جانبه [أبو جعفر ] الطبري ، فأخذ أبي [يعظ ] صاحب المصيبة [ويسليه ] وينشده أشعارا ، ويروي له أخبارا ، فداخله الطبري في ذلك [وذنب معه ] ، ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة وخرجا إلى فنون كثيرة من الآداب والعلم استحسنها الحاضرون ، وتعالى النهار وافترقنا ، فقال لي أبي : يا بني تعرف هذا الشيخ الذي داخلنا اليوم في المذاكرة من هو ؟ فقلت : هذا أبو جعفر [محمد بن جرير ] الطبري ، فقال : إنا لله ، ما أحسنت عشرتي يا بني ، فقلت : كيف ؟ قال : ألا قلت لي فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة ، هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في صنوف العلم ، وما ذاكرته بحسنها ، قال : ومضت على هذا مدة فحضرنا في جنازة أخرى ، فإذا بالطبري ، فقلت له أيها القاضي هذا الطبري قد جاء ، فأومأ إليه بالجلوس عنده ، فجلس إلى جنبه وأخذ أبي [يجاريه ] فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري منها أبياتا ، فيقول له أبي ، هاتها يا أبا جعفر إلى آخرها ، فيتلعثم الطبري ، فينشدها [أبي ] إلى آخرها وكل ما ذكر شيئا من السير قال أبي : هذا كان في قصة فلان ويوم بني فلان ، مر فيه يا أبا جعفر فربما مر وربما تلعثم فمر أبي في جميعه ، فما سكت أبي يومه ذلك إلى الظهر وقد بان للحاضرين تقصير الطبري عنه ، ثم قمنا فقال لي أبي : الآن شفيت صدري .

أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز ، قال : أنبأنا علي بن [أبي ] علي التنوخي ، عن [ ص: 294 ] أبيه ، قال : حدثني القاضي أبو الحسين [علي بن ] محمد بن أبي جعفر بن البهلول ، قال : طلبت السيدة أم المقتدر بالله من جدي كتاب وقف بضيعة كانت ابتاعتها ، وكان كتاب الوقف [مخزونا ] في ديوان القضاء ، وأرادت أخذه لتحرقه وتتملك الوقف ، ولم يعلم الجد بذلك ، فحمله إلى الدار ، وقال للقهرمانة : قد أحضرت الكتاب فأيش ترسم ؟ فقالوا نريد أن يكون عندنا ، فأحسن بالأمر ، فقال لأم موسى القهرمانة : تقولين [لأم المقتدر ] السيدة : اتقي الله هذا والله ما لا طريق إليه أبدا أنا خازن المسلمين على ديوان الحكم ، فإن مكنتموني من خزنه كما يجب وإلا فاصرفوني وتسلموا الديوان دفعة واحدة ، فاعملوا فيه ما شئتم ، وأما أن يفعل شيء من هذا على يدي فوالله لا كان ذلك أبدا ولو عرضت على السيف ، ونهض والكتاب معه ، [وجاء إلى طياره وهو لا يشك في الصرف ، فصعد إلى ابن الفرات ] وحدثه بالحديث ، فقال [له : ] ألا دافعت عن الجواب وعرفتني حتى أكتب [وأملي ] في ذلك ، والآن أنت مصروف فلا حيلة لي مع السيدة في أمرك ، قال : وأدت القهرمانة الرسالة إلى السيدة ، فشكت إلى المقتدر ، [فلما كان يوم الموكب خاطبه المقتدر ] شفاها في ذلك فكشف له الصورة ، وقال له مثل ذلك القول والاستعفاء ، فقال له المقتدر : مثلك يا أحمد من قلد القضاء ؟ أقم على ما أنت عليه : بارك الله فيك ولا تخف أن ينثلم محلك عندنا ، قال : فلما عاودت السيدة قال لها المقتدر الأحكام ما لا طريق إلى اللعب به ، وابن البهلول [ ص: 295 ] مأمون علينا محب لدولتنا ، ولو كان هذا شيئا يجوز لما منعتك إياه ، فقالت السيدة : كان هذا لا يجوز ؟ فقال لها : لا هذه حيلة من أرباب الوقف على بيعه وأعلمها كاتبها ابن [عبد ] الحميد شرح الأمر وأن الشراء لا يصح بتخريق كتاب الوقف ، وأن هذا لا يحل ، فارتجعت المال ، وفسخت الشراء وعادت تشكر جدي وانقلب ذلك أمرا جميلا عندهم ، فقال جدي بعد ذلك : من قدم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرهم .

توفي أبو جعفر بن البهلول في ربيع الآخر من هذه السنة .

2281 - إسماعيل بن سعدان بن يزيد ، أبو معمر البزاز .

سمع خلقا كثيرا ، وروى عنه ابن المظفر الحافظ ، وكان ثقة .

وتوفي في [شهر ] جمادى الآخرة من هذه السنة .

2282 - إسحاق بن محمد بن مروان ، أبو العباس الغزال :

كوفي حدث عن أبيه ، روى عنه ابن المظفر ، وقال الدارقطني : لا يحتج بحديثه .

توفي في هذه السنة .

2283 - جعفر بن محمد بن يعقوب ، أبو الفضل الصندلي :

سمع من علي بن حرب وغيره ، روى عنه ابن حيوية ، والقواس . وكان ثقة صالحا دينا ، سكن باب الشعير ، وكان يقال : إنه من الأبدال . توفي في صفر هذه السنة . [ ص: 296 ]

2284 - عبد الله بن أحمد بن عتاب ، أبو محمد العبدي :

حدث عن أحمد بن منصور الرمادي . روى عنه ابن حيوية ، وابن شاهين ، وكان ثقة . توفي في محرم هذه السنة .

2285 - عبد الله بن جعفر [بن أحمد ] بن خشيش ، أبو العباس الصيرفي :

سمع يعقوب الدورقي . روى عنه الدارقطني ، وقال : هو ثقة .

توفي في جمادى الأولى من هذه السنة .

2286 - عبد الملك بن أحمد بن نصر بن سعيد ، أبو الحسين الخياط :

سمع يعقوب الدورقي ، ومحمود بن خداش ، ويونس بن عبد الأعلى ، والربيع بن سليمان المصريين . روى عنه إسماعيل الخطبي ، وابن شاهين . وكان ثقة .

توفي في [شهر ] رجب من هذه السنة .

2287 - عبد الواحد بن محمد بن المهتدي بالله ، أبو أحمد الهاشمي :

سمع يحيى بن أبي طالب . روى عنه الدارقطني ، وابن شاهين وكان ] راهب بني هاشم صلاحا ودينا وورعا . توفي في ذي الحجة من هذه السنة . [ ص: 297 ]

2288 - محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع بن مالك ، أبو الطيب اللخمي الكوفي :

ولد سنة أربعين ومائتين ، وسكن بغداد ، وحدث بها عن أبي سعيد الأشج وغيره . روى عنه ابن المظفر ، وابن شاذان ، وابن شاهين ، والكتاني . وكان ثقة يفهم ، وقد روى ابن عقدة عن الحضرمي أنه قال : هو كذاب ، وهذا ليس بصحيح .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت ] ، قال : حدثني الصوري ، قال : أخبرنا أبو طاهر بن محمد بن الحسين المعدل ، حدثنا أبو الحسن بن سفيان الحافظ ، قال : كان [محمد ] بن الحسين اللخمي ثقة صاحب مذهب حسن وجماعة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، وكان ممن يطلب للشهادة فيأبى ذلك .

وتوفي في هذه السنة و [قد ] قيل توفي سنة عشر وثلاثمائة .

2289 - محمد بن الحسين بن سعيد بن أبان ، أبو جعفر الهمذاني ويعرف بالطنان :

قدم بغداد وحدث بها عن أحمد بن محمد بن رشدين المصري ، روى عنه الدارقطني ، وقال : هو ثقة ، وقال بعض الحفاظ : ليس بالمرضي .

[توفي في هذه السنة ] . [ ص: 298 ]

2290 - يحيى بن محمد بن صاعد ، أبو محمد مولى أبي جعفر المنصور :

ولد سنة ثمان وعشرين ومائتين ، ورحل في طلب الحديث إلى البلاد ، وكتب ، وحفظ ، وسمع لوينا ، وأحمد بن منيع ، وبندارا ، ومحمد بن المثنى ، والبخاري ، وخلقا كثيرا ، وأول ما كتب الحديث عن الحسن بن عيسى بن ماسرجس سنة تسع وثلاثين ، روى عنه من الأكابر عبد الله بن محمد البغوي والجعابي ، وابن المظفر ، وابن حيوية ، والدارقطني ، وابن شاهين . وكان ثقة مأمونا ، من كبار حفاظ الحديث ، وممن عني به ، وله تصانيف في السنن تدل على فقهه [وفهمه ] .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت ، قال : حدثني القاضي أبو بكر محمد بن عمر الداودي ، قال : سمعت شيخا من أصحاب الحديث حسن الهيئة لا أحفظ اسمه يقول : حضر رجل عند يحيى بن صاعد ليقرأ عليه شيئا من حديثه ، وكان معه جزء عن أبي القاسم البغوي عن جماعة من شيوخه ، فغلط فقرأه على ابن صاعد وهو مصغ إلى سماعه ، ثم قال له بعد : أيها الشيخ إني غلطت بقراءة هذا الجزء عليك وليس هو من حديثك ، إنما هو من حديث أبي القاسم البغوي ، فقال له يحيى : ما قرأته علي هو سماعي من الشيوخ الذين قرأته عنهم ، ثم قام فأخرج أصوله وأراه كل حديث قرأه على الشيخ الذي هو مكتوب في الجزء عنه .

توفي يحيى في ذي القعدة من هذه السنة ، وله تسعون سنة ، ودفن في باب الكوفة . [ ص: 299 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية