الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2257 - إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ، أبو إسحاق المعمري الكوفي :

حدث عن أبي كريب ، والحسن بن عرفة ، وغيرهما وكان أحد الشهود ، وأحد الوجوه ، وبلغ سنا عالية ، ثم توفي ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة .

2258 - بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد ، أبو الحسن الزاهد .

ويعرف : بالحمال ، سمع الحسن بن عرفة وغيره . وكان ثقة زاهدا متعبدا ، وسكن مصر ، وكانت له منزلة عند الخاصة والعامة ، وكان لا يقبل من السلطان شيئا ، وكانوا يضربون بعبادته المثل .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر الخطيب ، حدثنا أبو نعيم الحافظ ، قال : سمعت محمد بن الحسين بن موسى ، يقول : سمعت الحسن بن أحمد [ ص: 274 ] الرازي ، يقول : سمعت أبا علي الروذباري ، يقول : كان سبب دخولي مصر حكاية بنان ، وذاك أنه أمر ابن طولون بالمعروف فأمر أن يلقى بين يدي السبع ، فجعل السبع يشمه ولا يضره ، فلما أخرج من بين يدي السبع قيل له : ما الذي كان في قلبك حيث شمك السبع ، قال : كنت أتفكر في سؤر السباع ولعابها .

أخبرنا القزاز ، أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي ، قال : أخبرني عبد الملك بن إبراهيم القشيري ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الأردني ، حدثنا عمر بن محمد بن عراك : أن رجلا كان له على رجل مائة دينار بوثيقة إلى أجل ، فلما جاء الأجل طلب الوثيقة فلم يجدها ، فجاء إلى بنان فسأله الدعاء ، فقال له : أنا رجل قد كبرت ، وأنا أحب الحلوى ، فاذهب فاشتر لي رطل معقود وجئني به حتى أدعو لك ، فذهب فاشترى له ما قال ، ثم جاء به فقال له بنان : افتح القرطاس ، ففتح الرجل القرطاس ، فإذا هو بالوثيقة ، فقال لبنان : هذه وثيقتي ، فقال : خذ وثيقتك ، وخذ المعقود وأطعمه صبيانك ، فأخذه ومضى .

توفي بنان بمصر في رمضان هذه السنة ، وخرج في جنازته أكثر أهل البلد .

2259 - داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان ، أبو سعد التنوخي الأنباري :

سمع جده إسحاق ، وعمر بن شبة ، روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان فصيحا نحويا لغويا حسن العلم بالعروض واستخراج المعمى ، وصنف كتبا في اللغة والنحو ، على مذهب الكوفيين ، وله كتاب كبير في خلق الإنسان ، وكان أخذ عن يعقوب بن السكيت وثعلب ، وكان يقول الشعر الجيد .

ولد بالأنبار ، وتوفي بها في هذه السنة ، وله ثمان وثمانون سنة .

[ ص: 275 ]

2260 - الزبير بن محمد بن أحمد بن سعيد ، أبو عبد الله الحافظ .

سمع عباسا الدوري ، وعبد الله بن أبي سعد الوراق روى عنه الطبراني ، وابن شاهين . وكان ثقة . وتوفي في هذه السنة .

2261 - عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، أبو بكر بن أبي داود [السجستاني .

محدث العراق وابن إمامها في عصره ، ولد سنة ثلاثين ومائتين ، وحدثه أبوه ، وطوف به شرقا وغربا ، وسمعه من علماء الوقت ، وصنف الكتب ، وكان عالما فهما من كبار الحفاظ ، نصب له السلطان منبرا فحدث عليه ، وكان في وقته مشايخ علماء لكنهم لم يبلغوا في الإتقان ما بلغ ، وكان عيسى بن علي بن عيسى الوزير يحدث في داره ، فيقول : حدثنا البغوي في ذلك الموضع ، ويشير إلى بقعة في الدار ، وحدثنا ابن صاعد ويشير إلى بقعة ، فيقول : في ذلك المكان ، فيذكر جماعة ، ويشير إلى مواضعهم ، فقيل له : ما لك لا تذكر ابن أبي داود ؟ فقال : ليته إذا مضينا إلى داره كان يأذن لنا في الدخول .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : حدثني أبو القاسم الأزهري ، قال سمعت أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، يقول : خرج أبو بكر بن أبي داود إلى سجستان في أيام عمرو بن الليث ، فاجتمع إليه أصحاب الحديث ، وسألوه أن يحدثهم فأبى ، وقال : ليس معي كتاب ، فقالوا له : ابن أبي داود وكتاب ؟ قال : [ ص: 276 ]

فأثاروني ، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي ، فلما قدمت بغداد قال البغداديون : مضى ابن أبي داود إلى سجستان ، ولعب بالناس ثم فيجوا فيجا اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة ، فكتبت ، وجيء بها إلىبغداد ، وعرضت على الحفاظ ، فخطئوني في ستة أحاديث منها ثلاثة أحاديث حدثت بها كما حدثت ، وثلاثة أحاديث أخطأت فيها .

أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب ، أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي ، قال : سمعت طلحة بن محمد بن جعفر ، يقول : سمعت أبا بكر بن أبي داود ، يقول : مررت يوما بباب الطاق فإذا رجل يعبر الرؤيا ، فمر به رجل فأعطاه قطعة ، وقال له : رأيت البارحة كأني أطالب بصداق امرأة ولم أتزوج قط ، فرد عليه القطعة وقال : ليس لهذه جواب ، فتقدمت إليه فقلت له : خذ منه القطعة حتى أفسر لك ، فأخذ القطعة فقلت للرجل : أنت تطالب بخراج أرض ليست لك ، فقال : هو ذا والله ، معي العون .

توفي أبو بكر يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجة من هذه السنة ، وهو ابن ست وثمانين سنة وستة أشهر وأيام ، وصلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف ، ثم صار الواصلون يصلون عليه حتى صلي عليه ثمانين مرة حتى أنفذ المقتدر بنازوك ، فخلص جنازته ودفن في مقابر باب البستان ، وخلف له ثلاثة بنين وثلاث بنات .

2262 - محمد بن إسحاق ، أبو العباس الصيرفي ، الشاهد :

حكى عن الزبير بن بكار . وتوفي في شوال هذه السنة .

2263 - محمد بن جعفر بن محمد بن المهلب ، أبو الطيب الديباجي :

سمع يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، والحسن بن عرفة وغيرهما . روى عنه أبو بكر [ ص: 277 ] الشافعي ، وابن المظفر الحافظ . [وكان ثقة ومات في هذه السنة ] .

2264 - محمد بن جعفر بن حمكويه ، أبو العباس الرازي :

قدم بغداد وحدث بها عن أبي حاتم الرازي ، ويحيى بن معاذ حكايات ، روى عنه أبو حفص الكتاني وغيره .

2265 - محمد بن جعفر ، أبو بكر العطار النحوي :

من أهل المخرم ، حدث عن الحسن بن عرفة ، وعباس الدوري . روى عنه محمد بن المظفر ، وعلي بن عمر الدارقطني .

2266 - محمد بن جعفر بن حمدان ، أبو الحسن القماطري :

حدث عن أبي عتبة أحمد بن الفرج الحمصي وغيره . روى عنه ابن المظفر ، والدارقطني .

2267 - محمد بن السري ، أبو بكر النحوي ، المعروف بابن السراج

كان أحد العلماء المذكورين بالأدب وعلم العربية ، وصحب المبرد . وروى عنه السيرافي والرماني ، وكان ثقة .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا الخطيب ، أخبرنا علي بن أبي علي ، عن علي بن عيسى بن علي النحوي ، قال : كان أبو بكر ابن السراج يقرأ عليه كتاب الأصول الذي صنفه ، فمر فيه باب فاستحسنه بعض الحاضرين ، فقال : هذا والله أحسن من [ ص: 278 ] كتاب المقتضب ، فأنكر عليه أبو بكر ذلك ، وقال : لا تقل هذا وتمثل ببيت ، وكان كثيرا ما يتمثل في ما يجري له من الأمور بأبيات حسنة فأنشد حينئذ :


ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا بكاها فقلت الفضل للمتقدم



قال : وحضر في يوم من الأيام بني له صغير ، فأظهر من الميل إليه والمحبة له فأكثر ، فقال له بعض الحاضرين : أتحبه ، فقال متمثلا :


أحبه حب الشحيح ماله     قد كان ذاق الفقر ثم ناله



توفي في ذي الحجة من هذه السنة .

2268 - نصر الحاجب :

حجب المقتدر بالله ، وتقدم عنده ، وكان دينا عاقلا ، وخرج إلى لقاء القرامطة محتسبا فأنفق من ماله مائة ألف دينار إلى ما أعطاه السلطان ، فاعتل في الطريق .

ومات في هذه السنة ، فحمل إلى بغداد في تابوت .

[ ص: 279 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية