الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2304 - أحمد بن عمير بن جوصاء ، أبو الحسن الدمشقي :

كتب عنه ، وتوفي في دمشق هذه السنة . [ ص: 307 ]

2305 - إبراهيم بن محمد بن علي بن بطحاء بن علي بن مقلة ، أبو إسحاق التميمي :

روى عن علي بن حرب الطائي ، وعباس الدوري ، وكان ثقة فاضلا ، وذكر أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي ، قال : مر إبراهيم بن بطحاء وإليه الحسبة بجانبي بغداد بباب قاضي القضاة أبي عمر ، فرأى الخصوم جلوسا على بابه ينتظرون جلوسه للنظر بينهم ، وقد تعالى النهار ، وهجرت الشمس ، فوقف واستدعى حاجبه ، وقال : تقول لقاضي القضاة الخصوم جلوس بالباب قد بلغتهم الشمس وتأذوا بالانتظار فإما جلست لهم ، أو عرفتهم عذرك لينصرفوا ويعودوا .

2306 - إسماعيل بن عباد بن القاسم بن عباد أبو علي القطان :

حدث عن علي بن حرب وغيره روى عنه ابن شاهين .

وتوفي في رمضان هذه السنة .

2307 - إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي :

حدث عن أبي داود السجستاني وغيره . روى عنه المعافى بن زكريا ، وكان ثقة .

وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة .

2308 - ابن سليمان بن نصر بن منصور المري :

يروي عن أبيه ، وعن ربعي بن مخلد . توفي بالأندلس في هذه السنة . [ ص: 308 ]

2309 - بكير الشراك :

أحد شيوخ الصوفية ، كان ينزل بالشونيزية .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر ابن ثابت ، أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، أخبرنا محمد بن الحسين السلمي ، قال : [سمعت الحسين بن أحمد ، يقول : ] بكير الشراك لم أر في مشايخ الصوفية أحسن لزوما للفقر منه .

مات سنة عشرين وثلاثمائة .

2310 - جعفر المقتدر بالله أمير المؤمنين :

كان قد بلغ إلى مؤنس أن المقتدر قد دبر عليه حتى يقبض عليه ، فغضب وأصعد إلى الموصل ، ووجه رسولا ، فأخذ الرسول وضرب ، ووقع الوزير الحسين بن القاسم بقبض أملاك مؤنس ، وملك مؤنس الموصل ، ثم أقبل إلى بغداد ، فلما بلغ الجند خبره شغبوا على المقتدر فأطلق لهم مالا كثيرا ، وخرج إلى حربه ، فجعل الجند يتسللون إلى مؤنس ، ثم نادوا باسم مؤنس ، فأتى مؤنس عكبرا وضرب المقتدر مضربه بباب الشماسية ، وركب يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال فمر في الشارع يريد مضربه ، وعليه قباء فضي مصمت و [عليه ] عمامة سوداء ، والبردة على كتفيه ، وبين يديه أعلام الملك وألويته ، وحوله جماعة من الأنصار بأيديهم المصاحف ، وكثر دعاء الناس له ، ثم جرت الحرب ، ووافى البربر من أصحاب مؤنس ، فأحاطوا بالمقتدر وضربه رجل [ ص: 309 ] منهم من خلفه ضربة سقط منها إلى الأرض ، فقال : أنا الخليفة ، فقال البربري : لك أطلب ، وأضجعه فذبحه بالسيف ، ورفع رأس المقتدر على سيف ، ثم على خشبة ، وسلب ثيابه حتى مر به بعض الأكرة ، فستره بحشيش ثم حفر له في الموضع ، ودفنت جثته دون رأسه ، وذلك برقة الشماسية مما يلي قرية يحيى ، وكان المقتدر قد أتلف نيفا وسبعين ألف ألف دينار ، وذلك أكثر مما جمعه هارون الرشيد ، وحمل رأسه إلى مؤنس ، وكان سنه يومئذ ثمانيا وثلاثين سنة وشهرا وخمسة أيام ، وكان قتله في الساعة الرابعة يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال هذه السنة ، وكانت خلافته أربعا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما ، من جملتها يومان وثلاث ليال خلع فيها من الخلافة ثم أعيد .

قال أبو بكر الصولي : عاش المقتدر في الخلافة أكثر مما عاش الخلفاء قبله ، فإن المعمرين من الخلفاء [قبله ] معاوية ، وعبد الملك ، وهشام ، والمنصور ، والرشيد ، والمأمون ، والمعتمد ، وزاد هو عليهم ، ثم كلهم ماتوا على فرشهم ، وختم له بالشهادة .

ومن العجائب أنه لم يل الخلافة من اسمه جعفر ويكنى أبا الفضل إلا هو ، والمتوكل . وقتل هو يوم الأربعاء ، والمتوكل ليلة الأربعاء .

2311 - الحسن بن الربيع ، أبو علي البجلي :

من أهل الكوفة . سمع حماد بن زيد ، وابن المبارك ، وابن إدريس وغيرهم . [ ص: 310 ]

روى عنه عباس الدوري وغيره وحنبل . وكان ثقة صالحا ، متعبدا ، يبيع البواري .

2312 - الحسن بن محمد بن عمر بن جعفر بن سنان ، أبو علي النيسابوري :

حدث عن جماعة . وروى عنه يوسف القواس ، وكان ثقة . توفي في هذه السنة .

2313 - الحسين بن صالح بن خيران ، أبو علي الفقيه الشافعي :

كان من أفاضل الشيوخ وأماثل الفقهاء [مع ] حسن المذهب وقوة الورع ، وأراده السلطان أن يلي القضاء فلم يفعل .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا [ أبو بكر بن ثابت ، أخبرنا ] القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، أخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد العسكري ، قال : أريد أبو علي بن خيران للقضاء فامتنع ، فوكل أبو الحسن علي بن عيسى الوزير ببابه ، وختم فبقي بضع عشرة يوما ، فشاهدت الموكلين على بابه حتى كلم فأعفاه ، فقال لي أبي : يا بني انظر حتى تحدث إن عشت أن إنسانا فعل به مثل هذا وامتنع .

أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي ، قال : أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن المهدي ، أخبرنا خيران بن أحمد بن محمد بن علي بن خيران الفقيه ، قال : أخبرني [ ص: 311 ] أبو عبد الله الحسين بن محمد الفقيه الكشفلي : أن علي بن عيسى وزير المقتدر بالله أمر نازوك صاحب البلد أن يطلب الشيخ أبا علي بن خيران الفقيه حتى يعرض عليه قضاء القضاة فاستتر ، فوكل بباب داره رجاله بضعة عشر يوما حتى احتاج إلى الماء فلم يقدر عليه إلا من عند الجيران ، فبلغ الوزير ذلك فأمر بإزالة التوكيل عنه ، وقال في مجلسه والناس حضور : ما أردنا بالشيخ أبي علي بن خيران إلا خيرا ، أردنا أن نعلم أن في مملكتنا رجلا يعرض عليه قضاء القضاة شرقا وغربا وهو لا يقبل .

توفي أبو علي بن خيران في ذي الحجة من هذه السنة .

2314 - الحسن بن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب ، أبو الحسين العامري :

سمع الزبير بن بكار ، روى عنه ابن المظفر ، وابن شاهين . وكان ثقة يسكن باب خراسان ، توفي في ذي القعدة من هذه السنة .

2315 - عبد الملك بن محمد بن عدي ، أبو نعيم الفقيه الجرجاني الاستراباذي :

سافر البلاد وكتب الحديث الكثير وسمع أحمد بن منصور الرمادي ، وعلي بن حرب الطائي في جماعة . روى عنه ابن صاعد . وكان أحد أئمة المسلمين من الحفاظ للشرع مع صدق وورع وضبط وتيقظ . وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما يحفظ الحفاظ المسانيد .

[ ص: 312 ]

2316 - العباس بن بشر بن عيسى بن الأشعث ، أبو الفضل المعروف بالرخجي :

وكان يسكن بالجانب الشرقي ، وحدث عن يعقوب الدورقي ، روى عنه ابن شاهين ، وكان ثقة ، توفي في شوال هذه السنة ، ودفن بالمالكية .

2317 - محمد بن إبراهيم بن حفص بن شاهين ، أبو الحسن البزاز :

حدث عن يوسف بن موسى القطان وغيره . وروى عنه الدارقطني وغيره . وذكره يوسف القواس في جملة شيوخه الثقات .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي ، قال : سمعت القاضي أبا الحسن الجراحي يذكر : أن ابن شاهين هذا مات فجاءة ، وقد خرج من الحمام في عشية يوم الاثنين لخمس خلون من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة .

2318 - محمد [بن الحسين ] بن أزهر بن جبير بن جعفر ، أبو بكر القطائعي الدعاء الأصم :

حدث عن قعنب بن محرز الباهلي ، وعمر بن شبة وغيرهما . وروى عنه أبو عمرو السماك . وكان غير ثقة ، يروي الموضوعات عن الثقات . توفي في أول هذه السنة .

2319 - محمد بن الحسن بن الحسين بن الخطاب بن فرات ، أبو بكر العجلي :

ويعرف بالكاراتي ، حدث عن سعدان بن نصر وغيره . روى عنه أبو عمر والسماك ، وأبو بكر بن شاذان أحاديث مستقيمة . [ ص: 313 ]

2320 - محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم ، أبو عمر القاضي الأزدي مولى آل جرير بن حازم :

ولد بالبصرة لتسع خلون من رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين ، وسمع محمد بن الوليد البسري ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني ، وزيد بن أخرم في آخرين ، روى عنه الدارقطني ، وأبو بكر الأبهري ، ويوسف بن عمر القواس ، وابن حبابة وغيرهم ، وكان ثقة فاضلا ، غزير العقل والحلم والذكاء ، يستوفي المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة ، ومن سعادته أن المثل يضرب بعقله وسداده وحلمه ، فيقال في العاقل الرشيد : "كأنه أبو عمر القاضي" . وفي الحليم : "لو أني أبو عمر القاضي ما صبرت" .

ولي قضاء مدينة المنصور والأعمال المتصلة بها في سنة أربع وستين وجلس في جامع المدينة ، ثم استخلف نائبا عن أبيه على القضاء بالجانب الشرقي ، وكان يحكم بين أهل المدينة رياسة ، وبين أهل الجانب الشرقي خلافة إلى سنة اثنتين وتسعين ومائتين ، ولما توفي أبو خازم القاضي عن الشرقية نقل أبو عمر عن مدينة المنصور إلى قضاء الشرقية ، فكان على ذلك إلى سنة ست وتسعين ، ثم صرف هو ووالده عن جميع ما كان إليهما ، وتوفي والده سنة سبع وتسعين ومائتين ، وما زال أبو عمر ملازما لمنزله إلى سنة إحدى وثلاثمائة ، فتقلد علي بن عيسى الوزارة وأشار على المقتدر به ، فقلده الجانب الشرقي والشرقية وعدة نواحي من السواد والشام والحرمين واليمن وغير ذلك ، ثم قلده قضاء القضاة سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، وحمل الناس عنه علما كثيرا من الحديث وكتب الفقه التي صنفها إسماعيل بن إسحاق ، وعمل مسندا كبيرا ، ولم ير الناس ببغداد [ ص: 314 ] أحسن من مجلسه ، فكان يجلس للحديث وعن يمينه أبو القاسم بن منيع وهو قريب من أبيه في الحسن والإسناد ، وعن يساره ابن صاعد ، وأبو بكر النيسابوري بين يديه ، وسائر الحفاظ حول سريره .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : أخبرني علي بن [أبي ] علي المعدل ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق ، قال : قال لي أبو إسحاق بن جابر الفقيه لما ولي أبو عمر طمعنا في أن نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه ، فكنا نستفتى فنقول : امضوا إلى القاضي ونراعي ما يحكم به فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم ، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص ، فنخاف أن نحرج إن لم نفت فتعود الفتاوى إليه ، فيحكم بما يفتي به الفقهاء ، فما عثرنا عليه بخطأ .

قال علي : وسمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري ، يقول : سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول : كنت بحضرة أبي عمر القاضي وجماعة من شهوده [وخلفائه ] فأحضر ثوبا يمانيا قيل [في ] ثمنه خمسون دينارا ، فاستحسنه كل من حضر المجلس ، فقال : يا غلام هات القلانسي ، فجاء ، فقال : اقطع جميع هذا الثوب قلانس واحمل إلى كل واحد من أصحابنا قلنسوة ، ثم التفت إلينا فقال : إنكم استحسنتموه بأجمعكم ولو استحسنه واحد [منكم ] لوهبته له ، فلما اشتركتم في استحسانه لم أجد طريقا إلى أن [يحصل ] لكل واحد شيء منه إلا بأن يجعله قلانس ، يأخذ كل واحد منا واحدة . [ ص: 315 ]

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي ، قال : أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : حكى لي الحمدوني : أن إسماعيل القاضي ببغداد كان يحب الاجتماع مع إبراهيم الحربي ، فقيل لإبراهيم لو لقيته ؟ فقال : ما أقصد من له حاجب ، فقيل ذلك لإسماعيل فنحى الحاجب عن بابه أياما فذكر ذلك لإبراهيم فقصده ، فلما دخل تلقاه أبو عمر محمد بن يوسف القاضي وكان بين يدي إسماعيل غلام قائم ، ولما نزع إبراهيم نعله أمر أبو عمر غلاما له أن يرفع نعل إبراهيم في منديل معه ، فلما طال المجلس بين إسماعيل وإبراهيم وجرى بينهما من العلم ما تعجب منه الحاضرون ، ولما أراد إبراهيم القيام تقدم أبو عمر إلى الغلام أن يضع نعله بين يديه من حيث رآها إبراهيم ملفوفة في المنديل ، فقال إبراهيم لأبي عمر : رفع الله قدرك في الدنيا والآخرة ، فقيل : إن أبا عمر لما توفي رآه بعضهم في المنام ، فقال له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أدركتني دعوة الرجل الصالح إبراهيم [الحربي أو كما ] قال الحمدوني .

توفي أبو عمر يوم الأربعاء لست بقين من رمضان هذه السنة ، وهو ابن ثمان وسبعين سنة ، ودفن في داره [رحمه الله ] . [ ص: 316 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية