الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2176 - أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء ، أبو العباس الآدمي :

حدث عن يوسف بن موسى القطان ، والفضل بن زياد . وغيرهما .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال:

أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال: سمعت أبا الحسين بن حبيش وذكر أبو العباس بن [ ص: 201 ] عطاء ، فقال: كان له في كل يوم ختمة ، وفي [شهر] رمضان في كل يوم وليلة ثلاث ختمات ، وبقي في ختمه يستنبط مودع القرآن بضع عشرة سنة ، فمات قبل أن يختمها ، توفي ابن عطاء في ذي القعدة من هذه السنة .

2177 - إسماعيل بن موسى بن إبراهيم ، أبو أحمد البجلي الحاسب :

سمع القواريري ، ولوينا ، وغيرهما . روى عنه محمد بن المظفر الحافظ وغيره .

وكان ثقة . وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة .

2178 - جعفر بن أحمد بن الصباح ، أبو الفضل المعروف بالجرجرائي :

حدث عن جماعة . روى عنه ابن المظفر الحافظ . وكان ثقة [صدوقا ثبتا] .

توفي في ربيع الأول من هذه السنة .

2179 - الحسين بن منصور بن محمى الحلاج ، ويكنى أبا مغيث ، وقيل: أبا عبد الله :

وكان جده محمى مجوسيا من أهل بيضاء فارس ، ونشأ الحسين بواسط ، وقيل:

بتستر ، ثم تتلمذ لسهل التستري ، ثم قدم بغداد وخالط الصوفية ، ولقي الجنيد والنوري وغيرهما ، وكان مخلطا ففي أوقات يلبس المسوح ، وفي أوقات يلبس الثياب المصبغة ، [ ص: 202 ] وفي أوقات يلبس الدراعة والعمامة ، ويمشي بالقباء على زي الجند ، وطاف البلاد ، وقصد الهند وخراسان ، وما وراء النهر ، وتركستان . وكان أقوام يكاتبونه بالمغيث ، وأقوام بالمقيت ، وتسميه أقوام المصطلم ، وأقوام المخير . وحج وجاور ، ثم جاء إلى بغداد واقتنى العقار وبنى دارا ، واختلف الناس فيه ، فقوم يقولون: إنه ساحر ، وقوم يقولون: له كرامات ، وقوم يقولون: منمس .

قال أبو بكر الصولي: قد رأيت الحلاج وجالسته ، فرأيت جاهلا يتعاقل ، وغبيا يتبالغ ، وفاجرا يتزهد ، وكان ظاهره أنه ناسك صوفي ، فإذا علم أن أهل بلدة يرون الاعتزال صار معتزليا ، أو يرون الإمام صار إماميا ، وأراهم أن عنده علما [من إمامتهم ، أو رأى أهل السنة صار سنيا] [وكان خفيف الحركة] مشعبذا ، قد عالج الطب ، وجرب الكيمياء ، وكان مع جهله خبيثا ، وكان يتنقل في البلدان .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [القزاز] ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الحافظ ، قال:

حدثنا أبو سعيد السجزي ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشيرازي ، قال: سمعت أبا الحسن بن أبي توبة ، يقول: سمعت علي بن أحمد الحاسب ، يقول: سمعت والدي ، يقول: وجهني المعتضد إلى الهند وكان [الحلاج] معي في السفينة ، [وهو] رجل يعرف بالحسين بن منصور ، فلما خرجنا من المركب ، قلت له: في أي شيء جئت إلى هاهنا؟ قال: [جئت] لأتعلم السحر ، وأدعو الخلق إلى الله تعالى . [ ص: 203 ]

أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي ، أخبرنا علي بن أبي علي ، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف ، قال: كان الحلاج يدعو كل قوم إلى شيء على حسب ما يستبله طائفة طائفة ، وأخبرني جماعة من أصحابه أنه لما افتتن الناسبالأهواز وكورها بالحلاج ، وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة في غير حينها ، والدراهم التي سماها دراهم القدرة ، حدث أبو علي الجبائي بذلك ، فقال لهم : هذه الأشياء محفوظة في منازل تمكن الحيل فيها ، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم لا من منزله وكلفوه أن يخرج منه خرزتين سوداء ، فإن فعل فصدقوه ، فبلغ الحلاج قوله وأن قوما قد عملوا على ذلك ، فخرج عن الأهواز .

أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: حدثني مسعود بن ناصر ، قال: أخبرنا ابن باكويه ، قال: سمعت أبا زرعة الطبري ، يقول: سمعت محمد بن يحيى الرازي ، يقول: سمعت عمرو بن عثمان يلعن الحلاج ، ويقول لو قدرت عليه لقتلته بيدي : قرأت آية من كتاب الله تعالى ، فقال: يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به .

قال أبو زرعة: وسمعت أبا يعقوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الحسين بن منصور [الحلاج] لما رأيت من حسن طريقته ، فبان لي بعد مدة يسيرة أنه ساحر محتال خبيث كافر .

قال مؤلف الكتاب : أفعال الحلاج وأقواله وأشعاره كثيرة ، وقد جمعت أخباره [ ص: 204 ] في كتاب سميته "القاطع لمحال اللجاج القاطع بمحال الحلاج" ، فمن أراد أخباره فلينظر فيه ، وقد كان هذا الرجل يتكلم بكلام الصوفية ، فتبدر له كلمات حسان ، ثم يخلطها بأشياء لا تجوز ، وكذلك أشعاره فمن المنسوب إليه .


سبحان من أظهر ناسوته سر سنا هوته الناقب     ثم بدا في خلقه ظاهرا
في صورة الآكل والشارب     حتى لقد عاينه خلقه
كلحظة الحاجب بالحاجب

فلما شاع خبره أخذ وحبس ونوظر واستغوى جماعة ، فكانوا يستشفون بشرب بوله حتى إن قوما من الجهال قالوا إنه إله ، وإنه يحيي الموتى .

قال أبو بكر الصولي: أول من أوقع بالحلاج أبو الحسن علي بن أحمد الراسبي ، فأدخله بغداد وغلاما له على جملين قد شهرهما ، وذلك في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثمائة ، وكتب معهما كتابا يذكر فيه أن البينة [قد] قامت عنده بأن الحلاج يدعي الربوبية ، ويقول بالحلول ، فأحضره علي بن عيسى في هذه السنة ، وأحضر القضاة ، فناظروه فأسقط في لفظه ولم يجده يحسن من القرآن شيئا ولا من غيره ، ثم حبس ، ثم حمل إلى دار الخليفة فحبس . قال الصولي: وقيل: إنه كان يدعو في أول أمره إلى الرضا من آل محمد فسعي به فضرب ، وكان يرى الجاهل شيئا من شعبذته ، فإذا وثق به دعا إلى أنه إله ، فدعا فيمن دعاه أبا سهل بن نوبخت ، فقال له: أنبت في مقدم رأسي شعرا ، ثم ترقت به الحال إلى أن دافع عنه نصر الحاجب ، لأنه قيل له: إنه سني ، وإنما تريد قتله الرافضة ، وكان [يقول] : في كتبه: إني مغرق قوم نوح ، ومهلك عاد وثمود . [ ص: 205 ]

وكان يقول لأصحابه: أنت نوح ، ولآخر أنت موسى ، ولآخر أنت محمد قد أعيدت أرواحهم إلى أجسادكم .

وكان الوزير حامد بن العباس قد وجد له كتبا فيها: إذا صام الإنسان ثلاثة أيام بلياليها ولم يفطر ، وأخذ في اليوم الرابع ورقات هندباء وأفطر عليها أغناه عن صوم رمضان ، وإذا صلى في ليلة واحدة ركعتين من أول الليل إلى الغداة أغنته عن الصلاة بعد ذلك ، وإذا تصدق في يوم واحد بجميع ما ملكه في ذلك اليوم أغناه عن الزكاة ، وإذا بنى بيتا وصام أياما ثم طاف حوله عريانا مرارا أغناه عن الحج ، وإذا صار إلى قبور الشهداء بمقابر قريش فأقام فيها عشرة أيام يصلي ويدعو ويصوم ولا يفطر إلا على شيء يسير من خبز الشعير والملح الجريش أغناه ذلك عن العبادة باقي عمره ، فأحضر القضاة والعلماء والفقهاء بحضرة حامد ، وقيل له: أتعرف هذا الكتاب؟ قال: هذا الكتاب السنن للحسن البصري ، فقال له حامد: ألست تدين بما في هذا الكتاب فقال: بلى ، هذا كتاب أدين الله بما فيه ، فقال له القاضي أبو عمر: [هذا نقض شرائع الإسلام ، ثم جاراه في كلام إلى أن قال له أبو عمر] : يا حلال الدم . فكتب بإحلال دمه وتبعه الفقهاء وأفتوا بقتله ، وكتب إلى المقتدر بذلك ، فكتب إذا كانت القضاة قد أفتوا بقتله وأباحوا دمه ، فليحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة ، وليضربه ألف سوط ، فإن تلف وإلا ضربت عنقه ، فأحضر بعد عشاء الآخرة ومعه جماعة من أصحابه على بغال موكفة يجرون مجرى الساسة ، وليجعل على واحد منها ويدخل في غمار القوم ، فحمل فباتوا مجتمعين حوله ، فلما أصبح يوم الثلاثاء لست بقين من ذي [ ص: 206 ] القعدة أخرج ليقتل ، فجعل يتبختر [في قيده] وهو يقول:


نديمي غير منسوب     إلى شيء من الحيف
سقاني مثل ما يشر     ب فعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكأس     دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الراح     مع التنين في الصيف

وضرب ألف سوط ، ثم قطعت يده ، ثم رجله ، وحز رأسه ، وأحرقت جثته ، وألقى رماده في دجلة .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [القزاز] ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ، قال: قال لنا أبو عمر ابن حيويه: لما أخرج الحلاج ليقتل مضيت في جملة الناس ولم أزل أزاحم حتى رأيته ، فقال لأصحابه: لا يهولنكم هذا فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما .

[قال المؤلف] وهذا الإسناد صحيح لا يشك فيه ، وهو يكشف حال هذا الرجل أنه كان ممخرقا ، يستخف عقول الناس إلى حالة الموت .

أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء ، قال: لما أخرج الحسين بن منصور ليقتل أنشد:


طلبت المستقر بكل أرض     فلم أر لي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني     ولو أنى قنعت لكنت حرا

2180 - حامد بن محمد بن شعيب بن زهير ، أبو العباس البلخي المؤدب :

حدث عن سريج بن يونس ، روى عنه أبو بكر الشافعي ، قال الدارقطني: هو ثقة . توفي في محرم هذه السنة . [ ص: 207 ]

2181 - محمد بن أحمد بن موسى ، أبو عبد الله المصيصي يعرف بالسوانيطي :

قدم بغداد ، وحدث بها عن علي بن بكار وغيره .

وتوفي وهو متوجه إلى بلده برأس العين في هذه السنة .

2182 - محمد بن الحسين بن مكرم ، أبو بكر البغدادي :

سمع بشر بن الوليد ، وعبيد الله بن عمر القواريري ، وخلقا كثيرا وانتقل إلى البصرة حتى مات بها ، روى عنه محمد بن مخلد . وقال إبراهيم بن فهد: ما قدم علينا من بغداد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر ابن مكرم بحديث البصرة [خاصة] .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي ، قال: حدثني علي بن محمد بن نصر ، قال: سمعت حمزة السهمي يقول: سألت الدارقطني عن محمد بن الحسين بن مكرم ، فقال: [هو] ثقة .

توفي بالبصرة في [ذي الحجة أو] ذي القعدة من هذه السنة .

2183 - محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام ، أبو بكر المحولي :

كان يسكن باب المحول فنسب إليه ، وكان حسن التصانيف . حدث عن الزبير بن بكار ، وابن أبي الدنيا ، وغيرهما ، روى عنه أبو بكر ابن الأنباري في جماعة آخرهم أبو عمر ابن حيويه . وتوفي في هذه السنة [وكان صدوقا ثبتا] . [ ص: 208 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية