الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2112 - أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر ، أبو عبد الرحمن النسائي الإمام:

كان أول رحلته إلى نيسابور ، فسمع إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، والحسين بن [ ص: 156 ] منصور ، ومحمد بن رافع وأقرانهم . ثم خرج إلى بغداد فأكثر عن قتيبة ، وانصرف على طريق مرو ، فكتب عن علي بن حجر وغيره ، ثم توجه إلى العراق فكتب عن أبي كريب ، وأقرانه ، ثم دخل الشام ومصر وكان إماما في الحديث ، ثقة ثبتا حافظا فقيها ، وقال الدارقطني: النسائي يقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره .

أنبأنا زاهر بن طاهر ، قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، قال: حدثني محمد بن إسحاق الأصبهاني ، قال: سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره ، وخرج إلى دمشق ، فسئل عن معاوية وما روي في فضائله ، فقال: لا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل ، قال:

وكان يتشيع ، فما زالوا يدفعون في خصيته حتى أخرج من المسجد ، ثم حمل إلى الرملة ، فمات فدفن بها سنة ثلاث وثلاثمائة .

قال الحاكم: وحدثني علي بن عمر الحافظ أنه لما امتحن بدمشق ، قال:

احملوني إلى مكة! [فحمل إلى مكة] فتوفي بها ، وهو مدفون بين الصفا والمروة .

وكانت وفاته في شعبان هذه السنة ، وقال أبو سعيد بن يونس المصري: توفي بفلسطين في صفر هذه السنة .

2113 - أحمد بن عمر بن المهلب ، أبو الطيب البزاز البغدادي :

توفي بمصر في ربيع الآخر من هذه السنة .

2114 - أحمد بن علي بن أحمد ، أبو الطيب المادرائي الكاتب:

ولد بسامراء وقدم به [مصر] صغيرا وأكثر من كتابة الحديث ، وكان يتدين ، [ ص: 157 ] وولي خراج مصر وتوفي [بها] في جمادى الآخرة من هذه السنة .

2115 - جعفر بن محمد بن عيسى ، أبو الفضل المعروف بالقبوري :

حدث عن سويد بن سعيد روى عنه الشافعي وابن الصواف وكان ثقة .

توفي في ربيع الآخر من هذه السنة .

2116 - الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء ، أبو العباس الشيباني النسوي:

محدث خراسان في عصره ، رحل البلدان وسمع الكثير ، فسمع بخراسان حبان بن موسى ، وإسحاق بن إبراهيم ، وقتيبة ، وعلي بن حجر في آخرين ، وسمع ببغداد أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبا خيثمة في آخرين ، وسمع بالبصرة أبا كامل ، وهدبة ، وشيبان بن فروخ في آخرين . وسمع بالكوفة من أبي بكر بن أبي شيبة في آخرين ، وبالحجاز إبراهيم بن المنذر الحزامي في آخرين ، وبمصر هارون بن سعيد الأيلي ، وأبا طاهر ، وحرملة في آخرين ، وبالشام صفوان بن صالح ، وهشام بن خالد ، والمسيب بن واضح ، وهشام بن عمار [في آخرين] وصنف "المسند الكبير" "والجامع" [و] "المعجم" وروى مصنفات ابن المبارك ، وتفقه على أبي ثور ، وكان [ ص: 158 ] يفتي على مذهبه ، وأخذ الأدب عن أصحاب النضر بن شميل ، وإليه كانت الرحلة بخراسان .

حدثنا محمد بن ناصر [الحافظ] من لفظه ، [قال] ، أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي إجازة أخبرنا أبو نعيم بشرويه بن محمد بن إبراهيم المعقلي ، قال: حدثني أبو نصر أحمد بن جعفر الإسفراييني [قال] : حدثنا أبو الحسن الصفار الفقيه ، قال: كنا عند الحسن بن سفيان النسوي ، وقد اجتمع [لديه] طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه من البلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتابة الحديث ، فخرج يوما إلى مجلسه الذي كان يملى فيه الحديث ، فقال: اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء ، قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل ، هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث ، فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقا ، أو أديتم بما تحملتم من الكلف والمشقة من فروضه فرضا فإني أحدثكم [ببعض] ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد ، وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن أصحابي ببركة العلم وصفو العقيدة من الضيق والضنك ، اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني لطلب العلم واستملاء الحديث ، فاتفق حصولي بأقصى المغرب ، ودخولي مصر في سبعة نفر من أصحابي طلبة العلم وسامعي الحديث ، وكنا نختلف إلى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأرواهم للحديث وأعلاهم إسنادا ، وأصحهم رواية ، وكان يملي علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث ، حتى طالت المدة وخفت النفقة ودعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة إلى أن لم يبق لنا ما كنا نرجو به حصول قوت [ ص: 159 ] يوم ، وطوينا ثلاثة أيام بلياليهن لم يذق أحد منا فيها شيئا ، وأصبحنا في بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد منا من الجوع ، وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال ، فلم تسمح بذلك أنفسنا ولم تطب قلوبنا ، وأنف كل واحد منا من ذلك ، والضرورة تحوج إلى السؤال على كل حال ، فوقع اختيار الجماعة على كتبة رقاع بأسمائنا وإرسالها رقعة في الماء ، فمن ارتفع اسمه كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجميع أصحابه ، فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي ، فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة ، فعدلت إلى زاوية [من] المسجد أصلي ركعتين طويلتين وأدعو الله سبحانه وتعالى بأسمائه العظام ، وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج فلم أفرغ من الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل ، فقال: من منكم الحسن بن سفيان؟ فرفعت رأسي من السجدة ، وقلت: أنا الحسن بن سفيان فما الحاجة؟ فقال: إن الأمير ابن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم من الغفلة عن تفقد أحوالكم ، والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم ، وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت ، وهو زائركم غدا بنفسه ومعتذر إليكم بلفظه ، ووضع بين يدي كل واحد مناصرة فيها مائة دينار ، فتعجبنا من ذلك وتحيرنا جدا ، وقلت للشاب ما القصة في هذا؟

فقال: [أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين به دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلما في جملة أصحابي] فقال الأمير لي: إني أحب أن أخلو يومي هذا فانصرفوا [ ص: 160 ] أنتم إلى منازلكم ، فانصرفت [أنا] والقوم ، فلما عدت إلى منزلي لم يستو قعودي حتى أتاني رسول الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني حثيثا ، فأجبته مسرعا فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل حشاه فقال لي: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟ فقلت: لا ، فقال: اقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني ، واحمل هذه الصرر وسلمها إليه وإلى أصحابه ، فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة ، ومهد عذري لديهم وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم ، فقال الشاب وسألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا فقال: دخلت إلى هذا البيت منفردا على أن أستريح ساعة ، فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارسا في الهواء متمكنا تمكن من أن يمشي على بساط الأرض وبيده رمح فجعلت أنظر إليه متعجبا حتى نزل إلى باب هذا البيت ، ووضع سافلة رمحه على خاصرتي ، وقال: قم أدرك الحسن بن سفيان وأصحابه ، قم فأدركهم [قم فأدركهم] فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع في المسجد الفلاني ، فقلت له: من أنت؟ فقال [أنا] رضوان صاحب الجنة ، ومنذ أصابت سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك لي معه ، فعجل إيصال هذا المال إليهم ليزول هذا الوجع عني . قال الحسن: فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله تعالى وأصلحنا أحوالنا ولم تطب نفوسنا بالمقام لئلا يزورنا الأمير ، ولئلا تطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه ، ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة ، فخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وقريع دهره في العلم والفضل ، فلما أصبح الأمير ابن طولون جاء لزيارتنا ، فأخبر بخروجنا ، فأمر بابتياع تلك المحلة بأسرها وأوقفها على ذلك المسجد وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل [ ص: 161 ] الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم ولا يصيبهم الخلل ما أصابنا ، وذلك كله لقوة الدين ، وصفو الاعتقاد والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق .

أنبأنا زاهر بن طاهر ، قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، قال: سمعت أبا بكر محمد بن داود بن سليمان ، يقول: كنا عند الحسن بن سفيان فدخل عليه أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وأبو عمرو الحيري ، وأبو بكر أحمد بن علي الحافظ ، فقال له أبو بكر بن علي: قد كتبت للأستاذ أبي بكر محمد بن إسحاق هذا الطريق من حديثك . فقال: هات واقرأ ، فأخذ يقرأ فلما قرأ أحاديث أدخل إسنادا منها في إسناد ، فرده الحسن إلى الصواب ، فلما كان بعد ساعة أدخل إسنادا في إسناد فرده الحسن إلى الصواب فلما كان بعد ساعة أدخل إسنادا في إسناد ، فرده إلى الصواب ، وقال له في الثالثة: يا هذا لا تفعل ، فقد احتملتك مرتين ، وهذه الثالثة وأنا ابن تسعين سنة فاتق الله في المشايخ ، فربما استجيبت فيك دعوة . فقال له أبو بكر بن إسحاق: مه ، لا تؤذ الشيخ . فقال أبو بكر [بن علي: إنما] أردت أن يعلم الأستاذ أن أبا العباس يعرف حديثه ، قال الحاكم:

وسمعت أبا عمرو بن أبي جعفر ، يقول: سمعت [أبا بكر بن علي الرازي يقول في حياة الحسن بن سفيان: ليس للحسن في الدنيا نظير . قال الحاكم: وسمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، يقول: سمعت] الحسن بن سفيان يقول كلما ورد في [ ص: 162 ] الحديث العبسي فهو كوفي ، وكلما ورد العيشي فهو بصري ، وكلما ورد العنسي فهو مصري ، توفي الحسن بن سفيان في هذه السنة .

2117 - رويم بن أحمد ، وقيل: ابن محمد بن رويم بن يزيد :

وفي كنيته ثلاثة أقوال: أبو الحسن ، وأبو الحسين ، وأبو محمد ، وكان عالما [بالقرآن ومعانيه وكان] يتفقه لداود بن علي .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، أخبرنا محمد بن الحسين السلمي ، قال: سمعت أحمد بن إبراهيم يحكي ، عن أبي عمرو الزجاجي ، قال: نهاني الجنيد أن أدخل على رويم ، فدخلت عليه يوما وكان قد دخل في شيء من أمور السلطان ، فدخل عليه الجنيد فرآني عنده ، فلما خرجنا ، قال لي الجنيد: كيف رأيته يا خراساني؟ قلت: لا أدري ، قال: إن الناس يتوهمون أن هذا نقصان في حاله ووقته وما كان رويم أعمر وقتا منه في هذه الأيام ، ولقد كنت أصحبه بالشونيزية في حاله الأول ، وكنت معه في خرقتين ، وهو الساعة أشد فقرا منه في تلك الحالة ، وفى تلك الأيام .

أنبأنا [محمد] بن [أبي] طاهر البزاز ، عن أبي القاسم علي بن المحسن [ ص: 163 ] التنوخي ، عن أبيه ، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري ، قال:

سمعت جعفرا الخلدي ، يقول: من أراد [أن] يستكتم سرا فليستكتم كما فعل رويم كتم حب الدنيا أربعين سنة ، فقيل له: كيف؟ قال: كان يتصوف أربعين سنة ، فولي بعد ذلك إسماعيل بن إسحاق القاضي قضاء بغداد ، وكانت بينهما مودة مؤكدة فجذبه إليه [وجعله] وكيلا على بابه ، فترك التصوف ولبس الخز والقصب والدبيقي ، وركب وأكل الطيبات وبنى الدور ، وإذا هو كان يكتم حب الدنيا لما لم يجدها ، فلما وجدها أظهر ما كان يكتم من حبها . وتوفي رويم في هذه السنة .

2118 - زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل :

حدث عن أبيه ، روى عنه النجاد ، قال الدارقطني: هو ثقة .

[و] توفي في ربيع الأول من هذه السنة وهو حدث .

2119 - عمر بن أيوب إسماعيل بن مالك ، أبو حفص السقطي:

سمع بشر بن الوليد ، وداود بن رشيد ، وعثمان أبي شيبة . روى عنه الخطبي ، وابن الصواف ، وكان شيخا صالحا ثقة . توفي في جمادى الأولى من هذه السنة . [ ص: 164 ]

2120 - محمد بن عبد الوهاب [بن] سلام ،

بن خالد بن حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه أبو علي الجبائي
المتكلم إمام المعتزلة .


ولد سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وتوفي في شعبان هذه السنة .

2121 - محمد بن إبراهيم ، أبو جعفر الغزال ، يلقب سمسمة :

حدث عن [محمد بن ] عبد الله بن المبارك المخرمي . [و] روى عنه الإسماعيلي . وتوفي في نصف رجب من هذه السنة يوم الجمعة .

2122 - محمد بن الحسن بن العلاء ، أبو عبد الله السمسار ، يعرف بالخواتمي :

حدث عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وغيره . وكان ثقة . وتوفي في هذه السنة .

2123 - محمد بن خالد الآجري :

كان عبدا صالحا ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال: أخبرنا أبو بكر [أحمد] بن ثابت ، قال: أخبرني أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا جعفر الخلدي في كتابه إلي ، قال: [ ص: 165 ]

حدثني محمد بن خالد الآجري ، قال: كنت أعمل الآجر فبينما أنا [كنت] أمشي بين الأشراج المضروبة إذا سمعت شرجا يقول لشرج: "عليك السلام الليلة أدخل النار" قال: فنهيت الأجراء أن يطرحوها في النار ، وصارت الكتل باقية على حالها وما عملت بعد ذلك . [ ص: 166 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية