الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب ذكر خلافة القاهر بالله

لما قتل المقتدر وانحدر مؤنس رأى رأس المقتدر ، قال : إن قتلتموه والله لنقتلن [ ص: 306 ] كلنا فأقل الأشياء أن تظهروا أن ذلك جرى عن غير قصد وأن تنصبوا في الخلافة ابنه أبا العباس ، فإنه إذا جلس في الخلافة سمحت نفسه ونفس جدته والدة المقتدر بإخراج الأموال ، فغيروا رأيه وعدلوا به إلى محمد بن المعتضد ، فأحضر وسنه ثلاثة وثلاثون سنة ، وحلف لهم ، وبايعه من حضر من القضاة والقواد ، ولقب القاهر بالله ، وذلك في سحر يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال .

ويكنى القاهر بالله أبا منصور ، وأمه مولدة يقال لها : قبول ، توفيت قبل خلافته ، ولد لخمس خلون من جمادى الأولى من سنة سبع وثمانين ومائتين ، ولما استخلف نقش على سكة العين والورق "محمد رسول الله ، القاهر بالله ، المنتقم من أعداء الله لدين الله" .

وكان رجلا ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير ، أسمر معتدل الجسم ، أصهب الشعر ، طويل الأنف ، في مقدم لحيته طول لم يشب إلى أن خلع ، وزر له أبو علي بن مقلة ، وأبو جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله ، وأبو العباس بن الخصيب ، وحجبه علي بن يلبق ، وما زال القاهر بالله باحثا عن مواضع المستترين من ولد المقتدر وأمهات أولاده وحرمه والمناظرة لوالدة المقتدر ، وطلب المال منها على ما سنذكره إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية