الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2407 - إسحاق بن محمد بن إسحاق ، أبو عيسى الناقد :

حدث عن الحسن بن عرفة ، وتوفي في محرم هذه السنة .

[ ص: 384 ]

2408 - جعفر المرتعش ، أبو محمد :

كذلك ذكره أبو بكر الخطيب ، وقال أبو عبد الرحمن السلمي : اسمه عبد الله بن محمد أبو محمد النيسابوري ، كان من ذوي الأموال ، فتخلى عنها وصحب الفقراء مثل الجنيد ، وأبي حفص ، وأبي عثمان ، وأقام ببغداد حتى صار شيخ الصوفية . وكان إقامته بالشونيزية ، وكانوا يقولون عجائب بغداد ثلاثة : إشارات الشبلي ، ونكت المرتعش ، وحكايات جعفر الخواص .

أخبرنا [ محمد ] بن ناصر ، قال : أخبرنا [أحمد بن علي بن خلف ، أنبأنا ] أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : سمعت أبا الفرج الصائغ ، يقول : قال المرتعش من ظن أن أفعاله تنجيه من النار وتبلغه [الرضوان ] فقد جعل لنفسه ولفعله خطرا ، ومن اعتمد على فضل الله بلغه الله أقصى منازل الرضوان . وقيل له : إن فلانا يمشي على الماء ، فقال : إن من مكنه الله من مخالفة هواه فهو أعظم من المشي على الماء .

أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا الخطيب ، قال : ذكر محمد بن مأمون البلخي أنه سمع أبا عبد الله الرزاز ، يقول : حضرت وفاة المرتعش في مسجد الشونيزية سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، فقال : انظروا ديوني ، فنظروا فقالوا : بضعة عشر درهما ، فقال : انظروا خريقاتي ، فلما قربت منه ، قال : اجعلوها في ديوني ، وأرجو أن الله يعطيني الكفن ، ثم قال : سألت [الله ثلاثا عند موتي فأعطانيها ، سألته أن يميتني على الفقر ، [ ص: 385 ] وسألته ] ، أن يجعل موتي في هذا المسجد فقد صحبت فيه أقواما ، وسألته أن يكون حولي من آنس به وأحبه ، وغمض عينيه ومات بعد ساعة رحمة الله عليه .

2409 - الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى بن الفضل بن بشار ، أبو سعيد ، المعروف بالإصطخري :

قاضي قم ، ولد سنة أربع وأربعين ومائتين ، وسمع سعدان بن نصر ، وأحمد بن منصور الرمادي ، وعباسا الدوري . روى عنه ابن المظفر ، والدارقطني ، وابن شاهين .

وكان أحد الأئمة المذكورين ، [وهو ] من شيوخ الفقهاء الشافعيين ، وكان ورعا زاهدا ، وكتابه الذي ألفه يدل على سعة علمه [وقوة فهمه ] ، وكان متقللا فيقال أنه كان قميصه وسراويله وعمامته وطيلسانه من شقة [واحدة ] ، وله كتاب القضاء لم يصنف مثله . توفي في هذه السنة .

2410 - الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن عبد المجيد ، أبو محمد المقرئ وهو ابن أخت أبي الآذان : [ ص: 386 ]

سمع من جماعة ، وروى عنه الدارقطني ، وقال : هو من الثقات .

وتوفي في هذه السنة .

2411 - [الحسن بن سعيد بن الحسن بن يوسف ، أبو القاسم ، الوراق :

يعرف بابن الهرش مروزي الأصل . حدث عن إبراهيم بن هاني . روى عنه الدارقطني ، وابن شاهين ، وكان ثقة . وتوفي في هذه السنة ] .

2412 - الحسين بن محمد بن سعيد ، أبو عبد الله البزاز ، المعروف بابن المطبقي :

ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين . وحدث عن خلاد بن أسلم ، والربيع بن سليمان ، ومحمد بن منصور الطوسي . روى عنه الخطبي ، والدارقطني ، وابن المظفر ، وابن شاهين ، وكان ثقة . وتوفي في [شوال ] هذه السنة ، ودفن في داره ، وبلغ ستا وتسعين سنة ، وهو صحيح الفهم والعقل والجسم .

2413 - حامد بن أحمد بن الهيثم ، أبو الحسين البزاز :

حدث عن أحمد بن منصور الرمادي ، توفي في هذه السنة .

2414 - حامد بن بلال بن الحسن ، أبو أحمد البخاري :

حدث عن جماعة ، روى عنه أبو بكر الشافعي ، وابن شاهين .

توفي في رجب هذه السنة .

[ ص: 387 ]

2415 - حامد بن أحمد بن محمد ، أبو أحمد المروزي المعروف بالزيدي :

كان له عناية بحديث زيد بن أبي أنيسة ، وجمعه وطلبه ، فنسب إليه سكن طرسوس ، ثم قدم بغداد وحدث بها ، فروى عنه الدارقطني ، وكان ثقة مذكورا بالفهم ، موصوفا بالحفظ . توفي في رمضان هذه السنة .

2416 - حمزة بن الحسين بن عمر ، أبو عيسى السمسار :

سمع من جماعة ، روى عنه الخلدي ، وابن شاهين ، وكان ثقة . وذكر أنه كان يعرف بحمزة واسمه عمر . توفي في هذه السنة .

2417 - خير مولى عبد الله بن يحيى بن زهير التغلبي ، يكنى أبا صالح :

سمع من بكار بن قتيبة ، وكان ثقة تقبله القضاة ، وتحكم بقوله ، وكان أسود خصيا . توفي في رمضان هذه السنة .

2418 - عبد الله بن سليمان بن عيسى بن الهيثم ، أبو محمد الوراق المعروف بالفامي :

سمع إبراهيم بن هانئ ، وعبد الله بن أحمد . روى عنه ابن شاهين . وكان ثقة ، وتوفي في شوال هذه السنة .

2419 - علي بن أحمد بن الهيثم ، أبو الحسن البزار :

حدث عن علي بن حرب . روى عنه الدارقطني ، وكان ثقة .

وتوفي في هذه السنة .

[ ص: 388 ]

2420 - علي بن محمد ، أبو الحسن المزين الصغير :

أصله من بغداد ، وصحب الجنيد ، وسهل بن عبد الله ، وأقام بمكة مجاورا حتى توفي بها في هذه السنة .

أخبرنا أبو بكر بن حبيب العامري ، قال : أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق ، قال : أخبرنا أبو عبد الله بن باكويه ، أخبرنا أبو عبد الله بن خفيف ، قال : سمعت أبا الحسن المزين بمكة ، يقول : كنت في بادية تبوك فتقدمت إلى بئر لأستقي منها فزلقت رجلي فوقعت في جوف البئر فرأيت في جوف البئر زاوية واسعة فأصلحت موضعا وجلست عليه ، وقلت : إن كان مني شيء لا أفسد [الماء ] على الناس ، وطابت نفسي وسكن قلبي ، فبينا أنا قاعد إذا بخشخشة ، فتأملت فإذا أنا بأفعى تنزل علي ، فراجعت نفسي ، فإذا هي ساكنة [علي ] ، فنزل فدار بي وأنا هادئ السر لا تضطرب علي [نفسي ] ثم لف ذنبه وأخرجني من البئر وحلل عني ذنبه ، فلا أدري أرض ابتلعته أو سماء رفعته ، ثم قمت ومشيت .

وثم آخر يقال له

2421 - أبو جعفر المزين الكبير :

كان بمكة وبها مات ، وكان من العباد .

أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : أخبرنا علي بن أبي [ ص: 389 ] علي ، قال : حدثنا إبراهيم بن أحمد الطبري ، قال : حدثنا جعفر الخلدي ، قال : ودعت في بعض حجاتي المزين الكبير ، فقلت : زودني شيئا ، فقال : إن ضاع منك شيء أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان ، فقل : يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد اجمع بيني وبين [كذا وكذا ، فإن الله يجمع بينك وبين ] ذلك الإنسان أو ذلك الشيء ، قال : فجئت إلى الكتاني فودعته ، وقلت : زودني ، فأعطاني فصا عليه نقش كأنه طلسم ، فقال : إذا اغتممت فانظر إلى هذا فإنه يزول غمك ، قال : فانصرفت فما دعوت [الله ] بتلك الدعوة إلا استجيب لي ، ولا رأيت الفص وقد اغتممت إلا زال غمي ، فأنا ذات يوم قد توجهت أعبر إلى الجانب الشرقي من بغداد إذ هاجت ريح عظيمة وأنا في السميرية والفص في جيبي ، فأخرجته لأنظر إليه ، فلا أدري كيف ذهب مني في الماء ، أو في السفينة ، فاغتممت غما عظيما ، فدعوت بالدعوة وعبرت ، فما زلت أدعو بها يومي وليلتي أياما ، فلما كان بعد ذلك أخرجت صندوقا فيه ثيابي لأغير منها شيئا ، ففرغت الصندوق فإذا بالفص في أسفل الصندوق ، فأخذته وحمدت الله عز وجل على رجوعه .

2422 - عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم ، أبو الحسين الأزدي :

ناب عن أبيه في القضاء وهو ابن عشرين سنة ، ثم توفي أبوه وهو على القضاء ، وكان حافظا للقرآن والفقه على مذهب مالك والفرائض والحساب واللغة والنحو والشعر والحديث ، وأقر على القضاء ، ثم جعل قاضي القضاة إلى آخر عمره ، وصنف مسندا ، ورزق قوة الفهم ، وجودة القريحة ، وشرف الأخلاق .

قال أبو القاسم بن برهان النحوي : كان عدد الشهود في زمان قاضي القضاة أبي [ ص: 390 ] الحسين بن قاضي القضاة أبي عمر ألفا وثمانمائة شاهد ، ليس فيهم من شهد إلا بفضيلة محضة في دين ، أو علم ، أو مال ، أو شرف .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي ، قال : أخبرنا عبد الصمد بن محمد بن محمد بن نصر قال : قال لنا إسماعيل بن سعيد المعدل : كان أبو عمر القاضي ، يقول : ما زلت مروعا من مسألة تجيئني من السلطان حتى نشأ أبو الحسين ولدي .

أخبرنا عبد الرحمن ، قال : أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا التنوخي ، حدثنا محمد بن عبيد الله النصيبي ، أن جعفر بن ورقاء حدثهم ، قال : عدت من الحج أنا وأخي فتأخر عن تهنئتي القاضي أبو عمر وابنه أبو الحسين ، فكتبت إليهما :


أأستجفي أبا عمر وأشكو وأستجفي فتاه أبا الحسين     بأي قضية وبأي حكم
ألحا في قطيعة واصلين     فما جاءا ولا بعثا بعذر
ولا كانا لحقي موجبين     فإن نمسك ولا نعتب تمادى
جفاؤهما لأخلص مخلصين     وإن نعتب فحق غير أنا
نجل عن العتاب القاضيين

فوصلت الأبيات إلى أبي عمر ، وهو على شغل ، فأنفذها إلى أبي الحسين ، وأمره بالجواب عنها ، فكتب إلي :


تجن واظلم فلست منتقلا     عن خالص الود أيها الظالم
ظننت بي جفوة عتبت لها     فخلت أني لحبلكم صارم
حكمت بالظن والشكوك ولا     يحكم بالظن فالهوى حاكم
تركت حق الوداع مطرحا     وجئت تبغي زيارة القادم

[ ص: 391 ]

أمران لم يذهبا على فطن     وأنت بالحكم فيهما عالم
وكل هذا مقال ذي ثقة     وقلبه من جفائه سالم

أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد ] ، قال : أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت ] ، قال : أخبرنا أبو الطيب الطبري ، قال سمعت المعافى بن زكريا ، يقول : كنت أحضر مجلس أبي الحسين بن أبي عمر يوم النظر ، فحضرت يوما أنا وجماعة من أهل العلم في الموضع الذي جرت العادة بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج ، قال : فدخل أعرابي لعل له حاجة إليه ، فجلس بقربنا ، فجاء غراب فقعد على نخلة في الدار وصاح ، ثم طار ، فقال الأعرابي : هذا الغراب يقول : بأن صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة أيام ، قال : فصحنا عليه وزبرناه فقام وانصرف ، واحتبس خروج أبي الحسين ، وإذا قد خرج إلينا غلام ، فقال : القاضي يستدعيكم ، قال : فقمنا ودخلنا إليه ، وإذا به متغير اللون منكسر البال مغتم ، فقال : اعلموا أني أحدثكم بشيء قد شغل قلبي ، وهو أني رأيت البارحة في المنام شخصا وهو يقول :


منازل آل حماد بن زيد     على أهليك والنعم السلام

وقد ضاق لذلك صدري ، قال : فدعونا له وانصرفنا ، فلما كان اليوم السابع من ذلك اليوم دفن رحمه الله .

أخبرنا عبد الرحمن قال : أخبرنا أحمد بن علي ، قال : أخبرنا علي بن المحسن ، قال : أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر ، قال : توفي قاضي القضاة - يعني أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف - في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ، وصلى عليه ابنه أبو نصر ، ودفن إلى جانب أبي عمر في دار إلى جانب داره .

قال أبو بكر الصولي : كان هذا القاضي عمر بن محمد قد بلغ من العلوم مبلغا [ ص: 392 ] عظيما ، وقرأ على من كتب اللغة والأخبار ما يقارب عشرة آلاف ورقة ، وتوفي ابن سبع وثلاثين سنة ، ووجد عليه الراضي وجدا شديدا حتى كان يبكي بحضرتنا ، وقال : كنت أضيق بالشيء ذرعا ، فيوسعه علي ، وكان يقول لا بقيت بعده .

2423 - عثمان بن عبدويه ، أبو عمرو البزاز الكشي :

سمع إبراهيم الحربي ، روى عنه أبو بكر [بن أبي موسى القاضي ، وكان ثقة .

توفي في رمضان هذه السنة ] .

2424 - محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت ، أبو الحسن المقرئ المعروف بابن شنبوذ :

حدث عن أبي مسلم الكجي ، وبشر بن موسى ، وخلق كثير من أهل الشام ومصر ، وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات ، وقرأ بها فصنف أبو بكر الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه .

أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا الخطيب ، قال : أخبرني إبراهيم بن مخلد فيما أذن لي أن أرويه عنه ، قال : أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي ، قال : أشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف تخالف المصاحف مما يروى عن ابن مسعود وأبي وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان ، ويتبع الشواذ [فيقرأ بها ] ويجادل حتى عظم أمره وفحش ، وأنكره الناس فوجه السلطان فقبض عليه في يوم السبت [لست خلون ] من ربيع الآخر سنة ثلاث [ ص: 393 ] وعشرين وثلاثمائة ، وحمل إلى دار الوزير محمد بن علي ابن مقلة ، وأحضر القضاة والفقهاء والقراء ، وناظره - يعني الوزير - بحضرتهم ، فأقام على ما ذكر عنه ونصره ، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف وتخالفه ، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس ، وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع ، فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه ، فضرب نحو العشر درر ضربا شديدا ، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة ، فخلي عنه وأعيدت عليه ثيابه واستتيب ، فكتب عليه كتاب بتوبته ، وأخذ عليه خطه بالتوبة .

توفي ابن شنبوذ يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من صفر هذه السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية