الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

2269 - أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص ، أبو عمرو الجبري : [ ص: 284 ]

شيخ نيسابور في عصره في الرئاسة والعدالة والثروة والحديث ، سمع محمد بن رافع وإسحاق بن منصور ، ومحمد بن يحيى وأبا زرعة ، وأبا حاتم في خلق كثير .

وتوفي لست خلون من ذي القعدة من هذه السنة .

2270 - أحمد بن مهدي بن رستم :

أسند الحديث الكثير .

أنبأنا محمد بن أبي القاسم ، أخبرنا حمد بن أحمد ، أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني الحافظ ، قال : سمعت أبا محمد بن حيان يقول : كان أحمد بن مهدي ذا مال كثير نحو ثلاثمائة ألف درهم ، فأنفقه كله على العلم ، وذكر أنه لم يعرف له فراش أربعين سنة .

وقال ابن حيان : وسمعت أبا علي أحمد بن محمد بن إبراهيم ، يقول : قال أحمد بن مهدي : جاءتني امرأة ببغداد ليلة من الليالي ، فذكرت أنها من بنات الناس وأنها امتحنت بمحنة ، وقالت : أسألك بالله أن تسترني ، فقلت : وما محنتك ؟ قالت : أكرهت على نفسي وأنا حبلى ، وذكرت للناس أنك زوجي ، وأن ما بي من الحبل منك فلا تفضحني ، استرني سترك الله عز وجل فسكت عنها ومضت فلم أشعر حتى وضعت ، وجاء إمام المحلة في جماعة من الجيران يهنئوني بالولد ، فأظهرت لهم التهلل ووزنت في اليوم الثاني دينارين ودفعتهما إلى الإمام ، فقلت : ادفع هذا إلى تلك المرأة لتنفقه على المولود فإنه سبق ما فرق بيني وبينها ، وكنت أدفع في كل شهر إليها دينارين على يد الإمام ، وأقول هذه نفقة المولود إلى أن أتى على ذلك سنتان ، ثم توفي المولود فجاءني الناس يعزونني ، فكنت أظهر لهم التسليم والرضا ، فجاءتني المرأة ليلة من الليالي بعد شهر ومعها تلك الدنانير التي كنت أبعث لها بيد الإمام فردتها ، وقالت : سترك الله عز [ ص: 285 ] وجل كما سترتني ، فقلت : هذه الدنانير كانت صلة مني للمولود ، وهي لك فاعملي فيها ما تريدين .

2271 - إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم ، مولى بكر بن مضر بن النعمان يكنى أبا أحمد :

كان من الغزاة وله مواقف معروفة في الروم ، توفي في رجب هذه السنة .

2272 - بدر بن الهيثم بن خلف بن خالد بن راشد بن الضحاك بن النعمان ، أبو القاسم اللخمي القاضي الكوفي :

نزل بغداد وحدث بها عن أبي كريب وغيره ، روى عنه ابن شاهين ويوسف القواس ، وكان ثقة من المعمرين ، وسمع الحديث بعد أن مضى من عمره أربعون سنة .

أنبأنا القزاز ، قال : أنبأنا أحمد بن علي ، قال : حدثني الأزهري ، قال : ذكر أبو الحسن الدارقطني : أن بدر بن الهيثم عاش مائة وسبع عشرة سنة ، وكان نبيلا ، وأدرك أبا نعيم الفضل بن دكين ، وما كتب عنه ، ودخل على علي بن عيسى الوزير فرفعه ، وقال له : كم سن القاضي ؟ قال : ما أدري كم سني ، ولكن قد كان بالكوفة أعجوبة فركبت مع أبي سنة خمس عشرة ومائتين ، وكان بين الركبتين مائة سنة .

توفي بدر في شوال هذه السنة ، وحمل إلى الكوفة ، فدفن بها .

2273 - جعفر بن عبد الله بن جعفر بن مجاشع ، أبو محمد الختلي .

حدث عن جماعة وروى عنه ابن المظفر ، وأبو بكر بن شاذان ، وابن شاهين ، وكان ثقة . وتوفي في هذه السنة .

2274 - جعفر بن محمد بن إبراهيم بن حبيب ، أبو بكر المعروف بابن أبي الصعو الصيدلاني : [ ص: 286 ]

حدث عن أبي موسى محمد بن المثنى ، ومحمد بن منصور الطوسي ، ويعقوب الدورقي . روى عنه ابن شاهين . وكان ثقة . وتوفي في هذه السنة .

2275 - عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور بن شاهنشاه ، أبو القاسم ابن بنت أحمد بن منيع :

بغوي الأصل ، ولد ببغداد سنة ثلاث عشرة ومائتين ، وقيل : سنة أربع عشرة في رمضان ، وهو أصح ، ورأى أبا عبيد ولم يسمع منه ، وسمع من يحيى بن معين جزءا ، فأخذه منه موسى بن هارون ، فرماه في دجلة ، وقال : أتريد أن تجمع في الرواية بين الثلاثة : أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وعلي بن المديني .

وكان البغوي يقول : أحصيت المشايخ الذين لا يروي عنهم اليوم غيري ، فكانوا سبعة وثمانين شيخا .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، أخبرنا علي بن المحسن ، قال : سمعت عمر بن أحمد الواعظ ، يقول : سمعت عبد الله بن محمد البغوي ، يقول : قرأت بخط جدي أحمد بن منيع : ولد أبو القاسم ابن بنتي يوم الاثنين في شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائتين ، وأول ما كتب الحديث سنة خمس وعشرين ومائتين عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني .

قال الخطيب : وسمع البغوي علي بن الجعد ، وخلف بن هشام البزار ، ومحمد بن عبد الوهاب الحارثي ، وأبا الأحوص محمد بن حيان البغوي ، وعبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي ، وأبا نصر التمار ، وداود بن عمرو الضبي ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني ، وأحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، وحاجب بن الوليد ، ومحمد بن جعفر الوركاني ، وبشر بن الوليد القاضي ، ومحمد بن حسان السمتي ، [ ص: 287 ] ومحرز بن عون ، وهارون بن معروف ، وشيبان بن فروخ ، وسويد بن سعيد ، وأبا خيثمة زهير بن حرب في آخرين من أمثالهم .

روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد ، وعلي بن إسحاق المادرائي ، وعبد الباقي بن قانع ، وحبيب بن الحسن القزاز ، ومحمد بن عمر الجعابي ، وأبو بكر بن مالك القطيعي ، وعبد الله بن إبراهيم الزينبي ، وأبو حفص بن الزيات ، ومحمد بن المظفر ، وأبو عمر بن حيوية ، وأبو بكر بن شاذان ، والدارقطني ، وابن شاهين ، وأبو حفص الكتاني وخلق سوى هؤلاء لا يحصون . وكان ثقة ثبتا مكثرا فهما عارفا .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب ، قال : حدثني علي بن أحمد بن علي المؤدب ، حدثنا محمد بن إسحاق النهاوندي ، حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد ، قال : لا يعرف في الإسلام محدث وازى عبد الله بن محمد البغوي في قدم السماع ، فإنه توفي في سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، وسمعناه يقول : حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني سنة خمس وعشرين ومائتين .

أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا الخطيب ، قال : حدثني أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي ، قال : سمعت [ أبا محمد عبدان بن أحمد الخطيب ابن بنت أحمد بن عبدان الشيرازي ، يقول : سمعت ] جدي يقول : اجتاز أبو القاسم البغوي بنهر طابق على باب مسجد ، فسمع صوت مستمل فقال : من هذا ؟ فقالوا : ابن صاعد ، فقال ذاك الصبي ؟ فقالوا : نعم ، قال والله لا أبرح من موضعي حتى أملي من هاهنا ، فصعد الدكة وجلس ، ورآه أصحاب الحديث فقاموا وتركوا ابن صاعد ، ثم قال : حدثنا أحمد بن حنبل الشيباني قبل أن يولد المحدثون ، حدثنا طالوت بن عباد قبل أن يولد المحدثون ، حدثنا أبو نصر التمار قبل أن يولد المحدثون ، فأملى ستة عشر حديثا عن ستة عشر شيخا ما كان في الدنيا من يروي عنهم غيره .

أخبرنا القزاز ، قال : أخبرنا أحمد بن علي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن عمر بن [ ص: 288 ] أحمد الواعظ ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك ، قال : سألت موسى بن هارون عن أبي القاسم بن منيع ، فقال : ثقة صدوق ، لو جاز لإنسان أن يقال له فوق الثقة لقيل له . قلت له : يا أبا عمران فإن هؤلاء يتكلمون فيه ، قال : يحسدونه ، ابن منيع لا يقول إلا الحق .

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد [القزاز ] ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي [بن ثابت ] ، قال : حدثني علي بن محمد بن نصر ، قال : سمعت حمزة بن يوسف ، يقول : سمعت أبا الحسين محمد بن غسان ، يقول : سمعت الأردبيلي ، يقول : سئل ابن أبي حاتم عن أبي القاسم البغوي [يدخل في الصحيح ؟

قال : نعم ، قال حمزة : سألت أبا بكر بن عبدان عن أبي القاسم البغوي ] قال : لا شك أنه يدخل في الصحيح .

أخبرنا القزاز ، أخبرنا أبو بكر أحمد ، حدثنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق ، قال : سمعت الدارقطني يقول : كان أبو القاسم بن منيع قلما يتكلم على الحديث ، فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج .

قال مؤلف الكتاب : هذا كلام العلماء الأثبات في البغوي ، وقد تكلم فيه أبو أحمد بن عدي بكلام حاسد لا يخفى سوء قصده .

أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أخبرنا إسماعيل بن أبي الفضل الإسماعيلي ، أخبرنا حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي ، أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ، قال : كان أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي وراقا في ابتداء عمره يورق على جده وعمه وغيرهما ، ووافيت العراق سنة سبع وتسعين وما رأيت في مجلسه في [ ص: 289 ] ذلك الوقت إلا دون العشرة غرباء بعد أن يسألهم بنوه مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم فيقرأ عليهم لفظا ، وكان مجانهم يقولون : في دار ابن منيع شجرة تحمل داود بن عمرو الضبي من كثرة ما يروى عنه ، وما علمت أن أحدا حدث عن علي بن الجعد بأكثر مما حدث هو ، وسمعه القاسم المطرز يوما يقول : حدثنا عبيد الله العيشي ، فقال : القاسم في حرام من يكذب . فلما كبر وأسن ومات أصحاب الإسناد ، احتمله الناس واجتمعوا عليه ، ونفق عندهم ومع نفاقه وإسناده كان مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه وحدث بأشياء أنكرت عليه ، وكان معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف .

قال مؤلف الكتاب رحمه الله : هذا كلام لا يخفى أنه صادر عن تعصب ، والوراقة لا تضره ، وقلة الجمع عليه لا تؤذيه ، وكلام المجان لا أثر له ، وقول المطرز خارج عن كلام أهل العلم ، وقد ذكرنا قصته مع ابن صاعد على أن ابن صاعد قد سمع منه ، وأما الذي أنكر عليه فما عرفنا أحدا أنكر عليه شيئا قط إلا أنه سها مرة في حديث ، ثم أعلمهم أنه غلط ، وهذا لا عيب فيه لأن الآدمي لا يخلو من الغلط .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : حدثني العلاء بن أبي المغيرة الأندلسي ، أخبرنا علي بن بقاء الوراق ، أخبرنا عبد الغني بن سعيد الأزدي ، قال : سألت أبا بكر محمد بن علي النقاش تحفظ شيئا مما أخذ على ابن بنت أحمد بن منيع ؟ فقال لي : كان غلط في حديث ، عن محمد بن عبد الوهاب ، عن ابن شهاب ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن نافع ، عن ابن عمر ، فحدث به عن محمد بن عبد الوهاب ، وإنما سمعه من إبراهيم بن هانئ ، عن محمد بن عبد الوهاب ، فأخذه عبد الحميد الوراق بلسانه ودار على أصحاب الحديث ، وبلغ ذلك أبا القاسم ابن بنت أحمد ابن منيع ، فخرج إلينا يوما فعرفنا أنه غلط فيه ، وأنه أراد أن يكتب حدثنا إبراهيم بن هانئ ، فمرت يده على العادة فرجع عنه ، قال أبو بكر : ورأيت فيه الانكسار والغم ، وكان ثقة رحمه الله .

أخبرنا القزاز ، أخبرنا أحمد بن علي الخطيب ، أخبرنا ابن رزق ، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي ، قال : توفي أبو القاسم بن منيع ليلة الفطر في سنة سبع [ ص: 290 ] عشرة وثلاثمائة ، ودفن يوم الفطر وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرا .

قال الخطيب : ودفن في مقبرة باب التبن .

قال المصنف : ورأيت في بعض الروايات أنه مات وهو صحيح السمع والبصر والأسنان ، يطأ الإماء .

2276 - علي بن الحسن بن المغيرة ، أبو محمد الدقاق :

سمع إسحاق بن [أبي ] إسرائيل ، روى عنه أبو بكر بن شاذان . وكان ثقة مأمونا . توفي في ذي القعدة من هذه السنة .

2277 - محمد بن الحسين بن محمد بن عمار ، أبو الفضل ، يعرف بابن أبي سعد الهروي :

قدم بغداد فحدث بها عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، روى عنه ابن المظفر ، وكان ثقة حافظا .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [القزاز ] أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال : قرأت في كتاب أبي القاسم بن الثلاج بخطه : قتل أبو الفضل محمد بن الحسين المعروف بابن [أبي ] الحسين مع أخيه في يوم الاثنين قبل التروية بيوم في المسجد الحرام ، قتلهما القرمطي ابن أبي سعيد الجنابي في السنة التي دخل القرمطي مكة سنة سبع عشرة وثلاثمائة .

2278 - محمد بن زبان بن حبيب ، أبو بكر الحضرمي :

ولد سنة خمس وعشرين ومائتين ، وحدث عن حرملة بن يحيى وغيره . وكان رجلا صالحا ثقة نبيلا ثبتا متقللا فقيرا لا يقبل من أحد شيئا .

توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة رحمه الله . [ ص: 291 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية