الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل :

237 - ذكر أبو الشيخ - رحمه الله - في دلائل النبوة : حدثنا الحسن بن محمد ، ثنا أبو زرعة ، ثنا سعيد بن حفص الحراني ، ثنا محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، قال : حدثت عن عبد الرحمن بن خباب ، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري ، بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجده ، ومعه رجال من أهل الريب ، وهم المنافقون ، إذ نشأت سحابة ، قال : فأبدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عينيه ، ثم جعل كأنه يتبع بصره شيئا حتى نظر نحو بعض حجره ، قال : فقام ، فلبث ما شاء الله ، ثم رجع ، فجلس ، فقلنا : يا رسول الله ، رأيناك تصنع شيئا ما رأيناك تصنعه ، قال : إني بينا أنا معكم ، إذ نظرت إلى ملك تدلى من هذه السحابة ، فأتبعته بصري أنظر أين يعمد ، فإذا هو قد وقع في بعض حجري ، فقمت إليه ، فسلم علي ، ثم قال : إني لم أزل أستأذن ربي في لقيك حتى كان هذا أوان أذن لي في ذلك ، وإني أبشرك يا محمد ، أنه ليس آدمي أكرم على ربه منك ، قلت : ومن أنت ؟ قال : أنا ملك السحاب الذي وكل به ، قلت : فهل أمطرتم شيئا من البلدان ؟ قال : نعم ، أمطرنا بلد كذا ، وكذا ، وبلد كذا ، وكذا ، وبلد كذا ، وكذا ، وبلد كذا ، وكذا ، قلت : فهل أمرتم لنا بشيء ؟ قال : أما في شهركم هذا ، فلا ، ولكنا قد أمرنا أن نمطركم في شهركم الداخل ليلة كذا ، وكذا في كذا ، وكذا من الشهر ، قال : ثم قام رسول - صلى الله عليه وسلم - ، وتفرقنا ، فقال : أولئك النفر [ ص: 184 ] من المنافقين قد فصل محمد بينكم وبين نفسه ، انظروا ما قال لكم ، فإن يك حقا ، فالرجل نبي مرسل ، وإلا يكن حقا ، فأنتم على ما أنتم عليه لم يزدكم في أمركم ذلك إلا شدة ، ثم خرجوا يتلقون الركبان ، فلا يسألون عن بلد من البلدان التي ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أخبروا عنه بمطر ، قال : فقالوا : سأل الركبان كما سألنا ، فأخبر ، ولكن انظروا الليلة التي وعدكم فيها ما وعدكم ، فلما كانت الليلة التي وعدهم فيها ما وعدهم أمطروا ، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : إنا كنا أهل ريب ، فهلم نبايعك بيعة جديدة ، فبايعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحسن إسلامهم ، وبورك لهم في ذلك المجلس .

التالي السابق


الخدمات العلمية