الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
50 - (باب ذكر أبواب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم) :

التي قد خص بها دون الأنبياء سواه ، صلوات الله عليهم لأمته ، وشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم (دون غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم) ، وشفاعة بعض أمته لبعض أمته ، ممن قد أوبقتهم خطاياهم ، وذنوبهم فأدخلوا النار ، ليخرجوا منها ، بعد ما قد عذبوا فيها ، بقدر ذنوبهم ، وخطاياهم التي لا يغفرها لهم ، [ ص: 589 ] ولم يتجاوز لهم عنها ، بفضله (وجوده . بالله) نتعوذ من النار .

51 - (باب : ذكر الشفاعة التي خص الله بها النبي صلى الله عليه وسلم) :

دون غيره من الأنبياء - صلى الله عليهم ، وهي الشفاعة الأولى التي يشفع بها لأمته ، ليخلصهم الله من الموقف الذي قد جمعوا فيه ، يوم القيامة ، مع الأولى ، [ ص: 590 ] [ ص: 591 ] [ ص: 592 ] وقد دنت الشمس منهم ، فآذتهم وأصابهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ، ولا يحتملون . وهذه الشفاعة هي سوى الشفاعة التي يشفع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ، لإخراج من قد أدخل النار من أمته ، بما قد ارتكبوا من الذنوب ، والخطايا في الدنيا ، التي لم يشأ الله أن يعفو عنها ويغفرها لهم ، تفضلا وكرما وجودا ، وما ذكر من خصوصية الله نبيه محمدا بالنظر إليه عز وجل عند الشفاعة داخل في هذا الباب .

1 - (000) : حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم ، قالوا : ثنا يحيى بن سعيد قال : ثنا أبو حيان ، قال : حدثني أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .

[ ص: 593 ] 2 - (000) : وثنا علي بن المنذر ، قال : ثنا ابن فضيل ، قال : ثنا أبو حيان التميمي ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .

3 - ( 347 ) : وثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي ، قال : ثنا ابن فضيل ، قال : ثنا أبو حيان التميمي ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " أتي النبي صلى الله عليه وسلم بلحم ، فدفع إليه الذراع ، وكان يعجبه ، فنهش منه نهشة ، ثم قال : أنا سيد [ ص: 594 ] الناس يوم القيامة ، وهل تدرون لم ذلك ؟ يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ، وينفدهم البصر ، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الكرب والغم ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيقول بعض الناس لبعض : ألا ترون ما أنتم فيه ؟ ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون إلى من يشفع إلى ربكم ؟

فيقول بعض الناس لبعض : أبوكم آدم عليه السلام فيأتون آدم ، فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟

فيقول لهم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة ، فعصيته ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح ، فيأتون نوحا ، فيقولون يا نوح : أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ، ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟

[ ص: 595 ] فيقول لهم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله (ولن يغضب بعده مثله) ، وإنه كانت لي دعوة دعوت بها على قومي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم (فيأتون إبراهيم) ، فيقولون يا إبراهيم : أنت نبي الله ، وخليله من أهل الأرض ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم إبراهيم : (إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وذكر كذباته ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى ، فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقولون :

يا موسى : أنت رسول الله ، فضلك الله برسالاته ، وبتكليمه على الناس ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟

فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا ، لم أؤمر بقتلها نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى ابن مريم ، فيأتون عيسى ابن مريم ، فيقولون : يا عيسى : أنت رسول الله ، وكلمت الناس في المهد ، وكلمة منه ألقاها إلى مريم وروح منه ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ، فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر له ذنبا ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتوني ، فيقولون : يا محمد أنت رسول الله وخاتم النبيين ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا فأنطلق فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي ، ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده ، وحسن الثناء عليه ، شيئا لم يفتحه لأحد قبلي ، ثم قال : يا محمد : ارفع رأسك ، وسل [ ص: 596 ] تعط ، واشفع تشفع ، فأرفع رأسي ، فأقول رب : أمتي ، أمتي أمتي ، ثلاث مرات ، فيقال : يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه ، من الباب الأيمن ، من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، قال : والذي نفسي بيده : إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى " .


هذا لفظ حديث عبد الرحمن بن بشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية