الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
18 - (باب ذكر سنة ثامنة) :

تبين وتوضح : أن لخالقنا - جل وعلا - يدين كلتاهما يمينان ، ولا يسار لخالقنا - عز وجل - ، إذ اليسار من صفة المخلوقين ، فجل ربنا عن أن يكون له يسار ، مع الدليل على أن قوله - عز وجل - : بل يداه مبسوطتان ، أراد عز ذكره باليدين ، اليدين ، لا النعمتين - كما ادعت الجهمية المعطلة .

[ ص: 160 ] - ( 89 ) : حدثنا محمد بن بشار ، وأبو موسى محمد بن المثنى ، ومحمد بن يحيى ، ويحيى بن حكيم ، قالوا : ثنا صفوان بن عيسى ، قال : ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لما خلق الله آدم ، ونفخ فيه الروح عطس ، فقال : الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله تبارك وتعالى ، فقال له ربه : رحمك الله ياآدم ، وقال له : يا آدم ، اذهب إلى أولئك الملائكة ، إلى ملأ منهم جلوس ، فقل : السلام عليكم ، فقالوا : وعليك السلام ، ورحمة الله وبركاته ، ثم رجع إلى ربه - عز وجل - فقال : " هذه تحيتك وتحية بنيك وبنيهم " ، فقال الله - تبارك وتعالى - له - ويداه مقبوضتان - " اختر أيهما شئت " ، [ ص: 161 ] قال : اخترت يمين ربي ، وكلتا يدي ربي يمين مباركة ، ثم بسطها ، فإذا فيها آدم وذريته ، فقال : أي رب ، ما هؤلاء ؟ ، قال : " هؤلاء ذريتك " ، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه ، وإذا فيهم رجل أضوؤهم ، أو من أضوئهم ، لم يكتب له إلا أربعين سنة ، فقال : يا رب ، من هذا ؟ فقال : " هذا ابنك داود ، وقد كتبت له أربعين سنة " ، فقال : يا رب ، زده في عمره قال : " ذاك الذي كتبت له " قال : فإني جعلت له من عمري ستين سنة ، قال : " أنت وذاك " ، فقال : ثم أسكن الجنة ما شاء الله ، ثم أهبط منها ، وكان آدم يعد لنفسه ، فأتاه ملك الموت ، فقال له آدم : قد عجلت ، قد كتب لي ألف سنة قال : بلى ، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة ، فجحد ، فجحدت ذريته ، ونسي فنسيت ذريته ، فيومئذ أمر بالكتاب والشهود " .

[ ص: 162 ] هذا حديث بندار غير أنه قال : " رحمك الله يا آدم " ، وقال : " أو من أضوئهم " قال : يا رب ، ما هذا ؟ ، وقال أبو موسى : " عمره مكتوب عنده " ، لم يقل : بين عينيه ، وقال : إذ لآدم ألف سنة ، وقال : وإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم ، لم يكتب له إلا أربعين سنة ، قال : أي رب ، ما هذا ؟ قال : " هذا ابنك داود " قال : يا رب زده ، وقال : عجلت ، أليس كتب الله لي ألف سنة ؟ وقال : ما فعلت ، فجحد " .

وهكذا قال يحيى بن حكيم في هذه الأحرف كما قال أبو موسى .

التالي السابق


الخدمات العلمية