الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
60 - ( 537 ) : حدثنا أبو موسى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة وأنا أقول أخرى قال : " من مات وهو يجعل لله ندا دخل النار ، قال : وأنا أقول : وهو لا يجعل لله ندا دخل الجنة " .

قال أبو بكر : قد كنت أمليت أكثر هذا الباب في كتاب " الإيمان " ، وبينت في ذلك الموضع معنى هذه الأخبار ، وأن معناها ليس كما يتوهمه المرجئة وبيقين يعلم كل عالم من أهل الإسلام : أن النبي - صلى الله عليه وسلم لم يرد بهذه الأخبار أن من قال لا إله إلا الله - أو زاد مع شهادة أن لا إله إلا الله شهادة أن محمدا رسول الله ولم يؤمن بأحد من الأنبياء ، غير محمد صلى الله عليه وسلم ولا آمن بشيء من كتاب الله ، ولا بجنة ولا نار ، ولا [ ص: 816 ] بعث ولا حساب أنه من أهل الجنة ، لا يعذب بالنار ، ولئن جاز للمرجئة الاحتجاج بهذه الأخبار ، (وإن كانت هذه الأخبار) ظاهرها خلاف أصلهم ، وخلاف كتاب الله وخلاف سنن النبي - صلى الله عليه وسلم ، جاز للجهمية الاحتجاج بأخبار رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم إذا تؤولت على ظاهرها ، استحق من يعلم أن الله ربه وأن محمدا نبيه الجنة ، وإن لم ينطق بذلك لسانه ، ولا يزال يسمع أهل الجهل والعناد ، ويحتجون بأخبار مختصرة ، غير متقصاة ، وبأخبار مجملة غير مفسرة ، لا يفهمون أصول العلم ، يستدلون بالمتقصى من الأخبار على مختصرها ، وبالمفسر منها على مجملها ، قد ثبتت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم بلفظة ، لو حملت على ظاهرها كما حملت المرجئة الأخبار التي ذكرناها في شهادة أن لا إله إلا الله (على ظاهرها لكان العالم بقلبه : أن لا إله إلا الله) مستحقا للجنة ، وإن لم يقر بذلك بلسانه ، ولا أقر بشيء مما أمر الله تعالى بالإقرار به ، ولا آمن بقلبه بشيء أمر الله بالإيمان به ولا عمل بجوارحه شيئا أمر الله به ، ولا انزجر عن شيء حرمه الله : من سفك دماء المسلمين ، وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم ، واستحلال حرمهم فاسمع الخبر الذي ذكرت أنه غير جائز أن يحمل على ظاهره ، كما حملت المرجئة الأخبار التي ذكرناها على ظاهرها .

[ ص: 817 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية