الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
39 - (باب : ذكر البيان الشافي لصحة ما ترجمته للباب قبل هذا) :

إن الله - جل وعلا - يكلم الكافر والمنافق يوم القيامة تقريرا وتوبيخا ، وذكر إقرار الكافر في ذلك الوقت بكفره في الدنيا ، وهو إقراره : أنه لم يكن يظن في الدنيا أنه ملاق ربه يوم القيامة ، فمن كان غير مؤمن في الدنيا ، غير مصدق بأنه ملاق ربه يوم القيامة ، فكافر غير مؤمن .

وذكر دعوى المنافق في ذلك الوقت : أنه كان مؤمنا بربه ، - عز وجل - ، وبنبيه وبكتابه ، صائما ومصليا ، مزكيا في الدنيا ، وإنطاق الله - عز وجل - فخذ المنافق ولحمه وعظامه ، لما كان يعمل في الدنيا ، تكذيبا لدعواه بلسانه .

[ ص: 369 ] 1 - ( 220 ) : حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار ، قال : ثنا سفيان ، قال : سمعته وروح بن القاسم ، منه - يعني من سهيل بن أبي صالح - عن أبيه ، عن أبي هريرة ، - رضي الله عنه - قال : سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فقالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ ، فقال : " هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ، ليس فيها سحاب " ، قالوا : لا يا رسول الله ، قال : " فهل تضارون في الشمس عند الظهيرة ليست في سحاب ؟ " ، قالوا : لا يا رسول الله .

قال : " فوالذي نفسي بيده : لا تضارون في رؤية ربكم ، كما لا تضارون في رؤيتهما . قال : فيلقى العبد ، فيقول : أي قل - يعني يا فلان - : ألم أكرمك ؟ [ ص: 370 ] ألم أسودك ؟ ، ألم أزوجك ؟ ، ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأتركك ترأس وتربع ؟ ، قال : بلى يا ربي . قال : فظننت أنك ملاقي ؟ ، قال : لا يا رب ، قال : فاليوم أنساك كما نسيتني .

قال : ثم يلقى الثاني : فيقول : ألم أكرمك ؟ ، ألم أسودك ؟ ألم أزوجك ؟ ، ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأتركك ترأس وتربع ؟ قال : بلى ، يا رب . قال : فظننت أنك ملاقي ؟ قال : لا يا رب ، قال : فاليوم أنساك كما نسيتني .

قال : ثم يلقى الثالث ، فيقول : ما أنت ؟ فيقول : أنا عبدك ، آمنت بك ، وبنبيك ، وبكتابك ، وصمت وصليت ، وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع ، فيقال له : أفلا نبعث عليك شاهدنا ؟ قال : فينكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليه ، قال : فيختم على فيه ، ويقال : لفخذه انطقي ، قال : فتنطق فخذه ولحمه وعظامه ، بما كان يعمل ، فذلك المنافق ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك الذي سخط الله عليه .

[ ص: 371 ] قال : ثم ينادي مناد : ألا اتبعت كل أمة ما كانت تعبد . . . .
" . فذكر الحديث بطوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية