الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11 - ( 459 ) : حدثنا محمد بن بشار بندار ، ومحمد بن رافع ، وهذا حديث بندار ، قال : ثنا حماد بن مسعدة ، قال : ثنا ابن عجلان ، عن جوثة بن عبيد ، أن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يؤتى آدم عليه السلام ، يوم القيامة ، فيقال : اشفع لذريتك ، فيقول : لست بصاحب ذلك ، ائتوا نوحا ، فإنه أول الأنبياء وأكبرهم ، فيؤتى نوح فيقول : لست بصاحبه ، عليكم بإبراهيم ، فإن الله اتخذه [ ص: 720 ] خليلا فيؤتى إبراهيم فيقول : لست بصاحبه ، عليكم بموسى ، فإن الله كلمه تكليما ، قال : فيؤتى موسى ، فيقول : لست بصاحبه عليكم بعيسى ، فإنه روح الله وكلمته ، فيؤتى عيسى ، فيقول : لست بصاحب هذا ، ولكن أدلكم على صاحبه ، ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، وعلى جميع الأنبياء ، قال : فأوتى ، فأستفتح فإذا نظرت إلى الرحمن وقعت له ساجدا ، فيقال لي : ارفع رأسك يا محمد ، وقل ، يسمع ، واشفع ، تشفع ، وسل ، تعطه ، فأقول : يا رب أمتي ، قال : فيقال : اذهبوا ، فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه مثقال دينار إيمان إلا أخرجتموه ، ويخرج ما شاء الله ، ثم أقع الثانية ساجدا ، قال : فيقال : ارفع يا محمد ، فقل يسمع ، واشفع تشفع ، وسل ، تعطه ، فأقول ، أى رب ، أمتي ، قال : فيقال : اذهبوا فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه نصف دينار إيمان إلا أخرجتموه قال : فيخرج بذلك ما شاء الله ، قال : ثم أقع الثالثة ساجدا قال : فيقال : ارفع رأسك يا محمد ، وقل ، يسمع لك ، واشفع ، تشفع ، وسل ، تعطه ، قال : فأقول : يا رب ، أمتي فيقول : اذهبوا فلا تدعوا في النار أحدا في قلبه مثقال ذرة إيمان إلا أخرجتموه ، قال : فلا يبقى إلا من لا خير فيه - قال لنا بندار مرة - ائتوا عيسى ، وقال : فيقول : لست بصاحب ذلك ، وقال : مثقال ذرة من إيمان) سمعته من بندار مرتين ، مرة في كتاب القواعد ، ومرة في كتاب ابن عجلان .

قال أبو بكر : قد اختلفوا في اسم هذا الشيخ ، فقال : بعضهم جوثة بن عبيد ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن يزيد بن أبي حبيب حدثه (أن جوثة) بن عبيد الأيلي ، [ ص: 721 ] أنه سمع أنس بن مالك يقول : (إن الله تبارك وتعالى إذا قضى بين خلقه ، فأدخل أهل الجنة ، الجنة وأدخل أهل النار ، النار ، سجد محمد صلى الله عليه وسلم ، فأطال السجود ، فينادى ارفع رأسك يا محمد ، اشفع ، تشفع ، وسل ، تعطه ، فيرفع رأسه ، فيقول : يا رب ، أمتي ، فيقول الله تعالى ، عز وجل للملائكة : أخرجوا لمحمد صلى الله عليه وسلم من أمته من كان في قلبه مثقال قيراط من إيمان فيخرجون ، ثم يسجد الثانية أطول من سجدته الأولى ، قال : فيقال : ارفع رأسك ، اشفع تشفع ، وسل تعطه ، فأقول : يا رب أمتي فيقول الله عز وجل للملائكة : أخرجوا من أمته من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان ، ثم يسجد الثالثة أطول من سجدته ، فينادى ارفع رأسك ، اشفع ، تشفع ، وسل ، تعطه فيقول : يا رب ، أمتي ، فيقول الله للملائكة : أخرجوا لمحمد صلى الله عليه وسلم من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فيعرضون عليه ، فيخرجونهم ، قد اسودوا وعادوا كالنصال المحرقة ، فيدخلون الجنة فينادي بهم أهل الجنة ، فيقولون : من هؤلاء الذين آذانا ريحهم ؟ فتقول الملائكة : هؤلاء الجهنميون ، [ ص: 722 ] وقد أخرجوا بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، فيذهب بهم إلى نهر الحيوان فيغسلون ويتوضؤون ، فيعودون أناسا من الناس غير أنهم يعرفون) فقلت : يا أبا حمزة ، وما الحيوان ؟ قال : نهر من أنهار الجنة ، هو من أدناها .

قال أبو بكر : هذه اللفظة (قد اسودوا وعادوا كالنصال) من الجنس الذي أقول إن العود قد يكون بدءا ، لأن أهل النار لم يكونوا سودا كالنصال ، قبل أن يدخلوا النار ، وإنما اسودوا بعد ما احترقوا في النار فمعنى قوله : (وعادوا كالنصال المحرقة) أى صاروا كالنصال المحرقة ، فأوقع اسم العود ، وإنما معناه صاروا .

قال أبو بكر : هذا الشيخ هو جوثة بن عبيد ، كما قاله عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، وقد روى عياش بن عقبة الحضرمي عنه خبرا آخر ، حدثناه أبو هاشم زياد بن أيوب ، قال : ثنا أبو عبد الرحمن المقري ، قال : ثنا عياش بن عقبة [ ص: 723 ] الحضرمي ، وكان من أفاضل من لقيت بمصر ، قال : سمعت جوثة بن عبيد الأيلي يحدث عن أنس بن مالك قال : (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (سيقرأ القرآن رجال لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) .

[ ص: 724 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية