الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
49 - ( 313 ) : حدثنا ابن معمر ، قال : حدثنا روح ، عن سعيد ، عن قتادة ولقد رآه نزلة أخرى قال : (رأى نورا عظيما عند سدرة المنتهى) .

قال أبو بكر : " فلو كان أبو ذر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم ينكر رؤية ربه جل وعلا بقلبه وعينه جميعا في قوله (نورا أنى أراه) لما تأول الآية التي تلاها : قوله ولقد رآه نزلة أخرى خلاف ما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذ العلم محيط أن النبي صلى الله عليه وسلم لا [ ص: 519 ] يقول خلاف الكتاب ، ولا يكون الكتاب خلاف (الثابت عنه وإنما يكون) خبر النبي - صلى الله عليه وسلم أبدا موافقا لكتاب الله ، لا مخالفا لشيء منه ، ولكن قد يكون لفظ الكتاب لفظا عاما ، مراده خاص ، وقد يكون خبر النبي - صلى الله عليه وسلم لفظه لفظ عام ، مراده خاص ، من الكتاب والسنة ، قد بينا جميعا من هذا الجنس في كتبنا المصنفة ما في بعضها الغنية والكفاية عن تكراره في هذا الموضع ، ولولا أن تأويل هذه الآية قد صح عندنا ، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه على غير ما تأوله أبو ذر - رحمه الله ، فجاز أن يكون خبرا أبي ذر اللذان ذكرناهما من الجنس الذي يقال : جائز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم سأله أبو ذر ، في بعض الأوقات ، : هل رأى ربه جل وعلا (ولم يكن قد رآه بعد ، فأعلمه أنه لم يره ، ثم رأى ربه جل وعلا بعد ذلك) فتلا عليه الآية ، وأعلمه أنه رآه بقلبه ، ولكن قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية فأخبر أنه إنما رأى جبريل على صورته ، فثبت أن قوله : ولقد رآه نزلة أخرى : إنما هو رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل ، لا رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه - عز وجل - ، وجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه ، على ما أخبر ابن عباس رضي الله عنهما ، ومن قال : [ ص: 520 ] ممن حكينا قوله إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه لتأويل هذه الآية ولقد رآه نزلة أخرى ، وخبر أبي عمران الجوني ، عن أنس بن مالك شبيه المعنى بخبر أبي ذر : (رأيت نورا) .

التالي السابق


الخدمات العلمية