الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
52 - ( 316 ) : حدثنا ابن معمر ، قال : ثنا روح ، قال : ثنا عباد بن منصور ، قال : سألت الحسن ، فقلت : ثم دنا فتدلى من ذا يا أبا سعيد ؟ قال : (ربي) .

قال أبو بكر : وفي خبر كثير بن حبيش ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مثل هذه اللفظة التي في خبر شريك بن عبد الله .

[ ص: 530 ] 53 - ( 317 ) :

كذاك ثنا أبو عمار الحسين بن حريث ، قال : ثنا الفضل بن موسى ، عن محمد بن عمرو ، قال : ثنا كثير بن حبيش ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بينما أنا مضطجع في المسجد ، رأيت ثلاثة نفر أقبلوا إلي ، فقال الأول : هو هو ، فقال الأوسط : نعم ، فقال الآخر : خذوا سيد القوم ، قال : فرجعوا إلي - ، فاحتملوني ، حتى ألقوني على ظهري ، عند زمزم ، فشقوا بطني ، فغسلوه ، فسمعت بعضهم يوصي بعضا يقول : انقوها ، فأنقوا حشوة بطني ، ثم أتيت بطشت من ذهب ، [ ص: 531 ] مملوء حكمة وإيمانا ، فأوعى في قلبي ، ثم صعدوا بي إلى السماء فاستفتح قال : من هذا ؟ قال : جبريل ، قال : ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قال : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، ففتح فإذا آدم ، إذا نظر عن يمينه ضحك ، وإذا نظر عن شماله بكى ، قال : قلت يا جبريل : من هذا ؟ قال : هذا أبوك آدم ، إذا نظر إلى الجنة عن يمينه فرأى من فيها من ولده ضحك ، وإذا نظر إلى النار عن يساره فنظر إلى ولده فيها بكى ، قال أنس : إن شئت سميت لك كلهم ، ولكن يطول على الحديث - فعرج بي حتى أتى السماء السادسة ، فقال : من هذا ؟ فقال جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم - ، قال : وقد أرسل إليه ، قال : نعم ، ففتح ، فإذا موسى ، قال : فعرج بي حتى السماء السابعة فاستفتح قيل من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد - صلى الله عليه وسلم ، قال : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم ، ففتح ، فأدخلت الجنة فأعطيت الكوثر ، وهو نهر في الجنة ، شاطئه ياقوت مجوف من لؤلؤ ثم عرج بي حتى جاء سدرة المنتهى ، فدنا إلى ربه ، فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، ففرض علي وعلى أمتي خمسين صلاة ، فرجعت فمررت على موسى ، فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك أن يخفف عنك وعن أمتك ، فرجعت إليه ، فوضع عنى عشر صلوات ، ثم مررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : فرض علي أربعين [ ص: 532 ] صلاة ، قال : ارجع إلى ربك أن يخفف عنك ، وعن أمتك ، فرجعت إليه فوضع عني عشرا ، فلم يزل حتى انتهى إلى عشر ، فلما انتهى إلى عشر قال : إن بني إسرائيل أمروا بأيسر من هذا فلم يطيقوه ، فرجعت إليه فوضع خمسا ثم قال : لا يبدل قولي ولا ينسخ كتابي ، هو في التخفيف خمس صلوات ، وفي التضعيف في الأجر خمسون صلاة ، فرجعت إلى موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : خمس صلوات قال : ارجع إلى ربك ، أن يخفف عنك وعن أمتك ، قال : قد رجعت إلى ربي حتى أني لأستحي منه " .

وقد روى الوليد بن مسلم خبرا يتوهم كثير من طلاب العلم ممن لا يفهم علم الأخبار أنه خبر صحيح ، من جهة النقل ، - وليس كذلك - هو عند علماء أهل الحديث . وأنا مبين علله إن وفق الله لذلك ، حتى لا يغتر بعض طلاب الحديث به ، فيلتبس الصحيح بغير الثابت من الأخبار ، قد أعلمت [ ص: 533 ] ما لا أحصي من مرة أني لا أستحل أن أموه على طلاب العلم بالاحتجاج بالخبر الواهي ، وإني خائف من خالقي ، جل وعلا - إذا موهت على طلاب العلم بالاحتجاج بالأخبار الواهية ، وإن كانت حجة لمذهبي .

التالي السابق


الخدمات العلمية