الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            3 - باب مبتدأ فرض الصلوات الخمس

                                                            253 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا يحيى بن أبي طالب ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ سمعت قائلا يقول : أحد الثلاثة بين الرجلين ، قال : فأتيت فأهلوني ، ثم أتيت بطست من ذهب فيها من ماء زمزم فشرح صدري إلى كذا وكذا . " قال [ ص: 107 ] قتادة : قلت لصاحبي : ما تعني ؟ قال : " إلى أسفل بطني ، واستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ، ثم أعيد مكانه " . قال : وحشي - أو قال : وكنز - أيمانا [ ص: 108 ] [ ص: 109 ] وحكمة " ، والشك من سعيد ، قال : " ثم أتيت بدابة أبيض يقال لها : [البراق ] فوق الحمار ودون البغل ، يقع خطوه عند أقصى طرفه ، فحملت عليه ومعي صاحبي لا يفارقني ، فانطلقنا حتى أتينا السماء الدنيا فاستفتح جبريل - عليه السلام - فقيل : من هذا ؟ فقال : جبريل . فقال : ومن معك ؟ قال : محمد . قالوا : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قال : ففتح لنا وقالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء . فأتيت على آدم عليه السلام فقلت : يا جبريل : من هذا ؟ فقال : هذا أبوك آدم . فسلمت عليه . فقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الثانية فاستفتح جبريل ؛ فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . فقيل : أوقد بعث إليه ؟ فقال : نعم . قال : ففتح لنا وقالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء . فأتيت على يحيى وعيسى . - " قال سعيد أحسبه قال : " ابني الخالة - فسلمت عليهما ، فقالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم انطلقنا [ ص: 110 ] حتى أتينا السماء الثالثة ؛ فاستفتح جبريل . قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء . فأتيت على يوسف ، فقلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسف ، فسلمت عليه ، فقال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الرابعة ؛ فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء . فأتيت على إدريس فقلت : من هذا ؟ قال : أخوك إدريس . فسلمت عليه . قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح - " قال عبد الوهاب : قال سعيد : وكان قتادة يقول عندها : قال الله تعالى : ورفعناه مكانا عليا " - ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الخامسة ؛ فاستفتح جبريل ؛ فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء . قال : فأتيت على هارون عليه السلام . فقلت : يا جبريل من هذا ؟ فقال : هذا أخوك هارون فسلمت عليه ، فقال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السادسة ؛ فاستفتح جبريل . فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قال : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء . قال : فأتيت على موسى عليه السلام . فقلت : يا جبريل : من هذا ؟ قال : أخوك موسى . فسلمت عليه ، فقال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . فلما جاوزته بكى فنودي : ما يبكيك . فقال : يا رب هذا غلام بعثته بعدي يدخل من أمته الجنة أكثر مما يدخل من أمتي . ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السابعة ؛ فاستفتح جبريل ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : مرحبا به ولنعم المجيء جاء . فأتيت على إبراهيم عليه السلام . فقلت : من هذا ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . فسلمت عليه . فقال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم رفع لنا البيت المعمور ؛ فقلت : يا جبريل ما هذا ! قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك حتى إذا خرجوا منه لم يعودوا [ ص: 111 ] فيه آخر ما عليهم . ثم رفعت لنا سدرة المنتهى فحدث نبي الله صلى الله عليه وسلم أن ورقها مثل آذان الفيلة ، وأن نبقها مثل قلال هجر ، وحدث النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران باطنان ونهران ظاهران . فقلت : ما هذه الأنهار يا جبريل ؟ فقال : أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات . قال : وأتيت بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن ، فعرضا علي فاخترت اللبن . فقيل لي : أصبت أصاب الله بك أمتك على الفطرة . وفرضت علي خمسون صلاة كل يوم أو قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم . - الشك من سعيد - فجئت حتى أتيت على موسى فقال لي : بما أمرت ؟ فقلت : أمرت بخمسين صلاة كل يوم . قال : إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا يطيقون ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك . فرجعت فحط عني خمس صلوات فما زلت اختلف بين ربي وبين موسى كلما أتيت عليه قال : لي مثل مقالته حتى رجعت بخمس صلوات كل يوم . فلما أتيت على موسى قال لي : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم . قال : إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك . قلت : لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم . قال : فنوديت - أو نادى مناد - الشك من سعيد - " أن قد أمضيت فريضتي وخففت [عن ] عبادي . وجعلت بكل حسنة عشر أمثالها " .

                                                            [ ص: 112 ]

                                                            254 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا أبو صالح ، وابن بكير ، قالا : حدثنا الليث : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، قال : كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فرج [عن ] سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل عليه السلام [ففرج صدري ، ثم غسله من ماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ، ثم أفرغها في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي ] فعرج [بي ] إلى السماء ففرض الله تعالى على أمتي خمسين صلاة ، فلم أزل أراجع ربي . قال : هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي " .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية