الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            2 - باب تحسين العبد عبادة معبوده حتى كأنه يراه ويشاهده فإنه سبحانه يراه ويعلم سره وعلانيته

                                                            قال الله تعالى : ألم يعلم بأن الله يرى ، وقال : يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون .

                                                            10 - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل بمدينة السلام ، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا محمد بن عبيد الله بن المنادي ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن يحيى بن يعمر ، قال : قيل لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن ! إن قوما يزعمون ليس قدر قال : هل عندنا منهم أحد ؟ قال : قلت : لا . قال : فأبلغهم عني إذا لقيتهم أن ابن عمر بريء إلى الله منكم وأنتم برآء إلى الله منه . سمعت عمر بن الخطاب قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس إذ جاءه رجل ليس عليه عناء سفر ، وليس من البلد ، يتخطى حتى ورك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة ، ثم وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ! ما الإسلام ؟ فقال : " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج وتعتمر ، وتغتسل من [ ص: 15 ] الجنابة . وتتم الوضوء ، وتصوم رمضان " . قال : فإن فعلت هذا فأنا مسلم ؟ قال : " نعم " قال : صدقت . قال : يا محمد ! ما الإيمان ؟ قال : " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وتؤمن بالجنة والنار والميزان ، وتؤمن بالبعث بعد الموت ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال : فإذا فعلت هذا فأنا مؤمن ؟ قال : " نعم " . قال : صدقت . قال : يا محمد ! ما الإحسان ؟ قال : " أن تعمل لله كأنك تراه فإنك إن لا تراه فإنه يراك " . قال : فإذا فعلت هذا فأنا محسن ؟ قال : " نعم " . قال : صدقت . قال : فمتى الساعة ؟ قال : " سبحان الله ! ما المسئول بأعلم بها من السائل " قال : " إن شئت أنبأتك بأشراطها . قال : أجل . قال : " إذا رأيت العالة الحفاة العراة يتطاولون في البناء وكانوا ملوكا " . قال : ما العالة الحفاة العراة ؟ قال : " العرب " . قال : " وإذا رأيت الأمة تلد ربها وربتها فذلك من أشراط الساعة " . قال : صدقت . ثم نهض فولى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علي بالرجل " . قال : فطلبناه فلم نقدر عليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل تدرون من هذا ؟ هذا جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم فخذوا عنه ، فوالذي نفسي بيده ما شبه علي منذ أتاني قبل مدتي هذه وما عرفته حتى ولى " .

                                                            إسناده على شرط مسلم . وذكره في العمرة والغسل علله الدارقطني . [ ص: 16 ]

                                                            11 - أخبرنا محمد بن [ . . . . . ] أحمد بن محمد الحاتمي الطوسي يقول : سمعت إبراهيم بن شيبان يقول : سمعت الجنيد بن محمد يقول : وسئل عن أول مقام التوحيد ؟ فقال : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كأنك تراه " .

                                                            12 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد ، أخبرني أبي ، قال : سمعت الضحاك بن عبد الرحمن يقول : سمعت بلال بن سعد يقول : " عباد الرحمن ! إنكم تعملون في أيام قصار لأيام طوال وفي دار زوال [ ص: 17 ] لدار مقام ، وفي دار نصب لدار نعيم وخلد ، فمن لم يعمل على يقين فلا يتغنى " .

                                                            13 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد الأصبهاني ، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن يحيى بن جعدة ، قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : في الصيف عام الأول والعهد قريب : " سلوا الله عز وجل اليقين والعافية " .

                                                            14 - وروينا عن أوسط البجلي ، سمع أبا بكر ، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : معناه ، وزاد : " فإنه ما أوتي العبد بعد اليقين خيرا من العافية " .

                                                            15 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا الحسين بن صفوان ، حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا ، حدثني محمد بن عثمان العجلي ، حدثنا أبو أسامة ، عن جرير بن حازم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الناس لم يؤتوا في الدنيا خيرا من اليقين والعافية فسلوهما الله " [ ص: 18 ] .

                                                            16 - قال الحسن : " صدق الله ورسوله : باليقين طلبت الجنة ، وباليقين هرب من النار ، وباليقين أديت الفرائض ، وباليقين صبر على الحق ، وفي معافاة الله خير كثير ، قد والله رأيناهم يتقاربون في العافية فإذا نزل البلاء تفاوتوا " .

                                                            17 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، قال : سمعت أبا عثمان الحناط يقول : سمعت ذا النون يقول : ثلاثة من أعلام اليقين : " النظر إلى الله في كل شيء ، والرجوع إليه في كل شيء ، والاستغناء به في كل حال " .

                                                            * * *

                                                            [ ص: 19 ]

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية