الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            11 - باب ستر العورة

                                                            قال الله عز وجل : يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد .

                                                            319 - قال الشافعي رحمه الله : فقيل والله أعلم الثياب .

                                                            320 - قلت : وهذا قول طاووس . وقال مجاهد : ما وارى عورتك ولو عباءة .

                                                            321 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا أبو الأزهر ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا فليح بن سليمان ، عن سعيد بن الحارث أنه أتى جابر بن عبد الله فقال : " إني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فجئت ليلة لبعض أمري ، فوجدته يصلي وعلي ثوب واحد ، فاشتملت به وصليت إلى جنبه ، فلما انصرف قال : " ما السرى يا جابر ؟ " فأخبرته [ ص: 132 ] بحاجتي ؛ فقال : " يا جابر ما هذا الاشتمال الذي رأيت ؟ " فقلت : يا رسول الله ! كان ثوبا واحدا ضيقا . قال : إذا صليت وعليك ثوب واحد فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فأتزر به " . وفي هذا دلالة على أن الرجل إذا ستر ما تحت الإزار صحت صلاته .

                                                            322 - وروينا في حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما دل على أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة " .

                                                            323 - وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لجرهد وهو كاشف عن فخذه : " غطها فإنها من العورة " . وقال أيضا لمعمر .

                                                            324 - وروينا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الفخذ عورة " .

                                                            325 - وروينا عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم " كشف عن ركبتيه فلما أقبل عثمان رضي الله عنه غطاهما " [ ص: 133 ] قال الشيخ أحمد رحمه الله : وفي ذلك دلالة على أن " ركبتي الرجل ليستا بعورة . والله أعلم " .

                                                            325 - وأما المرأة الحرة فقد قال الله عز وجل : ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها .

                                                            326 - وروي عن ابن عباس أنه قال : " ما في الوجه والكف " .

                                                            [ ص: 134 ]

                                                            327 - وعن عائشة : " ما ظهر منها الوجه والكفان "

                                                            328 - وروي عن ابن عمر .

                                                            329 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا مالك ، قال : حدثني القعنبي فيما قرأ على مالك عن محمد بن زيد بن قنفذ ، عن أمه أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب ؟ فقالت : " تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها " .

                                                            330 - ورواه عثمان بن عمر ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ ، عن أمه عن أم سلمة أنها قالت سألت النبي صلى الله عليه وسلم : " أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار ؟ فقال : " إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها " .

                                                            331 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين ، قالوا : أخبرنا أبو العباس محمد بن [ ص: 135 ] يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا عثمان بن عمر . . ، فذكره . وأما الأمة قبل أن تعتق فرأسها ورقبتها وجذور يديها وقدميها وما يظهر منها فضلا في حال المهنة ليس بعورة " .

                                                            332 - وروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما دل على " أن رأسها ليس بعورة " .

                                                            332 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس بن يعقوب ، حدثنا بحر بن نصر ، حدثنا ابن وهب : أخبرني رجل والليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، سمع عقبة بن عامر يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعليه فروج حرير ، فصلى فيه ، ثم انصرف فنزعه وقال : " لا ينبغي لباس هذا للمتقين " . وفي هذه دلالة على أنه تكره الصلاة فيها ، وإن صلى فيه لم يعد فيه . كالدلالة على أن لبس الحرير لا يجوز للرجال " .

                                                            333 - وفي الحديث الثابت عن حذيفة أن رسول الله " نهى عن لباس الحرير والديباج وأن يجلس عليه " .

                                                            [ ص: 136 ]

                                                            334 - وروينا عن ابن عباس أنه قال : إنما " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير ، فأما العلم من الحرير وسدى الثوب فلا بأس به .

                                                            335 - قلت : وتحريم لبس الديباج والجلوس عليه يختص بالرجال دون النساء وكذلك التحلي بالذهب " .

                                                            336 - فقد روينا عن علي بن أبي طالب ، وعقبة بن عامر ، وأبي موسى الأشعري ، وعبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : في الحرير والذهب " حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم " .

                                                            337 - وقد وردت الرخصة للرجال فيمن قطع أنفه بأن يتخذ أنفا من ذهب . وذلك في حديث عرفجة بن أسعد أنه " أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب " . [ ص: 137 ] .

                                                            338 - أخبرنا أبو بكر بن فورك ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أبو الأشهب ، عن عبد الرحمن بن طرفة ، عن جده عرفجة بن أسعد . . ، فذكره .

                                                            339 - وقد قيل : عنه عن عبد الرحمن ، عن أبيه أن عرفجة .

                                                            340 - وقيل : عنه عن عبد الرحمن ، عن أبيه عن جده .

                                                            341 - وروينا في شد الأسنان بالذهب عن أنس بن مالك . وروينا رخصة النبي صلى الله عليه وسلم للزبير ، وعبد الرحمن بن عوف في غزاة لهما حين شكوا إليه القمل في لبس الحرير .

                                                            342 - وعن أسماء بنت أبي بكر " أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له جبة مكفوفة بالديباج يلقى فيها العدو " .

                                                            342 - وأما وصل المرأة شعرها فقد :

                                                            343 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا يونس بن محمد المؤدب ، حدثنا فليح بن سليمان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة " .

                                                            [ ص: 138 ]

                                                            344 - وروينا عن عائشة أن امرأة من الأنصار تمرط شعرها فأرادوا أن يصلوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله الواصلة والمستوصلة " .

                                                            * * *

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية