الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            24 - باب كيفية الركوع والسجود ، والاعتدال في الركوع والقعود بين السجدتين وجلسة الاستراحة ، والقعود في التشهد الأول والجلوس في التشهد الأخير .

                                                            406 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان ، حدثنا ابن بكير ، حدثني الليث ، عن ابن أبي حبيب ، عن محمد بن عمرو بن حلحلة ، عن محمد بن عمرو بن عطاء : أنه " كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكرنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال أبو حميد الساعدي : أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه ، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ، ثم هصر ظهره ، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه ، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما ، واستقبل بأطراف رجليه القبلة ، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى وجلس على مقعدته " .

                                                            [ ص: 160 ]

                                                            407 - ورواه غيره عن الليث ، وقال في الحديث : " فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب قدمه اليمنى وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب قدمه اليمنى وقعد على مقعدته " .

                                                            408 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أبو الحسن محمد بن سنان القزاز البصرى ببغداد ، حدثنا أبو عاصم ، عن عبد الحميد بن جعفر ، حدثني محمد بن عمرو بن عطاء ، قال : سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ، فقال أبو حميد الساعدي : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : لم ؟ ما كنت أكثرنا له تبعة ، ولا أقدمنا له صحبة ؟ قال : بلى . قالوا : فاعرض علينا . فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم يكبر حتى يقر كل عضو منه في موضعه معتدلا ، ثم يقرأ ، ثم يكبر ويرفع [يديه حتى ] يحاذي بهما منكبيه ، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ، ثم يعتدل ولا ينصب رأسه ولا يقنع ، ثم يرفع رأسه فيقول : " سمع الله لمن حمده " ، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه حتى يعود كل عظم منه إلى موضعه معتدلا ، ثم يقول : " الله أكبر " ، ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ، ثم يرفع رأسه فيثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ، ثم يعود ثم يرفع فيقول : " الله أكبر " ثم يثني برجله فيقعد عليها معتدلا حتى يرجع - أو حتى يقر - كل عظم موضعه معتدلا ، ثم يصنع في الركعة الأخرى مثل ذلك ، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما فعل أو كبر عند افتتاح الصلاة ، ثم صنع مثل ذلك في بقية صلاته ، حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر . فقالوا : صدق هكذا كان يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                            409 - قلت : قد ذكر ابن حلحلة في روايته عن محمد بن عمرو كيفية القعود في التشهدين جميعا ، ولم يذكر جلسة الاستراحة وذكرها عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو ولم يذكر الجلوس في التشهد الأول ، ويحتمل أنه أراد كيفية الجلوس عند السجدة الأخيرة في الركعتين جميعا - في الركعة الأولى للاستراحة وفي الركعة [ ص: 161 ] الثانية للتشهد الأول " .

                                                            410 - ورواه عباس بن سهل عن أبي حميد ، فذكر كيفية الجلوس للتشهد الأول دون الثاني . وليس ذلك باختلاف ولكن كل واحد من الرواة أدى ما حفظ ، والجميع محفوظ صحيح معمول به عندنا فحمدا لله ونعمته . وقد حفظ جلسة الاستراحة والاعتماد بيديه على الأرض إذا قام : مالك بن الحويرث عن النبي صلى الله عليه وسلم . وحفظ ابن عباس الإقعاء على القدمين بين السجدتين ، وهو أن يضع أطراف أصابع رجليه على الأرض ، ويضع إليتيه على عقبيه ، ويضع ركبتيه بالأرض . وفعله ابن عمر . وابن الزبير . وهو من الاختلاف المباح ، إن شاء فعله وإن شاء فعل ما روينا في حديث أبي حميد . [ ص: 162 ] والذي روي في حديث عائشة من " النهي عن عقب الشيطان " محمول على القعود في التشهد " .

                                                            411 - أخبرنا أبو عبد الله محمد الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي ، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سجد تقع ركبتاه قبل يديه ، وإذا رفع رفع يديه قبل ركبتيه " .

                                                            412 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو النضر الفقيه ، حدثنا أبو بكر بن رجاء ، وأحمد بن النضر ، قالا : حدثنا أبو الربيع ، حدثنا حماد ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : " أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعظم ونهي أن يكف شعره وثيابه ، الكفين والركبتين والقدمين والجبهة " .

                                                            [ ص: 163 ]

                                                            413 - وروينا عن صالح بن خيوان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأى رجلا يسجد وقد اعتم على جبهته فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته " .

                                                            413 - وهذا وإن كان مرسلا فقد رويناه من وجه آخر عن عياض بن عبد الله القرشي عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا مرسلا .

                                                            414 - وروينا في حديث رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولا فيما علم الرجل الذي أساء الصلاة . قال : ثم " يسجد فيمكن جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله ويستوي " . وروينا في حسر العمامة عن الجبهة عن علي ، وعبادة بن الصامت . وابن عمر موقوفا من قول علي وفعلهما . وروينا في كشف الكفين في السجود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من فعله .

                                                            * * *

                                                            [ ص: 164 ]

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية