الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            13 - باب فرض الصلاة وسننها

                                                            قال الله عز وجل : " ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام . يعني - والله أعلم - نحو المسجد الحرام ، وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهما من أهل التفسير . وقال الله عز وجل : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة . وقال : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين . يعني : قوموا لله مطيعين " .

                                                            [ ص: 140 ] 349 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ، وإبراهيم بن محمد الصيدلاني ، قالا : حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا عبد الله بن نمير ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة : أن رجلا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد ، فصلى ، ثم جاء فسلم عليه . فقال : " وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل " ؛ فرجع فصلى ثم جاء فسلم ، فقال : " وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل " ، فقال في الثالثة أو في التي بعدها : علمني يا رسول الله . فقال : " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ، ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تستوي قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " .

                                                            350 - ورواه أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر هكذا وزاد فيه ذكر السجود الثاني والقيام منه ، فقال : " ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تستوي قائما " .

                                                            351 - وروينا عن رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم شبيها بهذه القصة .

                                                            352 - قال الشافعي رحمه الله : وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الفرض عليه في الصلاة دون الاختيار ، ولم يذكر الجلوس في التشهد ، فأوجبنا التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على من أحسنه بغير هذا الحديث .

                                                            353 - قلت : وأوجبنا الصلاة وتعيينها بآية الإخلاص ثم بقول النبي [ ص: 141 ] صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " ، وأوجبنا تعيين الغداة بالفاتحة . بما روي في بعض الروايات عن رفاعة .

                                                            354 - وفي حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " .

                                                            355 - وأوجبنا التشهد بما روينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال : " كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد : السلام على الله قبل خلقه السلام على جبريل وميكائيل ؛ فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد . وأوجبنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " .

                                                            356 - قال كعب بن عجرة : لما نزلت هذه الآية قلنا : يا رسول الله إنا قد عرفنا السلام عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال : " قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد . . " إلى آخر الحديث . وإنما عرفوا كيف السلام عليه بما علمهم في التشهد ، فسألوه كيف يصلون عليه فعلمهم .

                                                            [ ص: 142 ]

                                                            357 - وفي حديث أبي مسعود الأنصاري في هذه القصة : فقال : " يا رسول الله ! أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ؟ فعلمهم " .

                                                            358 - وأوجبنا السلام من الصلاة وهو قوله : السلام عليك بما روينا عن علي بن أبي طالب ، وأبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " .

                                                            359 - ورويناه عن عبد الله بن مسعود من قوله .

                                                            360 - ورويناه عن عطاء بن أبي رباح أنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في آخر صلاته قدر التشهد أقبل على الناس بوجهه . وذلك قبل أن ينزل التسليم . فأقل ما على المرء في صلاته وما يجب عليه وأكمله ما نحن ذاكرون إن شاء الله " .

                                                            * * *

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية