الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            10 - باب التعجيل بالصلوات في أوائل الأوقات

                                                            قال الله عز وجل : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى .

                                                            304 - قال الشافعي رحمه الله : المحافظة على الشيء تعجيله [ ص: 128 ] وأما صلاة الوسطى فقد قيل : هي صلاة الصبح ، وإليه مال الشافعي . وقيل : هي العصر ، وإليه ذهب أكثر الصحابة . وقيل : هي الظهر .

                                                            305 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ غير مرة ، حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن السماك ، حدثنا الحسن بن مكرم ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا مالك بن مغول ، عن الوليد بن العيزار ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل ؟ قال : " الصلاة في أول وقتها " . قلت : ثم أي ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله عز وجل " . قلت : ثم أي ؟ قال : " بر‍ الوالدين " .

                                                            306 - وكذلك رواه أبو بكر بن إسحاق بن خزيمة ، عن محمد بن بشار ، عن عثمان بن عمر .

                                                            307 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ ، حدثنا السري بن خزيمة ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا شعبة ، حدثنا سعد بن إبراهيم ، عن محمد بن عمرو ، قال : سألنا جابر بن عبد الله عن وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " كان يصلي الظهر بالهاجرة ، ويصلي العصر والشمس حية ، ويصلي المغرب إذا وجبت ، ويصلي العشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا أخر ، ويصلي الصبح بغلس " [ ص: 129 ] وقال بعضهم عن شعبة : يصلي الظهر إذا زالت الشمس .

                                                            308 - قلت : وكان يصلي الظهر بالهاجرة ، ثم إنه أمر في شدة الحر بالإبراد لها .

                                                            309 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، أخبرنا أحمد بن علي الخزاز ، حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين ، حدثنا إسحاق الأزرق ، عن شريك ، عن بيان بن بشر ، عن قيس بن أبي حازم ، عن المغيرة بن شعبة ، قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر بالهاجرة ، فقال لنا : " أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " . وقوله في العصر : يصليها والشمس حية : يعني أن يجد حرها .

                                                            310 - ورواه أيضا أنس بن مالك وزاد : " والشمس مرتفعة فيذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة وبعد العوالي من المدينة على أربعة أميال أو ثلاثة " .

                                                            311 - وفي رواية أبي مسعود الأنصاري في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم العصر : " فينصرف الرجل من صلاته فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس وهي ستة أميال " . وقوله في المغرب : إذا وجبت : يعني غربت الشمس .

                                                            312 - وروينا عن سلمة بن الأكوع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان " يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب " .

                                                            [ ص: 130 ]

                                                            313 - وروينا عن أبي برزة الأسلمي : أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يستحب أن يؤخر العشاء . قال : وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها " .

                                                            314 - وروينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما قبل العشاء ولا لاغيا بعدها ، إما ذاكرا فيغنم وإما نائما فيسلم " .

                                                            315 - وحدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي إملاء ، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب النيسابوري ، حدثنا أبو حاتم الرازي ، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثنا فليح بن سليمان ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم ، عن القاسم ، عن عائشة ، قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فينصرف نساء المؤمنين متلفعات بمروطهن ، لا يعرفن من الغلس " .

                                                            316 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي ، قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا سعيد بن عثمان التنوخي ، حدثنا بشر بن بكر ، حدثني الأوزاعي ، حدثني أبو النجاشي ، حدثني رافع بن خديج قال : " كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ، ثم تنحر الجزور فتقسم عشر قسم ، ثم يطبخ فنأكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس " .

                                                            [ ص: 131 ]

                                                            317 - وفي هذا الحديث الصحيح دلالة على خطأ ما روي عن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان " يأمرهم بتأخير العصر " .

                                                            318 - وفيما ذكرنا في الصبح دلالة على أن المراد بما روي عن رافع : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أسفروا بالفجر ؛ فإنه أعظم للأجر " . الإسفار بها : مقدار ما بين طلوع الفجر الآخر معترضا والله أعلم " .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية