الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            6 - باب مواقيت الصلوات الخمس

                                                            قال الله عز وجل إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا .

                                                            263 - قال الشافعي رحمه الله : والموقوت والله أعلم : الوقت الذي تصلى فيه [ ص: 115 ] وعددها .

                                                            264 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى ، قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أسيد بن عاصم ، حدثنا الحسين بن حفص ، عن سفيان ، حدثنا عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة ، حدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن سهل بن حنيف ، عن نافع بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمني جبريل عليه السلام عند [باب ] البيت مرتين ، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس فكانت بقدر الشراك ، ثم صلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثله ، ثم صلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، ثم صلى بي العشاء حين غاب الشفق ، ثم صلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم ، ثم صلى بي الغد الظهر حين كان ظل كل شيء مثله ، ثم صلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ، ثم صلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، ثم صلى بي العشاء إلى ثلث الليل الأول ، ثم صلى بي الفجر حين أسفر ، ثم التفت إلي فقال : يا محمد ! إن هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت فيما بين هذين الوقتين " .

                                                            265 - قلت : وقوله في العصر : " صلى بي حين كان ظل كل شيء مثله " يعني حين تم ظل كل شيء مثله . وقوله : في الظهر : " من الغد صلى بي حين كان ظل كل شيء مثله " يعني فرغ من الظهر حين كان ظل كل شيء مثله ، إلا أنه أراد تبيين أول الوقت وآخره . وإنما يحصل التبيين بذلك لأن الصلاة تطول وتقصر ، وصلاته في اليوم الثاني الصبح [ ص: 116 ] والعصر وقعت في آخر وقت الاختيار ، ويبقى وقت الجواز للصبح إلى طلوع الشمس والعصر إلى غروب الشمس . واحتج الشافعي رضي الله عنه في ذلك بما روي :

                                                            266 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك .

                                                            267 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، قالا : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، أخبرنا القعنبي فيما قرئ على مالك ، قال : وحدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " .

                                                            268 - ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن زيد بن أسلم وقال في الحديث : " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس وركعة بعد ما تطلع الشمس فقد أدرك " . وكذلك قال في العصر .

                                                            269 - وأخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا عمر بن عبد الله بن رزين ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن الحجاج بن الحجاج ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة فقال : " صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس ، ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس بطن السماء ما لم تحضر العصر ، ووقت العصر ما لم تصفر [ ص: 117 ] الشمس ويسقط قرنها الأول ، ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق ، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل " .

                                                            270 - ورواه شعبة وغيره عن قتادة ، وقال في الحديث : " وقت الصبح إذا طلع الفجر ما لم يطلع قرن الشمس " ، وقال في المغرب : " ما لم يغب نور الشفق " .

                                                            270 - وفي حديث عبد الله بن عمرو بيان صحة ما ذكرنا في حديث ابن عباس . وفيه " زيادة رخصة في بقاء وقت المغرب إلى سقوط الشفق ، والشفق الذي يدخل بغيبوبة وقت العشاء الآخرة وهي الحمرة " . قاله جماعة من الصحابة منهم عمر ، وعلي ، وابن عباس ، وعبادة ، وأبو هريرة ، وشداد بن أوس .

                                                            270 - وفي حديث عبد الله بن عمرو " زيادة رخصة في بقاء وقت العشاء إلى نصف الليل " . ، وهو أيضا في حديث أنس بن مالك وغيره .

                                                            271 - وروينا عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال : " وإذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا ، وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء جميعا " .

                                                            272 - وروينا معناه أيضا عن عبد الله بن عباس وعن الفقهاء السبعة من أهل المدينة . وقد جعل الشافعي - رحمه الله - في معناها المغمى عليه يفيق والمجنون يفيق والنصراني يسلم والصبي يحتلم ، وذكر أيضا إدراك الصبح بإدراك قدر ركعة قبل طلوع الشمس ، وفي موضع آخر بإدراك تكبيرة ، وذكر القولين أيضا في آخر وقت العصر ، ووقت العشاء . وفيه من قول الصحابة دلالة على تفاوت وقت الجواز لصلاة العشاء إلى طلوع الفجر . والله أعلم .

                                                            * * *

                                                            [ ص: 118 ]

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية