الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إلا الصانع ، والمتهم ، [ ص: 317 ] والضيف وفي معين ، [ ص: 318 ] والوديعة على أهلها ، والمسافر على رفقته ، ودعوى مريض أو بائع على حاضر المزايدة ، فإن أقر ، فله الإشهاد عليه ، [ ص: 319 ] وللحاكم : تنبيهه عليه

التالي السابق


واستثنى ثمان مسائل تسمع فيها الدعوى وتتوجه فيها اليمين على المدعى عليه ، بدون ثبوت خلطة فقال ( إلا ) الشخص ( الصانع ) كالخياط والحياك والصواغ فتسمع الدعوى عليه وتتوجه عليه اليمين ، وإن لم تثبت خلطة بينه وبين المدعي ، لأن تنصيب نفسه للناس بمنزلة ثبوت الخلطة بينهما . " غ " الأول الصانع واندرج فيه التاجر ( و ) إلا لشخص ( المتهم ) بفتح الهاء بسرقة أو تعد أو ظلم فكذلك " غ " الثاني المتهم بالسرقة [ ص: 317 ] والعداء والظلم ابن يونس أصبغ خمسة عليهم الأيمان بلا خلطة الصانع والمتهم بالسرقة والرجل يقول عند موته إن لي عند فلان دينا والرجل يمرض في الرفقة ، فيدعي أنه دفع ماله لرجل ، وإن كان المدعى عليه عدلا وكذلك من ادعى عليه رجل غريب نزل في مدينة أنه استودعه مالا . ابن عرفة نقل ابن رشد هذه الخمسة غير معزوة كأنها المذهب . الباجي عن يحيى بن عمر الصناع تتعين عليهم اليمين لمن ادعى عليهم في صناعتهم دون خلطة لأنهم نصبوا أنفسهم للناس ويلزمه مثله في تجار السوق .

( و ) إلا الشخص ( الضيف ) " غ " والثالث الغريب ينزل بمدينة فيدعي على رجل منها أنه استودعه مالا ، فكأنه عبر بالضيف عن الغريب الطارئ على البلد ، سواء ضيفه المدعى عليه أم لم يضيفه ، وهذا يساعد ظاهر نص المتيطي ، ويتبادر من لفظ المصنف غير هذا ، ولكن لم أر من ذكره ابن مرزوق لم أر من ذكر هذا الفرع على الوجه الذي يظهر من كلام المصنف ، وإنما تكلموا على الغريب إذا أودع وديعة عند رجل من أهل البلد فأنكره فيها فتتوجه له عليه اليمين . ا هـ . ونقل الحط عن ابن فرحون أن من هذه النظائر الرجل يضيف الرجل فيدعي عليه . ا هـ . لكن قد يقال إن ابن فرحون أخذه من يد المصنف والله أعلم .

( و ) إلا المدعى عليه ( في ) شيء ( معين ) بضم الميم وفتح العين والتحتية مثقلا . " غ " والرابع الدعوى في شيء معين . عبد الحق عن بعض القرويين إنما تراعى الخلطة في الأشياء المستهلكة وفيما تعلق بالذمة ، وأما الأشياء المعينة فاليمين واجبة فيها من غير خلطة . وقال بعض شيوخنا من أهل بلدنا لا تجب اليمين إلا بالخلطة في الأشياء المعينة وغيرها إلا مثل أن يعرض رجل سلعة في السوق للبيع ، فيأتي رجل فيقول قد بعتها مني ، فمثل هذا تجب فيه اليمين ، وإن لم تكن خلطة وهذا القول أبين عندي ونحوه لابن يونس ، قال لأنه عرضها لما ادعى عليه به فصار تهمة توجب عليه اليمين ، وهذا القول عندي أشبه بالمذهب للأثر ومن جهة النظر . [ ص: 318 ]

( و ) إلا من ادعى ( الوديعة على أهلها ) وهو ممن يودع عنده مثلها ، وقيد اللخمي بثلاثة قيود : كون المدعي يملك مثل ذلك في جنسه وقدره ، وكون المودع ممن يودع مثل ذلك وحصول أمر يوجب الإيداع ، ومن كلام المصنف يشمل هذه القيود . " غ " الخامس دعوى الوديعة على من هو أهل لأن يودع عنده مثل هذا المال . قال في توضيحه وقيده أصبغ وغيره بأن يكون المودع غريبا ، وقيده اللخمي بثلاثة قيود أن يكون المودع يملك مثل ذلك المال في جنسه وقدره ، وأن يكون المدعى عليه ممن يودع عنده مثل ذلك ، وأن يكون هناك ما يوجب الإيداع . البناني ذكر ابن عاشر أن هذا مشكل لأن الوديعة لا يحلف فيها إلا المتهم وأهل الوديعة ليسوا بمتهمين . قلت لا ورود لهذا لتفسيرهم أهلها بما يعم المتهم والله أعلم .

( و ) إلا الشخص ( المسافر ) المدعي ( على رفقته ) أنه دفع لهم أو لبعضهم مالا وديعة . " غ " السادس ، المسافر يدعي أنه دفع مالا لبعض أهل رفقته ( و ) إلا ( دعوى ) شخص ( مريض ) أن له على فلان ، كذا نص عليه أصبغ . " غ " السابع الرجل يوصي عند موته أن له على فلان كذا .

( أو ) دعوى شخص ( بائع ) أي معرض سلعة لبيعها ( على ) شخص ( حاضر المزايدة ) في ثمنها من الذين يريدون شراءها أنه ابتاعها منه " غ " الثامن عبر عنه المتيطي بقوله الرجل يحضر المزايدة فيقول البائع بعتك بكذا ويقول المبتاع بل بكذا وكذا رأيته في نسختين من المتيطية ، وقد ظهر لك أن بعض هؤلاء مدعى عليه كالصانع والمتهم وبعضهم مدع كالضيف والمريض ، فهذه ثمانية ذكر المتيطي جميعها في الحمالة والرهون إلا السلعة المعينة ، فلم يذكرها في النظائر ، وقد ذكرها عبد الحق وابن يونس وإلا الوديعة على أهلها ، فلم يذكرها على هذا الوجه الأعم ، وذكرها اللخمي وغيره .

وإذا أمر المدعى عليه بالجواب ( فإن أقر ) المدعى عليه بما ادعى به المدعي ( فله ) [ ص: 319 ] أي المدعي ( الإشهاد ) للعدول الحاضرين على المدعى عليه بإقراره خوف رجوعه عنه وإنكاره ( وللحاكم تنبيهه ) أي المدعى ( عليه ) أي الإشهاد إن غفل عنه لما فيه من تقليل الخصام وقطع النزاع وتحصين الحق ، وليس من تلقين الخصم حجة . " ق " ابن عبد الحكم يأمر القاضي المدعى عليه أن يتكلم حين يفرغ المدعي من كلامه ثم يسأله أيقر أم ينكر ، فإن أقر قال للطالب اشهد على إقراره إن شئت لئلا يرجع عنه . أشهب للقاضي أن يشد عضد أحدهما إن رأى ضعفه عن صاحبه وخوفه منه ليبسط أمله ورجاءه في العدل ، ويلقنه حجة عمي عنها إنما يمنع تلقين أحدهما الفجور . وقال سحنون لا ينبغي أن يشد عضد أحدهما ولا يلقنه حجة ، وكان سحنون إذا سمع الدعاوى والإنكار أمر كاتبه فكتبهما ثم عرض ما كتبه عليهما ، فإن وافقا عليه أقره ولأصبغ إذا أقر أحدهما بما فيه للآخر نفع فلا بأس أن ينبهه القاضي بقوله هذا لك فيه نفع هات قرطاسك أكتب لك فيه ولا ينبغي له ترك ذلك .




الخدمات العلمية