الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 324 ] وأعذر إليه : بأبقيت لك حجة ؟ وندب توجيه متعدد فيه ، إلا الشاهد بما في المجلس ، [ ص: 325 ] وموجهه ، ومزكى السر ، والمبرز بغير عداوة ومن يخشى منه

التالي السابق


( وأعذر ) بفتح الهمز والذال المعجمة ، أي سأل القاضي المشهود عليه عن عذره وحجته في البينة التي شهدت عليه قبل حكمه عليه بمقتضى شهادتها . ابن عرفة الإعذار سؤال الحاكم من توجه عليه موجب الحكم هل له ما يسقطه أعذارا مصورا ( ب ) قوله له ( أبقيت ) بفتح همزة الاستفهام والموحدة وكسر القاف وفتح التحتية وسكون الفوقية ( لك حجة ) بضم الحاء ، أي عذر في البينة التي شهدت عليك . المتيطي لا ينفذ القاضي حكمه على أحد حتى يعذر إليه برجلين وإن أعذر بواحد أجزأه على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في أنيس ، إذ قال له اغد على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها .

الحط اختلف في وقت الإعذار إلى المحكوم عليه ، فقيل قبل الحكم وبه جرى العمل ، وقيل بعد الحكم ذكره في مفيد الحكام ، ونقله ابن فرحون في تبصرته . وفي مسائل ابن زرب ولا تتم قضية القاضي إلا بعد الإعذار . ا هـ . ابن عبد السلام الأول هو المشهور ، وفي التحفة أنه المختار .

( وندب ) بضم فكسر ( توجيه متعدد ) أو اثنين أو أكثر ( فيه ) أي الإعذار لغائب عن مجلس الحكم كمخدرة ومريض . تت عبر المتيطي وصاحب المعين عن ذلك بينبغي ، قالا وإن أعذر إليه بواحد أجزأه ، واستثنى ممن يعذر فيه خمسة لا إعذار فيهم فقال ( إلا الشاهد بما ) حصل ( في المجلس ) للقضاء من إقرار أو غيره فلا يعذر فيه عند الأكثر [ ص: 325 ] لمشاركة القاضي له في العلم ، فلو أعذر فيه لا عذر في نفسه وبه مضى أهل العمل . ابن سهل ما حصل في مجلس القاضي من الإقرار بين يديه لا إعذار في الشاهد به ، وقد أسقط مالك رضي الله عنه الإعذار فيمن عدل عند القاضي فكيف به فيمن عدل عنده ، وشهد عنده بما سمعه في مجلسه .

( و ) إلا ( موجهه ) بضم الميم وفتح الواو والجيم مثقلا ، أي الشاهد الذي وجهه وأرسله القاضي لسماع دعوى أو جواب مخدرة أو مريض أو حيازة عقار . المتيطي أبو إبراهيم لا إعذار فيمن أعذر به إلى مشهود عليه من امرأة لا تخرج أو مريض ، كذلك ابن سهل سألت ابن عتاب عن ذلك فقال لا إعذار فيمن وجه للإعذار ( و ) إلا ( مزكى ) بضم الميم وفتح الزاي و الكاف مثقلة ، أي الشاهد الذي زكاه عند القاضي العدول في ( السر ) فلا يعذر فيه . وتقرير البساطي يفيد أنه بكسر الكاف أي العدل الذي اتخذه القاضي للتزكية في للسر .

ابن رشد تعديل السر يفترق من تعديل العلانية في أنه لا إعذار فيه . في الخرشي وعب أن كسر الكاف أولى من فتحها لأنه يؤخذ من الكسر عدم الإعذار في مزكاه ، بخلاف الفتح فلا يؤخذ منه عدم الإعذار في المزكي بالكسر . المسناوي فيه نظر بل الظاهر العكس فالفتح أولى لأن عدالة المزكي بالكسر هي بعلم القاضي وعدالة مزكاه بالفتح هي بعلم المزكي لا بعلم القاضي ، فعدالة المزكي بالكسر أقوى ، فإذا لم يعذر في الأضعف فلا يعذر في الأقوى بالأولى .

( و ) إلا الشاهد ( المبرز ) بضم الميم وفتح الموحدة وكسر الراء ، أي الزائد على أقرانه في العدالة فلا يعذر فيه ( بغير عداوة ) للمشهود عليه وقرابة للمشهود له ، ومفهومه الإعذار في المبرز بالعداوة والعرابة ، وهو كذلك . اللخمي يسمع الجرح في المتوسط في العدالة مطلقا . وفي المبرز تجريح العداوة والقرابة وشبههما ( و ) إلا الشاهد على ( من ) أي مشهود عليه ( يخشى ) بضم التحتية ( منه ) أي المشهود عليه ضرر للشاهد عليه فلا يعذر له فيه [ ص: 326 ] ولا يذكر له اسمه . قال القاضي ابن بشير لما سأله الوزير عمن شهد عليه مثلك لا يخبر بذلك . اللخمي يستحب كون التجريح سرا إلا إن كان الشاهد أو المشهود له ممن يتقى شره . طفي لما تكلم في التوضيح على المسائل التي لا إعذار فيها قال وتزاد سادسة ، نقلت عن ابن بشير القاضي وذكر حكايته ، ثم قال وإن كان نص المدونة أنه يخبره بمن شهد عليه وبالشهادة فلعل عنده حجة وإلا حكم عليه . ا هـ . فقد اعترف كما ترى أن قضية ابن بشير القاضي خلاف مذهب المدونة ، وأنه إنما أتى بها جمعا للنظائر فقط ، فالدرك عليه حيث اعتمد في مختصره الذي جعله مبينا لما به الفتوى خلاف مذهب المدونة ، وابن بشير القاضي أدرك مالكا فليس هو ابن بشير تلميذ المازري . البناني ولفظ ابن يونس صريح في أن المذهب خلاف ما لابن بشير ، ونصه قال الإمام مالك " رضي الله عنه " ولا يشهد الشهود عند القاضي سرا وإن خافوا من المشهود عليه أن يقتلهم ، إذ لا بد أن يعرفه القاضي بمن شهد عليه ويعذر إليه فيه . قال وإن كان القاضي بعث من يسأل عنهم سرا يعذر فيمن عدلهم .




الخدمات العلمية