الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو تطيين من كراء وجب

التالي السابق


( و ) جاز اشتراط ( تطيين ) الدار على المكتري . أبو الحسن ، وهو جعل الطين على سقفها أو سطوحها لمنع نزول المطر منه ، ويسمى طرا بفتح الطاء وشد الراء حال كون الترميم ( من كراء وجب ) على المكتري تسليمه للمكري بشرط أو عرف ، قاله ابن فتوح . وقيدت بتحديد بمرة أو مرتين مثلا في السنة ; لأنه معروف ، فإن لم يجدد وقال كلما احتاجت فلا يجوز ; لأنه مجهول وترك هذا المصنف ولا بد منه .

فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه من اكترى دارا أو حماما على أن ما احتاج إليه من مرمة رمها المكتري ، فإن شرطا أن ذلك من الكراء جاز ، ولو شرط أن ما عجز عنه الكراء أنفقه الساكن من عنده فلا يجوز ، ولا يجوز أن يشترط عليه من يسير مرمة إلا أن يكون ذلك من كرائها . " غ " أما المرمة فقال في المدونة : ومن اكترى دارا أو حماما على أن ما احتاج إليه من مرمة رمها المكتري فإن اشترط أن ذلك من الكراء جاز .

وأما التطيين فلم يصرح في المدونة بشرط كونه من الكراء الذي وجب ، وإنما قال ومن اكترى دارا على أن عليه تطيين البيوت جاز إذا سمى تطيينها في السنة مرة أو مرتين أو في كل سنتين مرة ; لأنه معلوم .

أبو الحسن ظاهره أن هذا زيادة على الكراء ، فيكون اكترى منه بما سمى وبالتطيين ويحتمل أنه هو الكراء . طفي سوى المصنف رحمه الله تعالى بين المرمة والتطيين في اشتراط كونهما من كراء وجب ، وقد فرق بينهما في المدونة فلم يذكر في التطيين اشتراط كونه من الكراء ، وذكره في المرمة ونصها على اختصار أبي سعيد : ومن اكترى دارا أو حماما على أن ما احتاجت إليه من مرمة رمها المكتري ، فإن شرط أنها من الكراء [ ص: 33 ] جاز ، ولو شرط أن ما عجز عنه الكراء أنفقه الساكن من عنده فلا يجوز ، ولو شرط أن عليه ما احتاجت إليه من يسير مرمة أو كسر خشبة فلا خير فيه إلا أن يكون ذلك من كرائها .

أبو الحسن قوله فإن اشترط ذلك من الكراء جاز ، قيل معناه والكراء على النقد أو كان سنتهم النقد وإلا فلا يجوز ، إذ لا يدري ما يحل عليه بالهدم صح من جامع الطرر . وقال اللخمي يريد وإن كان الكراء مؤجلا . فإن هذا الشرط لا يفسد العقد ; لأن القصد في ذلك ما يحتاج في الغالب إلى إصلاحه مثل خشبة تكسر أو ترقيع حائط ، وشبه ذلك مما يقل خطبه ولا يؤدي تعجيله إلى غرر ا هـ كلام أبي الحسن . الوانوغي في تعليقه نظر ، إذا كان الكراء إنما يقبض يوما بيوم أو كانت العادة تأخيره إلى آخر السنة فقد تحتاج الدار إلى مرمة أول السنة بجميع الكراء ، فهذا غرر ; لأنه لا يدرى متى يدفع الكراء ، وبهذا كان الشيوخ قديما يعارضونه . ا هـ . ونصها في التطيين : ومن اكترى دارا على أن عليه تطيين البيوت جاز ذلك إن سمى تطيينها في السنة مرة أو مرتين أو في كل سنتين مرة ; لأنه معلوم . وأما إذا قال كلما احتاجت طينها فهذا مجهول لا يجوز .

أبو الحسن ظاهره : أن هذا زائد على الكراء فيكون اكترى منه بالكراء ، وبهذا التطيين أو ذلك هو الكراء . ا هـ فأنت ترى أن التقييد بكونه من الكراء لم يذكره في المدونة إلا في المرمة ، وتقييده بكونه واجبا ذكره أبو الحسن بصيغة التمريض ، وجعله القابسي محل نظر ، وأن اللخمي جزم بخلافه فعلى المصنف المؤاخذة في اعتماده ، وأن التطيين غير مقيد بكونه من الكراء ، إذ لم أر من جزم بذلك وأبو الحسن كما ترى جعله محل نظر ، والظاهر عدم التقييد بذلك لاختلاف المسألتين تصويرا ، كما علمت من نصها ; لأن مسألة المرمة اشترط عليه ذلك إن احتاجت إليه فهو مجهول ، فلذلك قيد بكونه من الكراء ، ومسألة التطيين اشترط عليه تطيينها مرة أو مرتين أو نحو ذلك مما هو معلوم فلا جهالة فيه ، وبذا علله في المدونة ولو اتفقا في التصوير اتفقا في الحكم ، والله الموفق .




الخدمات العلمية