الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 328 - 331 ] إلا في دم وحبس وعتق ونسب ، [ ص: 332 ] وطلاق وكتبه

[ ص: 331 ]

التالي السابق


[ ص: 331 ] واستثنى مما يعجز فيه بعد التلوم خمس مسائل ليس للقاضي التعجيز فيها ، وضابطها كل حق ليس لمدعيه إسقاطه بعد ثبوتة فقال ( إلا في ) شأن ( دم ) أي قتل إثباتا كادعاء شخص على آخر أنه قتل وليه عمدا عدوانا وأن له عليه بينة فأنظره القاضي لإحضارها ثم تبين لدده فليس للقاضي تعجيزه ، فمتى أقام بينته فإنه يعمل بها أو نفيا كادعاء المشهود عليه بالقتل أن له بينة تجرح البينة الشاهدة عليه به فأنظره القاضي لإتيانه بها وتبين لدده فلا يعجزه القاضي ، فمتى أتى بالبينة المجرحة فإنه يعمل بها لعظم القتل أفاده عب ، وكتب على حاشيته معزوا له ما نصه قال عب هذا الضابط ظاهر في غير الدم ، وأما الدم فللولي إسقاطه بعد ثبوته إلا أن يحمل على قتل الغيلة ، إذ ليس للولي إسقاطه بعد ثبوته لأنه حق لله تعالى ا هـ .

طفي هذه المستثنيات إنما هي مفروضة في كلام الأئمة في تعجيز الطالب ، وفيه تظهر فائدة هذا الاستثناء . أما المطلوب فيعجز فيها وفي غيرها على هذا القول . البناني قوله إثباتا إلخ غير ظاهر لأن صورة الإثبات لا ينطبق عليها الضابط المذكور لأن القصاص إذا ثبت فلمدعيه إسقاطه ، والذي صور به ابن مرزوق وهو الظاهر أن المدعى عليه بالقتل إذا أراد تجريح من شهد عليه به فعجز فحكم القاضي عليه به ، ثم وجد من يجرح البينة الشاهدة عليه به فإنها تسمع ولا يعمل بالحكم عليه به لخطر الدم ، وهذا يعكر على ما قاله طفي ، فإن اقتص منه ثم أقام وارثه بينة التجريح فالظاهر أنها لا تسمع .

( و ) إلا في دعوى ( حبس ) بضم الحاء أي تحبيس شيء ، وذكر المدعي أن له بينة به وأمهله القاضي لإتيانه بها فلم يأت بها فلا يعجزه ، فمتى أتى بها عمل بها . البناني هذا ظاهر إذا كان الحبس على غير معين كالفقراء فلا سبيل إلى تعجيز الطالب لحق الغائب لا ما كان على معين إلا أن يقال في الحبس حق لله تعالى مطلقا انظر ابن مرزوق ( و ) إلا في دعوى ( عتق ) ببينة فأنظر المدعي لها فلم يأت بها فلا يعجز ، فمتى أتى بها فتسمع ويعمل بها ( و ) إلا في دعوى ( نسب ) لشخص معين ببينة ولم يأت بها بعد التلوم فلا [ ص: 332 ] يعجز فمتى أقامها حكم بها ( و ) إلا في دعوى ( طلاق ) ببينة وعجز عن إقامتها فلا يعجز ، فمتى أتى بها قضي بها .

ابن سهل والمتيطي ويشبه الحبس الطريق العام نفعها للمسلمين فلا يعجز مدعيها . ونص ابن سهل ومما يشبه الطلاق والنسب والإعتاق الحبس وطريق العامة وشبهها من منافعهم ليس عجز طالبه والقائم عنهم فيه يوجب منعه أو منع غيره من النظر له إن أتى بوجه . الجزيري إن انصرمت الآجال وعجز الطالب عجزه القاضي ، وأشهد بذلك ويصح التعجيز في كل شيء يدعى فيه إلا في خمسة أشياء الدماء والأحباس والعتق والطلاق والنسب ، وبه قال ابن القاسم وأشهب وابن وهب ، وفيه خلاف ، فإن قامت للمعجز بينة وزعم أنه لم يعلم بها حلف وقضي له بها . وقيل لا يقضى له بها وبه العمل إلا ما استثني من ذلك ، وإن كان قد قضي على القائم بإسقاط دعواه حين لم يجد بينته من غير تعجيزه ثم وجد بينته فله القيام بها ويجب القضاء له بها .

( وكتبه ) أي القاضي التعجيز المفهوم من يعجزه في المفيد حق على القاضي أن يكتب التعجيز ويشهد عليه ، ثم لا ينظر هو ولا من جاء بعده إن جاء بينة تثبت ما عجز عنه إلا في العتق والنسب والطلاق والحبس والدم قال ابن القاسم وأشهب ومطرف خلافا لسحنون وابن الماجشون .




الخدمات العلمية