و "وراء" هنا على بابها. وقيل: بمعنى "أمام" فهو من الأضداد، وهذا عنى الزمخشري بقوله: "من بين يديه" وأنشد:
2871 - عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب
وهو قول أبي عبيدة وقطرب وابن جرير. وقال الآخر في [ ص: 80 ] ذلك: 2872 - أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي وقومي تميم والفلاة ورائيا
2873 - أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم العصا تحنى عليها الأصابع
قوله: من ماء صديد في "صديد" ثلاثة أوجه. أحدها: أنه نعت لـ "ماء" وفيه تأويلان، أحدهما: أنه على حذف أداة التشبيه، أي: ماء مثل صديد، وعلى هذا فليس الماء الذي يشربونه صديدا، بل مثله. والثاني: أن الصديد لما كان يشبه الماء أطلق عليه ماء، وليس هو ماء حقيقة، وعلى هذا فيكونون يشربون نفس الصديد المشبه للماء. وهو قول ابن عطية. وإلى كونه صفة ذهب الحوفي وغيره. وفيه نظر; إذ ليس بمشتق، إلا على من فسره بأنه صديد بمعنى مصدود، أخذه من الصد، فكأنه لكراهيته مصدود عنه، أي: يمتنع عنه كل أحد.
الثاني: أنه عطف بيان، وإليه ذهب الزمخشري ، وليس مذهب البصريين جريانه في النكرات، إنما قال به الكوفيون، وتبعهم الفارسي أيضا.
الثالث: أن يكون بدلا. وأعرب الفارسي "زيتونة" من قوله: يوقد من شجرة مباركة زيتونة [ ص: 81 ] عطف بيان أيضا.
والصديد: ماء يسيل من أجساد أهل النار. وقيل: ما حال بين الجلد واللحم من القيح.


