الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (41) قوله تعالى: ولقد صرفنا : العامة على تشديد الراء، وفي مفعول "صرفنا" وجهان، أحدهما: أنه مذكور، و "في" مزيدة فيه، [ ص: 359 ] أي: ولقد صرفنا هذا القرآن، كقوله: ولقد صرفناه بينهم ، ومثله:


                                                                                                                                                                                                                                      3068 - ... ... ... ... يجرح في عراقيبها نصلي

                                                                                                                                                                                                                                      أي: يجرح عراقيبها. وقوله تعالى: وأصلح لي في ذريتي ، وأصلح لي ذريتي. ورد هذا بأن "في" لا تزاد، وما ذكر متأول، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الأحقاف.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أنه محذوف تقديره: ولقد صرفنا أمثاله ومواعظه وقصصه وأخباره وأوامره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري في تقدير ذلك: "ويجوز أن يراد ب "هذا القرآن" إبطال إضافتهم إلى الله البنات; لأنه مما صرفه وكرر ذكره، والمعنى: ولقد صرفنا القول في هذا المعنى، وأوقعنا التصريف فيه، وجعلناه مكانا للتكرير، ويجوز أن يريد ب هذا القرآن التنزيل، ويريد: ولقد صرفناه، يعني هذا المعنى في مواضع من التنزيل، فترك الضمير لأنه معلوم". قلت: وهذا التقدير الذي قدره الزمخشري أحسن; لأنه مناسب لما دلت عليه الآية وسيقت [ ص: 360 ] لأجله، فقدر المفعول خاصا، وهو: إما القول، وإما المعنى، وهو الضمير الذي قدره في "صرفناه" بخلاف تقدير غيره، فإنه جعله عاما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: لم ننزله مرة واحدة بل نجوما، والمعنى: أكثرنا صرف جبريل إليك، فالمفعول جبريل عليه السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن بتخفيف الراء فقيل: هي بمعنى القراءة الأولى، وفعل وفعل قد يشتركان. وقال ابن عطية: "أي: صرفنا الناس فيه إلى الهدى".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ليذكروا" متعلق ب "صرفنا". وقرأ الأخوان هنا وفي الفرقان بسكون الذال وضم الكاف مخففة مضارع "ذكر" من الذكر أو الذكر، والباقون بفتح الذال والكاف مشددة، والأصل: يتذكروا، فأدغم التاء في الذال، وهو من الاعتبار والتدبر.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وما يزيدهم ، أي: التصريف، و "نفورا" مفعول ثان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية