الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (110) قوله تعالى: ثم إن ربك للذين هاجروا : في خبر "إن" هذه ثلاثة أوجه، إنه قوله: لغفور رحيم ، و إن ربك الثانية واسمها تأكيد للأولى واسمها، فكأنه قيل: ثم إن ربك إن ربك لغفور [ ص: 292 ] رحيم، وحينئذ يجوز في قوله "للذين" وجهان: أن يتعلق بالخبرين على سبيل التنازع، أو بمحذوف على سبيل البيان كأنه قيل: الغفران والرحمة للذين هاجروا. الثاني: أن الخبر هو نفس الجار بعدها كما تقول: إن زيدا لك، أي: هو لك لا عليك بمعنى هو ناصرهم لا خاذلهم، قال معناه الزمخشري [ثم قال: "كما يكون الملك للرجل لا عليه، فيكون محميا منفوعا].

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أن خبر الأولى مستغنى عنه بخبر الثانية، يعني أنه محذوف لفظا لدلالة ما بعده عليه، وهذا معنى قول أبي البقاء: "وقيل: لا خبر ل "إن" الأولى في اللفظ; لأن خبر الثانية أغنى عنه"، وحينئذ لا يحسن رد الشيخ عليه بقوله: "وهذا ليس بجيد أنه ألغى حكم الأولى، وجعل الحكم للثانية، وهو عكس ما تقدم ولا يجوز".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: من بعد ما فتنوا قرأ ابن عامر: "فتنوا" مبنيا للفاعل، أي: فتنوا أنفسهم، فإن عاد الضمير على المؤمنين فالمعنى: فتنوا أنفسهم بما أعطوا المشركين من القول ظاهرا، أو أنهم لما صبروا على عذاب المشركين فكأنهم فتنوا أنفسهم، وإن عاد على المشركين فهو واضح، أي: فتنوا المؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      والباقون "فتنوا" مبنيا للمفعول. والضمير في "بعدها" للمصادر المفهومة من الأفعال المتقدمة، أي: من بعد الفتنة والهجرة والجهاد والصبر. وقال [ ص: 293 ] ابن عطية: "عائد على الفتنة أو الفعلة أو الهجرة أو التوبة".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية