الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (105) قوله تعالى: وبالحق أنزلناه : في الجار ثلاثة [ ص: 424 ] أوجه، أحدها: أنه متعلق بأنزلناه، والباء سببية، أي: أنزلناه بسبب الحق. والثاني: أنه حال من مفعول "أنزلناه"، أي: ومعه الحق. والثالث: أنه حال من فاعله، أي: ملتبسين بالحق. وعلى هذين الوجهين يتعلق بمحذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      والضمير في "أنزلناه" الظاهر عوده للقرآن: إما الملفوظ به في قوله قبل ذلك: على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ، ويكون ذلك جريا على قاعدة أساليب كلامهم، وهو أن يستطرد المتكلم في ذكر شيء لم يسبق له كلامه أولا، ثم يعود إلى كلامه الأول، وإما للقرآن غير الملفوظ أولا; لدلالة الحال عليه كقوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر وقيل: يعود على موسى كقوله: وأنزلنا الحديد . وقيل: على الوعد. وقيل: على الآيات التسع، وذكر الضمير وأفرده حملا على معنى الدليل والبرهان.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وبالحق نزل فيه الوجهان الأولان دون الثالث لعدم ضمير آخر غير ضمير القرآن. وفي هذه الجملة وجهان، أحدهما: أنها للتأكيد، وذلك أنه يقال: أنزلته فنزل، وأنزلته فلم ينزل، فجيء بقوله: وبالحق نزل دفعا لهذا الوهم. وقيل: ليست للتأكيد، والمغايرة تحصل بالتغاير بين الحقين، فالحق الأول التوحيد، والثاني الوعد والوعيد والأمر والنهي. وقال الزمخشري : "وما أنزلنا القرآن إلا بالحكمة المقتضية لإنزاله، وما نزل إلا ملتبسا بالحق والحكمة لاشتماله على الهداية إلى كل خير، أو ما أنزلناه من السماء إلا بالحق محفوظا بالرصد من الملائكة، وما نزل على الرسول إلا محفوظا [ ص: 425 ] بهم من تخليط الشياطين". و "مبشرا ونذيرا" حالان من مفعول "أرسلناك".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية