الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (45) قوله: كماء : فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أن تكون خبر مبتدأ مضمر، فقدره ابن عطية هي: أي: الحياة الدنيا. والثاني: أنه متعلق [ ص: 501 ] بمعنى المصدر، أي: ضربا كماء. قاله الحوفي. وهذا بناء منهما على أن "ضرب" هذه متعدية لواحد فقط. والثالث: أنه في موضع المفعول الثاني ل "اضرب" لأنها بمعنى صير. وقد تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ بعدما نقل قولي ابن عطية والحوفي: وأقول: إن "كماء" في موضع المفعول الثاني لقوله: "واضرب"، أي: وصير لهم مثل الحياة، أي: صفتها شبه ماء. قلت: وهذا قد سبقه إليه أبو البقاء.

                                                                                                                                                                                                                                      و "أنزلناه" صفة ل "ماء".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فاختلط به يجوز في هذه الباء وجهان أحدهما: أن تكون سببية. الثاني: أن تكون معدية. قاله الزمخشري : "فالتف بسببه وتكاثف حتى خالط بعضه بعضا". وقيل: نجع الماء في النبات حتى روي ورف رفيفا. وكان حق اللفظ على هذا التفسير: فاختلط بنبات الأرض. ووجه صحته: أن كل مختلطين موصوف كل واحد منهما بصفة الآخر.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فأصبح هشيما "أصبح" يجوز أن تكون على بابها; فإن أكثر ما يطرق من الآفات صباحا، كقوله: فأصبح يقلب كفيه ويجوز أن تكون بمعنى صار من غير تقيد بصباح كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3167 - أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 502 ] والهشيم: واحده هشيمة وهو اليابس. وقال الزجاج وابن قتيبة: كل ما كان رطبا فيبس. ومنه: كهشيم المحتظر . ومنه: هشمت الفت. ويقال: هشم الثريد: إذا فته.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "تذروه" صفة ل "هشيما" والذرو: التفريق، وقيل: الرفع.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "تذروه" بالواو. وقرأ عبد الله: "تذريه" من الذري، ففي لامه لغتان: الواو والياء. وقرأ ابن عباس "تذريه" بضم التاء من الإذراء. وهذه تحتمل أن تكون من الذرو وأن تكون من الذري. والعامة على "الرياح" جمعا. وزيد بن علي والحسن والنخعي في آخرين: "الريح" بالإفراد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية