[ ص: 310 ] آ. (3) قوله تعالى: ذرية    : العامة على نصبها وفيها أوجه، أحدها: أنها منصوبة على الاختصاص، وبه بدأ  الزمخشري   . الثاني: أنها منصوبة على البدل من "وكيلا"، أي: أن لا تتخذوا من دونه ذرية من حملنا. الثالث: أنها منصوبة على البدل من "موسى"، ذكره  أبو البقاء  وفيه بعد بعيد. الرابع: أنها منصوبة على المفعول الأول ل "تتخذوا"، والثاني هو "وكيلا" فقدم، ويكون "وكيلا" مما وقع مفرد اللفظ والمعني به جمع، أي: لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح  وكلاء كقوله: ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا   . 
الخامس: أنها منصوبة على النداء، أي: يا ذرية من حملنا، وخصوا هذا الوجه بقراءة الخطاب في "تتخذوا" وهو واضح عليها، إلا أنه لا يلزم، وإن كان  مكي  قد منع منه فإنه قال: فأما من قرأ: "يتخذوا" بالياء فذرية مفعول لا غير، ويبعد النداء; لأن الياء للغيبة والنداء للخطاب، فلا يجتمعان إلا على بعد. وليس كما زعم، إذ يجوز أن ينادي الإنسان شخصا ويخبر عن آخر فيقول: "يا زيد ينطلق بكر وفعلت كذا" و "يا زيد ليفعل عمرو كيت وكيت". 
وقرأت فرقة: "ذرية" بالرفع، وفيها وجهان، أحدهما: أنها خبر مبتدأ مضمر تقديره: هو ذرية، ذكره  [أبو] البقاء  وليس بواضح. والثاني:  [ ص: 311 ] أنه بدل من واو "تتخذوا". قال  ابن عطية:   "ولا يجوز ذلك في القراءة بالتاء، لأنك لا تبدل من ضمير مخاطب، لو قلت: "ضربتك زيدا" على البدل لم يجز. 
ورد عليه الشيخ هذا الإطلاق وقال: "ينبغي التفصيل، وهو إن كان بدل بعض أو اشتمال جاز، وإن كان كلا من كل، وأفاد الإحاطة نحو: "جئتم كبيركم وصغيركم" جوزه  الأخفش  والكوفيون. قال: "وهو الصحيح". قلت: وتمثيل  ابن عطية  بقوله: "ضربتك زيدا" قد يدفع عنه هذا الرد. 
وقال  مكي:   "ويجوز الرفع في الكلام على قراءة من قرأ بالياء على البدل من المضمر في "يتخذوا" ولا يحسن ذلك في قراءة التاء; لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب، ويجوز الخفض على البدل من بني إسرائيل". قلت: أما الرفع فقد تقدم أنه قرئ به وكأنه لم يطلع عليه، وأما الجر فلم يقرأ به فيما علمت ويرد عليه في قوله: "لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب" ما ورد على  ابن عطية،  بل أولى لأنه لم يذكر مثالا يبين مراده كما فعل  ابن عطية.   [ ص: 312 ] قوله تعالى: من حملنا   : يجوز أن تكون موصولة أو موصوفة. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					