[ ص: 127 ] قوله ( وإن أبرأ الغريم غريمه من دينه ، أو وهبه له ، أو أحله منه  برئت ذمته ) . وكذا إن أسقطه عنه ، أو تركه له ، أو ملكه له ، أو تصدق به عليه ، أو عفا عنه : برئت ذمته ( وإن رد ذلك ولم يقبله ) . 
اعلم أنه إذا أبرأه من دينه ، أو وهبه له ، أو أحله منه ، أو نحو ذلك وكان المبرئ والمبرأ يعلمان الدين صح ذلك ، وبرئ وإن رده ولم يقبله . على الصحيح من المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وقيل : يشترط القبول . 
قال في الفروع ، وفي المغني : في إبرائها له من المهر : هل هو إسقاط ، أو تمليك  ؟ فيتوجه منه احتمال : لا يصح به . وإن صح اعتبر قبوله وفي الموجز ، والإيضاح : لا تصح هبة في عين    . وقال في المغني : إن حلف لا يهبه ، فأبرأه    : لم يحنث . لأن الهبة تمليك عين . قال الحارثي    : تصح بلفظ " الهبة " و " العطية " مع اقتضائهما وجود معين . وهو منتف . لإفادتهما لمعنى الإسقاط هنا . قال : ولهذا لو وهبه دينه هبة حقيقة    : لم يصح . لانتفاء معنى الإسقاط ، وانتفاء شرط الهبة . ومن هنا : امتنع هبته لغير من هو عليه . وامتنع إجزاؤه عن الزكاة ، لانتفاء حقيقة الملك . انتهى . 
وقال في الانتصار : إن أبرأ مريض من دينه وهو كل ماله  ففي براءته من ثلثه ، قبل دفع ثلثيه : منع وتسليم . انتهى . وأما إن علمه المبرأ بفتح الراء أو جهله . وكان المبرئ بكسرها يجهله : صح ، سواء جهل قدره ، أو وصفه ، أو هما على الصحيح من المذهب .  [ ص: 128 ] جزم به في الوجيز . وقدمه في المحرر ، والفروع ، والفائق ، وغيرهم . وصححه الناظم    . 
قال في القواعد : هذا أشهر الروايات .  وعنه    : يصح مع جهل المبرأ بفتح الراء دون علمه . وأطلق فيما إذا عرفه المديون فيه الروايتين ، في الرعايتين ، والحاوي الصغير  وعنه  لا يصح ، ولو جهلاه ، إلا إذا تعذر علمه . 
وقال في المحرر : ويتخرج أن يصح بكل حال ، إلا إذا عرفه المبرأ ، وظن المبرئ جهله به : فلا يصح . انتهى .  وعنه    : لا تصح البراءة من المجهول ، كالبراءة من العيب . ذكرها  أبو الخطاب  ،  وأبو الوفاء    . كما لو كتمه المبرأ خوفا من أنه لو علمه المبرئ : لم يبرئه . قاله في الفروع . 
وقال  المصنف  ، والشارح    : فأما إن كان من عليه الحق يعلمه ويكتمه المستحق ، خوفا من أنه إذا علمه لم يسمح بإبرائه منه ، فينبغي أن لا تصح البراءة فيه . لأن فيه تغريرا بالمبرئ وقد أمكن التحرز منه . انتهيا . وتابعهما الحارثي    . وقال : ظاهر كلام  أبي الخطاب    : الصحة مطلقا . قال : وهذا أقرب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					