الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا لم تستوعب الفروض المال ، ولم تكن عصبة : رد الفاضل على ذوي الفروض بقدر فروضهم ، إلا الزوج والزوجة ) . وهذا المذهب . نقله الجماعة . وعليه الأصحاب . وعليه التفريع . وعنه : يقدم الرد وذوو الأرحام على الولاء . وتقدمت هذه الرواية في باب العصبات عند قوله " وإذا انقرضت العصبة من النسب : ورث المولى المعتق " . وعنه : يقدم ذوو الأرحام على الرد . وعنه : لا يرث بالرد بحال . وعنه : لا يرد على ولد أم مع الأم ، ولا على جدة مع ذي سهم . نقله ابن منصور . إلا قوله " إلا مع ذي سهم " . [ ص: 318 ] فائدة : إذا لم نقل بالرد : كان الفاضل لبيت المال ، وكذلك مال من مات ولا وارث له . لكن هل بيت المال وارث ، أم لا ؟ فيه روايتان . والصحيح من المذهب والمشهور : أنه ليس بوارث . وإنما يحفظ فيه المال الضائع . قاله في القاعدة السابعة والتسعين . قال الزركشي في العاقلة : المشهور أنه ليس بعصبة . وقدمه في المستوعب ، وغيره . وقاله ابن البنا ، وغيره . قال الحارثي ، في أول كتاب الوصايا : والأصح أن بيت المال غير وارث ، لتقدم ذوي الأرحام عليه . وانتفاء صرف الفاضل عن ذوي الفروض إليه .

قال المصنف : ليس بعصبة . وقال في القاعدة السادسة بعد المائة : ولنا رواية ، أنه ينتقل إلى بيت المال إرثا . ثم قال : فإن أريد اشتباه الوارث بغيره يوجب الحكم بالإرث للكل : فهو مخالف لقواعد المذهب . وإن أريد : أنه إرث في الباطن لمعين ، فيحفظ ميراثه في بيت المال ، ثم يصرف في المصالح ، للجهل بمستحقه عينا : فهو والأول بمعنى واحد . قال : وينبني على ذلك : مسألة اقتصاص الإمام ممن قتل من لا وارث له . وفي المسألة وجهان . منهم : من بناها ، على أن بيت المال : هل هو وارث أم لا ؟ ومنهم من قال : لا ينبني على ذلك . ثم لهم طريقان . أحدهما : أنه لا يقتص . ولو قلنا : بأنه وارث . لأن في المسلمين . الصبي ، والمجنون ، والغائب . وهي طريقة أبي الخطاب . [ ص: 319 ] والثاني : يجوز الاقتصاص . وإن قلنا : ليس بوارث . لأن ولاية الإمام ونظره في المصالح : قائم مقام الوارث . وهو مأخذ ابن الزاغوني . انتهى . قلت : قد تقدم من فوائد الخلاف في وصية من لا وارث له إن قيل : إن بيت المال جهة ومصلحة : جازت الوصية بجميع ماله . وإن قيل : هو وارث ، لم تجز إلا بالثلث . قاله القاضي ، وتبعه في الفروع . وتقدم ذلك في أول كتاب الوصايا . وتقدم في آخر باب الفيء : هل بيت المال ملك للمسلمين ، أم لا ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية