الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 14 ] قوله ( مسلمين كانوا أو من أهل الذمة ) . يعني : إذا وقف على أقاربه من أهل الذمة : صح . وهذا المذهب . نص عليه وعليه الأصحاب قاطبة .

تنبيهان .

أحدهما : قد يقال : مفهوم كلام المصنف أنه لا يصح الوقف على ذمي ، غير قرابته . وهذا أحد الوجهين . وهو مفهوم كلام جماعة منهم : صاحب الوجيز ، والتلخيص وقدمه في الرعايتين ومال إليه الزركشي .

وقيل : يصح على الذمي ، وإن كان أجنبيا من الواقف . وهو الصحيح من المذهب . جزم به في المغني ، والكافي ، والمحرر ، والشرح ، والمنتخب ، وعيون المسائل وغيرهم .

قال في الفائق : ويصح على ذمي من أقاربه . نص عليه ، وعلى غيره ، من معين . في أصح الوجهين دون الجهة . انتهى . وهو ظاهر ما قطع به الحارثي . وأطلق الوجهين في الحاوي الصغير . وقال الحلواني : يصح على الفقراء منهم دون غيرهم . وصحح في الواضح صحة الوقف من ذمي عليه دون غيره .

الثاني : قال الحارثي : قال الأصحاب : إن وقف على من ينزل الكنائس ، والبيع من المارة والمجتازين : صح

قالوا : لأن هذا الوقف عليهم ، لا على البقعة . والصدقة عليهم جائزة وصالحة للقربة . وجزم به في المغني ، والشرح ، وغيرهما .

قال الحارثي : إن خص أهل الذمة ، فوقف على المارة منهم : لم يصح . انتهى . وقال في الفروع : وفي المنتخب ، والرعاية : يصح على المارة بها منهم ، يعني من أهل الذمة . [ ص: 15 ] وقاله في المغني في بناء بيت يسكنه المجتاز منهم . ولم أر ما قال عنه صاحب الرعاية فيهما في مظنته ، بل قال : ويصح منها على ذمي بهما أو ينزلهما ، أو يجتاز ، راجلا أو راكبا .

قوله ( ولا يصح على الكنائس وبيوت النار ) . وكذا البيع . وهذا المذهب ، وعليه الأصحاب . ونص عليه في الكنائس والبيع . وفي الموجز رواية . على الكنيسة والبيعة كمار بهما . فوائد .

الأولى : الذمي كالمسلم في عدم الصحة في ذلك . على الصحيح من المذهب فلا يصح وقف الذمي على الكنائس والبيع وبيوت النار ، ونحوها ، ولا على مصالح شيء من ذلك كالمسلم . نص عليه . وقطع به الحارثي وغيره . قال المصنف لا نعلم فيه خلافا . وصحح في الواضح وقف الذمي على البيعة والكنيسة . وتقدم كلامه في وقف الذمي على الذمي .

الثانية : الوصية كالوقف في ذلك كله . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . وقيل : من كافر . وقال في الانتصار : لو نذر الصدقة على ذمته لزمه . وذكر في المذهب وغيره : يصح للكل . وذكره جماعة رواية . وذكر القاضي صحتها بحصير وقناديل . قال في التبصرة : إن وصى لما لا معروف فيه ولا بر ككنيسة أو كتب التوراة لم يصح . وعنه يصح . [ ص: 16 ]

الثالثة : لو وقف على ذمي ، وشرط استحقاقه ما دام كذلك ، فأسلم : استحق ما كان يستحقه قبل الإسلام ، ولغي الشرط . على الصحيح من المذهب . وقطع به كثير من الأصحاب . وصحح ابن عقيل في الفنون هذا الشرط . وقال : لأنه إذا وقفه على الذمي من أهله دون المسلم لا يجوز شرط لهم حال الكفر . فأي فرق .

التالي السابق


الخدمات العلمية