( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) أبان الله - جل ثناؤه - لخلقه أنه أنزل كتابه بلسان نبيه وهو لسان قومه
العرب فخاطبهم بلسانهم على ما يعرفون من معاني كلامهم وكانوا يعرفون من معاني كلامهم أنهم يلفظون بالشيء عاما يريدون به العام وعاما يريدون به الخاص ثم دلهم على ما أراد من ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه وأبان لهم أن ما قبلوا عن نبيه فعنه - جل ثناؤه - قبلوا بما فرض من طاعة رسوله في غير موضع من كتابه منها {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } قال وقد اختصرت من تمثيل ما يدل الكتاب على أنه نزل من الأحكام عاما أريد به العام وكتبته في كتاب غير هذا وهو الظاهر من علم القرآن وكتبت معه غيره مما أنزل عاما يراد الخاص وكتبت في هذا الكتاب مما نزل عام الظاهر ما دل الكتاب على أن الله أراد به الخاص لإبانة الحجة على من تأول ما رأيناه مخالفا فيه طريق من رضينا مذهبه من أهل العلم بالكتاب والسنة .
من ذلك قال الله - جل ثناؤه - {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } الآية ، وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } فكان ظاهر مخرج هذا عاما على كل مشرك فأنزل الله {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } فدل أمر الله - جل ثناؤه - بقتال المشركين من
أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية على أنه إنما أراد بالآيتين اللتين أمر فيهما بقتال المشركين حيث وجدوا حتى يقيموا الصلاة وأن يقاتلوا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ، من خالف
أهل الكتاب من المشركين ، وكذلك دلت سنة رسول الله على قتال أهل الأوثان حتى يسلموا ، وقتال
أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية فهذا من العام الذي دل الله على أنه إنما أراد به الخاص لا أن واحدة من الآيتين ناسخة للأخرى لأن لإعمالهما معا وجها بأن كان كل أهل الشرك صنفين صنف
أهل الكتاب وصنف غير
أهل الكتاب ولهذا في القرآن نظائر وفي السنن مثل هذا قال
nindex.php?page=treesubj&link=22169والناسخ من القرآن الأمر ينزله الله من بعد الأمر يخالفه كما حول القبلة قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فلنولينك قبلة ترضاها } .
وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها } وأشباه له كثيرة في غير موضع قال ولا ينسخ كتاب الله إلا كتابه ; لقول الله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } .
وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر } فأبان أن
nindex.php?page=treesubj&link=22184نسخ القرآن لا يكون إلا بقرآن مثله وأبان الله - جل ثناؤه - أنه فرض على رسوله اتباع أمره ، فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=106اتبع ما أوحي إليك من ربك } وشهد له باتباعه ، فقال - جل ثناؤه - {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله } فأعلم الله خلقه أنه يهديهم إلى صراطه قال : فتقام سنة رسول الله مع كتاب الله - جل ثناؤه - مقام البيان عن الله عدد فرضه كبيان ما أراد بما أنزل عاما العام أراد به أو الخاص وما أنزل فرضا وأدبا وإباحة وإرشادا إلا أن شيئا من سنة رسول الله يخالف كتاب الله في حال لأن الله - جل ثناؤه - قد أعلم خلقه أن رسوله يهدي إلى صراط مستقيم صراط الله ولا أن شيئا من سنن رسول الله ناسخ لكتاب الله لأنه قد أعلم خلقه أنه إنما ينسخ القرآن بقرآن مثله والسنة تبع للقرآن ، وقد اختصرت من إبانة السنة عن كتاب الله بعض ما حضرني مما يدل على مثل معناه إن شاء الله قال الله - جل ثناؤه - {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } فدل رسول الله
[ ص: 596 ] على عدد الصلاة ومواقيتها والعمل بها وفيها ودل على أنها على العامة والأحرار والمماليك من الرجال والنساء إلا يقصر فأبان منها المعاني التي وصفت وأنها مرفوعة عن الحيض ، وقال الله - جل ثناؤه - {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم } الآية .
وكان ظاهر مخرج الآية على أن كل قائم إلى الصلاة الوضوء فدل رسول الله على أن فرض الوضوء على القائمين إلى الصلاة في حال دون حال لأنه صلى صلاتين وصلوات بوضوء واحدة ، وقد قام إلى كل واحد منهن وذهب أهل العلم بالقرآن إلى أنها على القائمين من النوم ، ودل رسول الله على أشياء توجب الوضوء على من قام إلى الصلاة وذكر الله غسل القدمين فمسح رسول الله على الخفين فدل على أن الغسل على القدمين على بعض المتوضئين دون بعض ، وقال الله - جل ثناؤه - لنبيه {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فكان ظاهر مخرج الآية بالزكاة عاما يراد به الخاص بدلالة سنة رسول الله على أن من أموالهم ما ليس فيه زكاة وأن منها مما فيه الزكاة ما لا يجب فيه الزكاة حتى يبلغ وزنا أو كيلا أو عددا فإذا بلغه كانت فيه الزكاة ثم دل على أن من الزكاة شيئا يؤخذ بعدد وشيئا يؤخذ بكيل وشيئا يؤخذ بوزن وأن منها ما زكاته خمس ، وعشر وربع عشر وشيء بعدد ، وقال الله {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } الآية فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مواقيت الحج وما يدخل به فيه وما يخرج به منه وما يعمل فيه بين الدخول والخروج .
وقال الله - جل ثناؤه - {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ، وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وكان مخرج هذا عاما فدل رسول الله على أن الله - جل ثناؤه - أراد بهذا بعض السارقين يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16898تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا } ورجم الحرين الزانيين الثيبين ولم يجلدهما فدلت السنة على أن القطع على بعض السراق دون بعض والجلد على بعض الزناة دون بعض فقد يكون سارقا من غير حرز فلا يقطع وسارقا لا تبلغ سرقته ربع دينار فلا يقطع ويكون زانيا ثيبا فلا يجلد مائة فوجب على كل عالم أن لا يشك أن سنة رسول الله إذا قامت هذا المقام مع كتاب الله في أن الله أحكم فرضه بكتابه وبين كيف ما فرض على لسان نبيه وأبان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما أراد به العام والخاص كانت كذلك سنته في كل موضع لا تختلف وأن قول من قال : تعرض السنة على القرآن فإن وافقت ظاهره وإلا استعملنا ظاهر القرآن وتركنا الحديث جهل لما وصفت فأبان الله لنا أن سنن رسوله فرض علينا بأن ننتهي إليها لا أن لنا معها من الأمر شيئا إلا التسليم لها واتباعها ولا أنها تعرض على قياس ولا على شيء غيرها وأن كل ما سواها من قول الآدميين تبع لها قال فذكرت ما قلت من هذا العدد من أهل العلم بالقرآن والسنن والآثار واختلاف الناس والقياس والمعقول فكلهم قال مذهبنا ومذهب جميع من رضينا ممن لقينا وحكى لنا عنه من أهل العلم ، فقلت لألحن من خبرت منهم عندي بحجة وأكثرهم علما فيما علمت : أرأيت إذا زعمنا نحن وأنت أن الحق عندنا في أمر فهل يجوز خلافه ؟
قال : لا ، قلت : وحجتنا حجتك على من رد الأحاديث واستعمل ظاهر القرآن فقطع السارق في كل شيء لأن اسم السرقة يلزمه وأبطل الرجم ; لأن الله يقول {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وعلى من استعمل بعض الحديث مع هؤلاء وقال : لا يمسح على الخفين ; لأن الله قصد القدمين بغسل أو مسح وعلى آخرين من أهل الفقه أحلوا كل ذي روح لم ينزل تحريمه في القرآن ; لقول الله {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير } .
وقالوا قال بما عقلنا من أصحاب رسول الله من هو أعلم به من
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة فحرمنا كل ذي ناب من السباع بخبر من ثقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة عن النبي قال : نعم هذه حجتنا ، وكفى بها حجة ولا حجة في أحد مع رسول الله ولا في أحد رد حديث رسول الله بلا حديث مثله عن رسول الله ، وقد يخفى على العالم برسول الله الشيء من سنته يعلمه من ليس مثله في العلم وهؤلاء وإن أخذوا ببعض الحديث فقد سلكوا في ترك تحريم كل ذي ناب من السباع وترك المسح على
[ ص: 597 ] الخفين طريق من رد الحديث كله لأنهم إذا استعملوا بعض الحديث وتركوا بعضه لا مخالف له عن النبي فقد عطلوا من الحديث ما استعملوا مثله وقلت ولا حجة لهم بتوهين الحديث إذا ذهبوا إلى أنه يخالف ظاهر القرآن وعمومه إذا احتمل القرآن أن يكون خاصا وقولهم لمن قال بالحديث في المسح وتحريم كل ذي ناب من السباع وغيره إذا كان القرآن محتملا لأن يكون عاما يراد به الخاص خالفت القرآن ظلما ، قال : نعم قلت ولا تقبل حجتهم بأن أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه المسح على الخفين
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة وهم أعلم بالحديث ، وألزم للنبي صلى الله عليه وسلم وأقرب منه وأحفظ عنه وأن بعضهم ذهب إلى أن المسح منسوخ بالقرآن وأنه إنما كان قبل نزول سورة المائدة ، وإن لم يزل في الناس إلى اليوم من يقول بقولهم قال لا أقبل من هذا شيئا وليس في أحد رد خبرا عن رسول الله بلا خبر عنه حجة قلت له وإنما كانت الحجة في الرد لو أوردوا أن رسول الله مسح ثم قال بعد مسحه لا تمسحوا قال : نعم .
قلت : ولا يقبل أن يقال لهم إذا قال قائلهم : لم يمسح النبي بعد المائدة فإنما قاله بعلم أن المسح منسوخ قال ولا قلت وكذلك لا يجوز أن يقبل قول من قال إن النبي لم يمسح بعد المائدة إذا لم يرو ذلك عن النبي قلت له : ويجوز أن ينسخ القرآن السنة إلا أحدث رسول الله سنة تنسخها ، قال أما هذا فأحب أن تبينه لي قلت : أرأيت لو جاز أن يكون رسول الله سن فتلزمنا سنته ثم نسخ الله سنته بالقرآن ولا يحدث النبي مع القرآن سنة تدل على أن سنته الأولى منسوخة ألا يجوز أن يقال إنما حرم رسول الله ما حرم من البيوع قبل نزول قول الله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع وحرم الربا } ، وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } أو ما جاز أن يقال إنما حرم رسول الله أن تنكح المرأة على عمتها وخالتها قبل نزول قول الله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حرمت عليكم أمهاتكم } الآية وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وأحل لكم ما وراء ذلكم } فلا بأس بكل بيع عن تراض والجمع بين العمة والخالة ، وإنما حرم كل ذي ناب من السباع قبل نزول : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه } الآية فلا بأس بأكل كل ذي روح ما خلا الآدميين ثم جاز هذا في المسح على الخفين ، وجاز أن تؤخذ الصدقة فيما دون خمسة أوسق ; لقول الله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خذ من أموالهم صدقة } وهذا دون خمسة أوسق من أموالهم وذكرت له في هذا شيئا أكثر من هذا ، فقال ما يجوز أن ينسخ السنة القرآن إلا ومع القرآن سنة تبين أن الأولى منسوخة وإلا دخل هذا كله وكان فيه تعطيل الأحاديث قلت وكذلك لا يجوز أن يقبل قول من قال إن النبي لم يمسح على الخفين بعد المائدة إذا لم يرو ذلك خبرا عن النبي لأنه إنما قاله على علمه .
وقد يعلم غيره أنه مسح بعدها ولا يرد عليه قول غيره لم يمسح بعدها إذ لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن هذا لو جاز جاز أن يقال لا يقبل أبدا أن رسول الله قال شيئا مثل هذا إلا بأن يقال قال رسول الله ويجعل القول قول صاحبه دون قول النبي ولا نجعل في قوله حجة وإن وافق ظاهر القرآن إذا لم يعزه إلى النبي بخبر يخالفه قال : نعم قلت إن هذا لو جاز جاز أن يقال : إن النبي إنما قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16898تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا } ، ورجم الثيبين ثم نزل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } ونزل {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } فنسخ رجمه بالجلد ودلالة أن لا يقطع إلا من سرق من حرز ما يبلغ ربع دينار قال : نعم ، وقلت له : ولا يجوز إذا ذكر الحديث عن النبي عليه السلام
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد أو
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أو رجل من أصحاب النبي فقضى رجل من أصحاب النبي المتقدمي الصحبة بخلاف ما روى أحد هؤلاء عن النبي إلا أن يؤخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم قال بخبر صادق عنه وعلمي بأن الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بخبر صادق عنه لعله من التابعين
nindex.php?page=treesubj&link=21370وخبر صاحب النبي أولى بأن يثبت من خبر تابعي أو أن يستويا في أن يثبتا فإذا استويا علم بأن النبي
[ ص: 598 ] قال أو أن رجلا من أصحابه قال ولا يسع مسلما أن يشك في أن الفرض اتباع قول النبي وطرح كل ما خالفه كما صنع الناس بقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في تفضيل بعض الأصابع على بعض وكما صنع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بقول نفسه إذ كان لا يورث المرأة من دية زوجها شيئا حتى وجد ووجدوا خلافه عن النبي قال : نعم هذا هكذا ولا يسع مسلما أن يشك في هذا قلت .
ولا يقال لا يعزب عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر العلم يعلمه من ليست له صحبة ولا عن الأكثر من أصحاب النبي قال : لا لأنا قد وجدناه عزب ، قلت له : أعطيت عندنا بجملة هذا القول النصفة ولزمتك الحجة مع جماعة أهل العلم ومنفردا بما علمت من هذا وعلمت بموضع الحجة وأن كثيرا قد غلط من هذا الوجه بالجهالة بكثير مما يلزمه من العلم فيه قال : أجل قلت : فقد وجدت لك أقاويل توافق هذا فحمدتها ، وأقاويل تخالف هذا فلا يجوز أن أحمدك على خلاف ما حمدتك عليه ولا يجوز لك إلا أن تنتقل عما أقمت عليه من خلاف ما زعمت الحق فيه قال ذلك الواجب علي فهل تعلم شيئا أقمت عليه من خلاف هذا ؟ قلت : نعم حديثا لرسول الله تركته بأضعف من حجة من احتججت له في رد المسح على الخفين وغيره ، قال : فاذكر من ذلك شيئا ، قلت له : قلنا إن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26668رسول الله قضى باليمين مع الشاهد } فرددتها وما رأيتك جمعت حجتك على شيء كجمعها على من قال بها وسلكت سبيل من رد خبر المنفرد عن رسول الله بتأول القرآن ونسبت من قال بها إلى خلاف القرآن وليس فيها من خلاف القرآن شيء ولا في شيء يثبت عن النبي وإنما ثبت الشهادة على غيرك بالخطأ فيما وصفت من رد المسح ، وكل ذي ناب من السباع بمثل ما رددت به اليمين مع الشاهد بل حجتك فيها أضعف فقال بعض من حضره : قد علمنا أن لا حجة له فيما احتج به من القرآن ، ورد اليمين مع الشاهد إلا أن لا يكون له حجة على من ترك المسح على الخفين وأحل أكل كل ذي ناب من السباع وقطع كل من لزمه اسم سرقة ، وعطل الرجم إن كان من حدث بها ممن يثبت أهل الحديث حديثه أو حديث مثله بصحة إسناده واتصاله بها .
وقال هو وهم ولكنها رويت فيما علمنا من حديث منقطع ونحن لا نثبته فقلت : له فقد كانت لك كفاية تصدق بها وتنصف وتكون لك الحجة في ردها لو قلت : إنها رويت من حديث منقطع ; لأنا وإياك وأهل الحديث لا نثبت حديثا منقطعا بنفسه بحال فكيف خبرت بأنها خلاف القرآن فزعمت أنك تردها إن حكم بها حاكم وأنت لا ترد حكم حاكم برأيه وإن رأيته أنت جورا قال فدع هذا فقلت : نعم بعد علم بأنك أغفلت أو عمدت أنك تشنع على غيرك بما تعلم أن ليست لك عليه فيه حجة وهذا طريق غفلة أو ظلم ، قال : فهل تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل فإنما عرفنا فيها حديثا منقطعا ، وحديثا يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح متصلا فينكره
nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل ويرويه رجل ليس بالحافظ فيحتمل له مثل هذا قلت ما أخذنا باليمين مع الشاهد من واحد من هذين لكن عندنا فيها حديث متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فاذكره قلت : أخبرنا
عبد الله بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16078سيف بن سليمان عن
قيس بن سعد عن
عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26668النبي قضى باليمين مع الشاهد } .
وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12386إبراهيم بن محمد عن
ربيعة بن عثمان عن
معاذ بن عبد الرحمن عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي مثله ، قال : ما سمعته قبل ذكرك الآن قلت أنثبت نحن وأنت مثله ؟ قال : نعم ، قلت : فلزمك أن ترجع إليه ، قال فأردها من وجه آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=78724البينة على من ادعى واليمين على المدعى عليه } وقد كتبت هذا في الأحاديث الجمل والمفسرة وكلمته فيه بما علم من حضر بأنه لم يحتج فيه بشيء وقد وصفت في كتابي هذا المواضع التي غلط فيها بعض من عجل بالكلام في العلم قبل خبرته وأسأل الله التوفيق .
( قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ) أَبَانَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - لِخَلْقِهِ أَنَّهُ أَنْزَلَ كِتَابَهُ بِلِسَانِ نَبِيِّهِ وَهُوَ لِسَانُ قَوْمِهِ
الْعَرَبِ فَخَاطَبَهُمْ بِلِسَانِهِمْ عَلَى مَا يَعْرِفُونَ مِنْ مَعَانِي كَلَامِهِمْ وَكَانُوا يَعْرِفُونَ مِنْ مَعَانِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ يَلْفِظُونَ بِالشَّيْءِ عَامًّا يُرِيدُونَ بِهِ الْعَامَّ وَعَامًّا يُرِيدُونَ بِهِ الْخَاصَّ ثُمَّ دَلَّهُمْ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَأَبَانَ لَهُمْ أَنَّ مَا قَبِلُوا عَنْ نَبِيِّهِ فَعَنْهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - قَبِلُوا بِمَا فَرَضَ مِنْ طَاعَةِ رَسُولِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ مِنْهَا {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } قَالَ وَقَدْ اخْتَصَرْت مِنْ تَمْثِيلِ مَا يَدُلُّ الْكِتَابُ عَلَى أَنَّهُ نَزَلَ مِنْ الْأَحْكَامِ عَامًّا أُرِيدَ بِهِ الْعَامَّ وَكَتَبْته فِي كِتَابٍ غَيْرِ هَذَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ وَكَتَبْتُ مَعَهُ غَيْرَهُ مِمَّا أُنْزِلَ عَامًّا يُرَادُ الْخَاصُّ وَكَتَبْت فِي هَذَا الْكِتَابِ مِمَّا نَزَلَ عَامُّ الظَّاهِرِ مَا دَلَّ الْكِتَابُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِهِ الْخَاصَّ لِإِبَانَةِ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ تَأَوَّلَ مَا رَأَيْنَاهُ مُخَالِفًا فِيهِ طَرِيقَ مَنْ رَضِينَا مَذْهَبَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
مِنْ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } الْآيَةُ ، وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدَّيْنُ كُلُّهُ لِلَّهِ } فَكَانَ ظَاهِرُ مَخْرَجِ هَذَا عَامًّا عَلَى كُلِّ مُشْرِكٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } فَدَلَّ أَمْرُ اللَّهِ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِالْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَمَرَ فِيهِمَا بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وُجِدُوا حَتَّى يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَأَنْ يُقَاتَلُوا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدَّيْنُ كُلُّهُ لِلَّهِ ، مَنْ خَالَفَ
أَهْلَ الْكِتَابِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، وَكَذَلِكَ دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الْأَوْثَانِ حَتَّى يُسْلِمُوا ، وَقِتَالِ
أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ فَهَذَا مِنْ الْعَامِّ الَّذِي دَلَّ اللَّهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْخَاصَّ لَا أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ الْآيَتَيْنِ نَاسِخَةٌ لِلْأُخْرَى لِأَنَّ لِإِعْمَالِهِمَا مَعًا وَجْهًا بِأَنْ كَانَ كُلُّ أَهْلِ الشِّرْكِ صِنْفَيْنِ صِنْفٌ
أَهْلُ الْكِتَابِ وَصِنْفٌ غَيْرُ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَلِهَذَا فِي الْقُرْآنِ نَظَائِرُ وَفِي السُّنَنِ مِثْلُ هَذَا قَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=22169وَالنَّاسِخُ مِنْ الْقُرْآنِ الْأَمْرُ يُنْزِلُهُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ الْأَمْرِ يُخَالِفُهُ كَمَا حَوَّلَ الْقِبْلَةَ قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } .
وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=142سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } وَأَشْبَاهٌ لَهُ كَثِيرَةٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ قَالَ وَلَا يَنْسَخُ كِتَابَ اللَّهِ إلَّا كِتَابُهُ ; لِقَوْلِ اللَّهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } .
وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ } فَأَبَانَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22184نَسْخَ الْقُرْآنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ وَأَبَانَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - أَنَّهُ فَرَضَ عَلَى رَسُولِهِ اتِّبَاعَ أَمْرِهِ ، فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=106اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } وَشَهِدَ لَهُ بِاتِّبَاعِهِ ، فَقَالَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ } فَأَعْلَمَ اللَّهُ خَلْقَهُ أَنَّهُ يَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاطِهِ قَالَ : فَتُقَامُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - مَقَامَ الْبَيَانِ عَنْ اللَّهِ عَدَدَ فَرْضِهِ كَبَيَانِ مَا أَرَادَ بِمَا أَنْزَلَ عَامًّا الْعَامَّ أَرَادَ بِهِ أَوْ الْخَاصَّ وَمَا أَنْزَلَ فَرْضًا وَأَدَبًا وَإِبَاحَةً وَإِرْشَادًا إلَّا أَنَّ شَيْئًا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ فِي حَالٍ لِأَنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - قَدْ أَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّ رَسُولَهُ يَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ وَلَا أَنَّ شَيْئًا مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ نَاسِخٌ لِكِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ وَالسُّنَّةُ تَبَعٌ لِلْقُرْآنِ ، وَقَدْ اخْتَصَرْتُ مِنْ إبَانَةِ السُّنَّةِ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ بَعْضَ مَا حَضَرَنِي مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } فَدَلَّ رَسُولُ اللَّهِ
[ ص: 596 ] عَلَى عَدَدِ الصَّلَاةِ وَمَوَاقِيتِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا وَفِيهَا وَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا عَلَى الْعَامَّةِ وَالْأَحْرَارِ وَالْمَمَالِيكِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا يُقْصِرْ فَأَبَانَ مِنْهَا الْمَعَانِيَ الَّتِي وَصَفْت وَأَنَّهَا مَرْفُوعَةٌ عَنْ الْحَيْضِ ، وَقَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ } الْآيَةُ .
وَكَانَ ظَاهِرُ مَخْرَجِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَائِمٍ إلَى الصَّلَاةِ الْوُضُوءَ فَدَلَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ عَلَى الْقَائِمِينَ إلَى الصَّلَاةِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ لِأَنَّهُ صَلَّى صَلَاتَيْنِ وَصَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدَةٍ ، وَقَدْ قَامَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ وَذَهَبَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ إلَى أَنَّهَا عَلَى الْقَائِمِينَ مِنْ النَّوْمِ ، وَدَلَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى أَشْيَاءَ تُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَذَكَرَ اللَّهُ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْغَسْلَ عَلَى الْقَدَمَيْنِ عَلَى بَعْضِ الْمُتَوَضِّئِينَ دُونَ بَعْضٍ ، وَقَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - لِنَبِيِّهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ } فَكَانَ ظَاهِرُ مَخْرَجِ الْآيَةِ بِالزَّكَاةِ عَامًّا يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ بِدَلَالَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا لَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ وَأَنَّ مِنْهَا مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَبْلُغَ وَزْنًا أَوْ كَيْلًا أَوْ عَدَدًا فَإِذَا بَلَغَهُ كَانَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ دَلَّ عَلَى أَنَّ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا يُؤْخَذُ بِعَدَدٍ وَشَيْئًا يُؤْخَذُ بِكَيْلٍ وَشَيْئًا يُؤْخَذُ بِوَزْنٍ وَأَنَّ مِنْهَا مَا زَكَاتُهُ خُمُسٌ ، وَعُشْرٌ وَرُبْعُ عُشْرٍ وَشَيْءٌ بِعَدَدٍ ، وَقَالَ اللَّهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا } الْآيَةُ فَدَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَمَا يَدْخُلُ بِهِ فِيهِ وَمَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْهُ وَمَا يُعْمَلُ فِيهِ بَيْنَ الدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ .
وَقَالَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } ، وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } وَكَانَ مَخْرَجُ هَذَا عَامًّا فَدَلَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - أَرَادَ بِهَذَا بَعْضَ السَّارِقِينَ يَقُولُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16898تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا } وَرَجْمُ الْحُرَّيْنِ الزَّانِيَيْنِ الثَّيِّبَيْنِ وَلَمْ يَجْلِدْهُمَا فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّ الْقَطْعَ عَلَى بَعْضِ السُّرَّاقِ دُونَ بَعْضٍ وَالْجَلْدَ عَلَى بَعْضِ الزُّنَاةِ دُونَ بَعْضٍ فَقَدْ يَكُونُ سَارِقًا مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا يُقْطَعُ وَسَارِقًا لَا تَبْلُغُ سَرِقَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ فَلَا يُقْطَعُ وَيَكُونُ زَانِيًا ثَيِّبًا فَلَا يُجْلَدُ مِائَةً فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ أَنْ لَا يَشُكَّ أَنَّ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ إذَا قَامَتْ هَذَا الْمَقَامَ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ فِي أَنَّ اللَّهَ أَحْكَمَ فَرْضَهُ بِكِتَابِهِ وَبَيَّنَ كَيْفَ مَا فَرَضَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ وَأَبَانَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَرَادَ بِهِ الْعَامَّ وَالْخَاصَّ كَانَتْ كَذَلِكَ سُنَّتُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا تَخْتَلِفُ وَأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ : تُعْرَضُ السُّنَّةُ عَلَى الْقُرْآنِ فَإِنْ وَافَقَتْ ظَاهِرَهُ وَإِلَّا اسْتَعْمَلْنَا ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَتَرَكْنَا الْحَدِيثَ جَهِلَ لِمَا وَصَفْتُ فَأَبَانَ اللَّهُ لَنَا أَنَّ سُنَنَ رَسُولِهِ فَرْضٌ عَلَيْنَا بِأَنْ نَنْتَهِيَ إلَيْهَا لَا أَنَّ لَنَا مَعَهَا مِنْ الْأَمْرِ شَيْئًا إلَّا التَّسْلِيمَ لَهَا وَاتِّبَاعَهَا وَلَا أَنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى قِيَاسٍ وَلَا عَلَى شَيْءٍ غَيْرِهَا وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهَا مِنْ قَوْلِ الْآدَمِيِّينَ تَبَعٌ لَهَا قَالَ فَذَكَرْت مَا قُلْت مِنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالْآثَارِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْقِيَاسِ وَالْمَعْقُولِ فَكُلُّهُمْ قَالَ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ جَمِيعِ مَنْ رَضِينَا مِمَّنْ لَقِينَا وَحَكَى لَنَا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَقُلْتُ لِأَلْحَنَ مَنْ خَبَرْتُ مِنْهُمْ عِنْدِي بِحُجَّةٍ وَأَكْثَرِهِمْ عِلْمًا فِيمَا عَلِمْتُ : أَرَأَيْتَ إذَا زَعَمْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ أَنَّ الْحَقَّ عِنْدَنَا فِي أَمْرٍ فَهَلْ يَجُوزُ خِلَافُهُ ؟
قَالَ : لَا ، قُلْت : وَحُجَّتُنَا حُجَّتُك عَلَى مَنْ رَدَّ الْأَحَادِيثَ وَاسْتَعْمَلَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ فَقَطَعَ السَّارِقَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ اسْمَ السَّرِقَةِ يَلْزَمُهُ وَأَبْطَلَ الرَّجْمَ ; لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } وَعَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَ بَعْضَ الْحَدِيثِ مَعَ هَؤُلَاءِ وَقَالَ : لَا يُمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ; لِأَنَّ اللَّهَ قَصَدَ الْقَدَمَيْنِ بِغُسْلٍ أَوْ مَسْحٍ وَعَلَى آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ أَحَلُّوا كُلَّ ذِي رُوحٍ لَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ فِي الْقُرْآنِ ; لِقَوْلِ اللَّهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ } .
وَقَالُوا قَالَ بِمَا عَقَلْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1500أَبِي ثَعْلَبَةَ فَحَرَّمْنَا كُلَّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ بِخَبَرٍ مِنْ ثِقَةٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1500أَبِي ثَعْلَبَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ : نَعَمْ هَذِهِ حُجَّتُنَا ، وَكَفَى بِهَا حُجَّةً وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا فِي أَحَدٍ رَدَّ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ بِلَا حَدِيثٍ مِثْلِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقَدْ يَخْفَى عَلَى الْعَالِمِ بِرَسُولِ اللَّهِ الشَّيْءَ مِنْ سُنَّتِهِ يَعْلَمُهُ مَنْ لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْعِلْمِ وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ أَخَذُوا بِبَعْضِ الْحَدِيثِ فَقَدْ سَلَكُوا فِي تَرْكِ تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَتَرْكِ الْمَسْحِ عَلَى
[ ص: 597 ] الْخُفَّيْنِ طَرِيقَ مَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ كُلَّهُ لِأَنَّهُمْ إذَا اسْتَعْمَلُوا بَعْضَ الْحَدِيثِ وَتَرَكُوا بَعْضَهُ لَا مُخَالِفَ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ فَقَدْ عَطَّلُوا مِنْ الْحَدِيثِ مَا اسْتَعْمَلُوا مِثْلَهُ وَقُلْت وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ بِتَوْهِينِ الْحَدِيثِ إذَا ذَهَبُوا إلَى أَنَّهُ يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَعُمُومَهُ إذَا احْتَمَلَ الْقُرْآنُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا وَقَوْلُهُمْ لِمَنْ قَالَ بِالْحَدِيثِ فِي الْمَسْحِ وَتَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ الْقُرْآنُ مُحْتَمِلًا لَأَنْ يَكُونَ عَامًّا يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ خَالَفْت الْقُرْآنَ ظُلْمًا ، قَالَ : نَعَمْ قُلْت وَلَا تُقْبَلُ حُجَّتُهُمْ بِأَنْ أَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَهُمْ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ ، وَأَلْزَمُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْرَبُ مِنْهُ وَأَحْفَظُ عَنْهُ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمَسْحَ مَنْسُوخٌ بِالْقُرْآنِ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ قَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَزَلْ فِي النَّاسِ إلَى الْيَوْمِ مَنْ يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ قَالَ لَا أَقْبَلُ مِنْ هَذَا شَيْئًا وَلَيْسَ فِي أَحَدٍ رَدَّ خَبَرًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِلَا خَبَرٍ عَنْهُ حُجَّةٌ قُلْتُ لَهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْحُجَّةُ فِي الرَّدِّ لَوْ أَوْرَدُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَسَحَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ مَسْحِهِ لَا تَمْسَحُوا قَالَ : نَعَمْ .
قُلْتُ : وَلَا يُقْبَلُ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ إذَا قَالَ قَائِلُهُمْ : لَمْ يَمْسَحْ النَّبِيُّ بَعْدَ الْمَائِدَةِ فَإِنَّمَا قَالَهُ بِعِلْمِ أَنَّ الْمَسْحَ مَنْسُوخٌ قَالَ وَلَا قُلْت وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَمْسَحْ بَعْدَ الْمَائِدَةِ إذَا لَمْ يُرْوَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ قُلْت لَهُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَنْسَخَ الْقُرْآنُ السُّنَّةَ إلَّا أَحْدَثَ رَسُولُ اللَّهِ سُنَّةً تَنْسَخُهَا ، قَالَ أَمَّا هَذَا فَأُحِبُّ أَنْ تُبَيِّنَهُ لِي قُلْت : أَرَأَيْت لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ سَنَّ فَتَلْزَمُنَا سُنَّتَهُ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ سُنَّتَهُ بِالْقُرْآنِ وَلَا يُحْدِثُ النَّبِيُّ مَعَ الْقُرْآنِ سُنَّةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُنَّتَهُ الْأُولَى مَنْسُوخَةٌ أَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ مَا حَرَّمَ مِنْ الْبُيُوعِ قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِ اللَّهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } ، وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } أَوْ مَا جَازَ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِ اللَّهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } الْآيَةُ وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } فَلَا بَأْسَ بِكُلِّ بَيْعٍ عَنْ تَرَاضٍ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ ، وَإِنَّمَا حُرِّمَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ قَبْلَ نُزُولِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } الْآيَةُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ كُلِّ ذِي رُوحٍ مَا خَلَا الْآدَمِيِّينَ ثُمَّ جَازَ هَذَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَجَازَ أَنْ تُؤْخَذَ الصَّدَقَةُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ; لِقَوْلِ اللَّهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } وَهَذَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَذَكَرْتُ لَهُ فِي هَذَا شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ، فَقَالَ مَا يَجُوزُ أَنْ يَنْسَخَ السُّنَّةَ الْقُرْآنُ إلَّا وَمَعَ الْقُرْآنِ سُنَّةٌ تُبَيِّنُ أَنَّ الْأُولَى مَنْسُوخَةٌ وَإِلَّا دَخَلَ هَذَا كُلُّهُ وَكَانَ فِيهِ تَعْطِيلُ الْأَحَادِيثِ قُلْت وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ النَّبِيَّ لَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَعْدَ الْمَائِدَةِ إذَا لَمْ يُرْوَ ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ النَّبِيِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ عَلَى عِلْمِهِ .
وَقَدْ يَعْلَمُ غَيْرُهُ أَنَّهُ مَسَحَ بَعْدَهَا وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلَ غَيْرِهِ لَمْ يَمْسَحْ بَعْدَهَا إذْ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ هَذَا لَوْ جَازَ جَازَ أَنْ يُقَالَ لَا يُقْبَلُ أَبَدًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ شَيْئًا مِثْلَ هَذَا إلَّا بِأَنْ يُقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَ صَاحِبِهِ دُونَ قَوْلِ النَّبِيِّ وَلَا نَجْعَلُ فِي قَوْلِهِ حُجَّةً وَإِنْ وَافَقَ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ إذَا لَمْ يَعْزُهُ إلَى النَّبِيِّ بِخَبَرٍ يُخَالِفُهُ قَالَ : نَعَمْ قُلْت إنَّ هَذَا لَوْ جَازَ جَازَ أَنْ يُقَالَ : إنَّ النَّبِيَّ إنَّمَا قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16898تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا } ، وَرَجَمَ الثَّيِّبَيْنِ ثُمَّ نَزَلَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } وَنَزَلَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدِ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } فَنَسَخَ رَجْمَهُ بِالْجَلْدِ وَدَلَالَةُ أَنْ لَا يُقْطَعَ إلَّا مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزِ مَا يَبْلُغُ رُبْعَ دِينَارٍ قَالَ : نَعَمْ ، وَقُلْت لَهُ : وَلَا يَجُوزُ إذَا ذَكَرَ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبُو سَعِيدٍ أَوْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ فَقَضَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ الْمُتَقَدِّمِي الصُّحْبَةِ بِخِلَافِ مَا رَوَى أَحَدُ هَؤُلَاءِ عَنْ النَّبِيِّ إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِخَبَرٍ صَادِقٍ عَنْهُ وَعِلْمِي بِأَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِخَبَرٍ صَادِقٍ عَنْهُ لَعَلَّهُ مِنْ التَّابِعِينَ
nindex.php?page=treesubj&link=21370وَخَبَرُ صَاحِبِ النَّبِيِّ أَوْلَى بِأَنْ يَثْبُتَ مِنْ خَبَرِ تَابِعِيٍّ أَوْ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي أَنْ يَثْبُتَا فَإِذَا اسْتَوَيَا عُلِمَ بِأَنَّ النَّبِيَّ
[ ص: 598 ] قَالَ أَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ وَلَا يَسَعُ مُسْلِمًا أَنْ يَشُكَّ فِي أَنَّ الْفَرْضَ اتِّبَاعُ قَوْلِ النَّبِيِّ وَطَرْحِ كُلِّ مَا خَالَفَهُ كَمَا صَنَعَ النَّاسُ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَصَابِعِ عَلَى بَعْضٍ وَكَمَا صَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بِقَوْلِ نَفْسِهِ إذْ كَانَ لَا يُوَرِّثُ الْمَرْأَةَ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى وَجَدَ وَوَجَدُوا خِلَافَهُ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ : نَعَمْ هَذَا هَكَذَا وَلَا يَسَعُ مُسْلِمًا أَنْ يَشُكَّ فِي هَذَا قُلْت .
وَلَا يُقَالُ لَا يَعْزُبُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ الْعِلْمُ يَعْلَمُهُ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَا عَنْ الْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ قَالَ : لَا لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَاهُ عَزَبَ ، قُلْت لَهُ : أَعْطَيْت عِنْدَنَا بِجُمْلَةِ هَذَا الْقَوْلِ النَّصَفَةَ وَلَزِمَتْك الْحُجَّةُ مَعَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمُنْفَرِدًا بِمَا عَلِمْتَ مِنْ هَذَا وَعَلِمْتَ بِمَوْضِعِ الْحُجَّةِ وَأَنَّ كَثِيرًا قَدْ غَلَطَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِالْجَهَالَةِ بِكَثِيرٍ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعِلْمِ فِيهِ قَالَ : أَجَلْ قُلْتُ : فَقَدْ وَجَدْتُ لَك أَقَاوِيلَ تُوَافِقُ هَذَا فَحَمِدْتهَا ، وَأَقَاوِيلَ تُخَالِفُ هَذَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ أَحْمَدُكَ عَلَى خِلَافِ مَا حَمِدَتْكَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَك إلَّا أَنْ تَنْتَقِلَ عَمَّا أَقَمْتَ عَلَيْهِ مِنْ خِلَافٍ مَا زَعَمْت الْحَقَّ فِيهِ قَالَ ذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَيَّ فَهَلْ تَعْلَمُ شَيْئًا أَقَمْت عَلَيْهِ مِنْ خِلَافِ هَذَا ؟ قُلْت : نَعَمْ حَدِيثًا لِرَسُولِ اللَّهِ تَرَكْتُهُ بِأَضْعَفَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ احْتَجَجْت لَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَغَيْرِهِ ، قَالَ : فَاذْكُرْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، قُلْتَ لَهُ : قُلْنَا إنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26668رَسُولَ اللَّهِ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ } فَرَدَدْتُهَا وَمَا رَأَيْتُكَ جَمَعْتَ حُجَّتَكَ عَلَى شَيْءٍ كَجَمْعِهَا عَلَى مَنْ قَالَ بِهَا وَسَلَكْتَ سَبِيلَ مَنْ رَدَّ خَبَرَ الْمُنْفَرِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِتَأَوُّلِ الْقُرْآنِ وَنَسَبْتَ مَنْ قَالَ بِهَا إلَى خِلَافِ الْقُرْآنِ وَلَيْسَ فِيهَا مِنْ خِلَافِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ وَلَا فِي شَيْءٍ يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الشَّهَادَةَ عَلَى غَيْرِك بِالْخَطَأِ فِيمَا وَصَفْتَ مِنْ رَدِّ الْمَسْحِ ، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ بِمِثْلِ مَا رَدَدْت بِهِ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ بَلْ حُجَّتُكَ فِيهَا أَضْعَفُ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ : قَدْ عَلِمْنَا أَنْ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ ، وَرَدِّ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَحَلَّ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَقَطْعَ كُلِّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ ، وَعَطَّلَ الرَّجْمَ إنْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ بِهَا مِمَّنْ يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ حَدِيثَهُ أَوْ حَدِيثَ مِثْلِهِ بِصِحَّةِ إسْنَادِهِ وَاتِّصَالِهِ بِهَا .
وَقَالَ هُوَ وَهْمٌ وَلَكِنَّهَا رُوِيَتْ فِيمَا عَلِمْنَا مِنْ حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ وَنَحْنُ لَا نُثْبِتُهُ فَقُلْت : لَهُ فَقَدْ كَانَتْ لَك كِفَايَةٌ تُصَدَّقُ بِهَا وَتُنْصَفُ وَتَكُونُ لَك الْحُجَّةُ فِي رَدِّهَا لَوْ قُلْت : إنَّهَا رُوِيَتْ مِنْ حَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ ; لِأَنَّا وَإِيَّاكَ وَأَهْلَ الْحَدِيثِ لَا نُثْبِتُ حَدِيثًا مُنْقَطِعًا بِنَفْسِهِ بِحَالٍ فَكَيْفَ خَبَّرْت بِأَنَّهَا خِلَافُ الْقُرْآنِ فَزَعَمْتَ أَنَّك تَرُدُّهَا إنْ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ وَأَنْتَ لَا تَرُدُّ حُكْمَ حَاكِمٍ بِرَأْيِهِ وَإِنْ رَأَيْته أَنْتَ جَوْرًا قَالَ فَدَعْ هَذَا فَقُلْت : نَعَمْ بَعْدَ عِلْمٍ بِأَنَّك أَغْفَلْتَ أَوْ عَمَدْت أَنَّك تُشَنِّعُ عَلَى غَيْرِك بِمَا تَعْلَمُ أَنْ لَيْسَتْ لَك عَلَيْهِ فِيهِ حُجَّةٌ وَهَذَا طَرِيقُ غَفْلَةٍ أَوْ ظُلْمٍ ، قَالَ : فَهَلْ تَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ فَإِنَّمَا عَرَفْنَا فِيهَا حَدِيثًا مُنْقَطِعًا ، وَحَدِيثًا يُرْوَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16068سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ مُتَّصِلًا فَيُنْكِرُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16068سُهَيْلٌ وَيَرْوِيهِ رَجُلٌ لَيْسَ بِالْحَافِظِ فَيُحْتَمَلُ لَهُ مِثْلُ هَذَا قُلْت مَا أَخَذْنَا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ لَكِنْ عِنْدَنَا فِيهَا حَدِيثٌ مُتَّصِلٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَاذْكُرْهُ قُلْت : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16078سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ
قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26668النَّبِيَّ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ } .
وَأَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12386إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ
رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ
مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ ، قَالَ : مَا سَمِعْته قَبْلَ ذِكْرِك الْآنَ قُلْت أَنُثْبِتُ نَحْنُ وَأَنْتَ مِثْلَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْت : فَلَزِمَكَ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ ، قَالَ فَأَرُدُّهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=78724الْبَيِّنَةُ عَلَى مِنْ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } وَقَدْ كَتَبْت هَذَا فِي الْأَحَادِيثِ الْجُمَلِ وَالْمُفَسِّرَةَ وَكَلَّمْته فِيهِ بِمَا عَلِمَ مَنْ حَضَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجَّ فِيهِ بِشَيْءٍ وَقَدْ وَصَفْتُ فِي كِتَابِي هَذَا الْمَوَاضِعَ الَّتِي غَلِطَ فِيهَا بَعْضُ مَنْ عَجَّلَ بِالْكَلَامِ فِي الْعِلْمِ قَبْلَ خِبْرَتِهِ وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ .