الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب إقرار الوارث بوارث .

( قال الشافعي ) : رحمه الله الذي أحفظ من قول المدنيين فيمن ترك ابنين فأقر أحدهما بأخ أن نسبه لا يلحق ، ولا يأخذ شيئا ; لأنه أقر له بمعنى إذا ثبت ورث وورث فلما لم يثبت بذلك عليه حتى لم يثبت له وهذا أصح ما قيل عندنا والله أعلم . وذلك مثل أن يقر أنه باع دارا من رجل بألف فجحد المقر له البيع فلم نعطه الدار ، وإن أقر صاحبها له وذلك أنه لم يقل إنها ملك له إلا ، ومملوك عليه بها شيء فلما سقط أن يكون مملوكا عليه سقط الإقرار له فإن أقر جميع الورثة ثبت نسبه وورث وورث واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في ابن وليدة زمعة وقوله { هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر } وقال في المرأة تقدم من أرض الروم ، ومعها ولد فيدعيه رجل بأرض الإسلام أنه ابنه ، ولم يكن يعرف أنه خرج إلى أرض الروم فإنه يلحق به ، وإذا كانت له أمتان لا زوج لواحدة منهما فولدتا ولدين فأقر السيد أن أحدهما ابنه ، ولم يبين فمات أريتهما القافة فأيهما ألحقوه به جعلناه ابنه وورثناه منه وجعلنا أمه أم ولد وأوقفنا ابنه الآخر وأمه فإن لم تكن قافة لم نجعل واحدا منهما ابنه [ ص: 214 ] وأقرعنا بينهما فأيهما خرج سهمه أعتقناه وأمه وأوقفنا الآخر وأمه .

( قال المزني ) : وسمعت الشافعي رحمه الله يقول : لو قال عند وفاته لثلاثة أولاد لأمته أحد هؤلاء ولدي ، ولم يبين وله ابن معروف يقرع بينهم فمن خرج سهمه عتق ، ولم يثبت له نسب ، ولا ميراث وأم الولد تعتق بأحد الثلاثة .

( قال المزني ) : رحمه الله يلزمه على أصله المعروف أن يجعل للابن المجهول مورثا موقوفا يمنع منه الابن المعروف وليس جهلنا بأيها الابن جهلا بأن فيهم ابنا ، وإذا عقلنا أن فيهم ابنا فقد علمنا أن له مورث ابن ، ولو كان جهلنا بأيهم الابن جهلا بأن فيهم ابنا لجهلنا بذلك أن فيهم حرا وبيعوا جميعا وأصل الشافعي رحمه الله لو طلق نساءه إلا واحدة ثلاثا ثلاثا ، ولم يبين أنه يوقف مورث واحدة حتى يصطلحن ، ولم يجعل جهله بها جهلا بمورثها وهذا وذاك عندي في القياس سواء .

( قال المزني ) رحمه الله وأقول أنا في الثلاثة الأولاد : إن كان الأكبر هو الابن ; فهو حر والأصغر والأوسط حران بأنهما ابنا أم ولد ، وإن كان الأوسط هو الابن فهو حر ، والأصغر حر بأنه ابن أم ولد ، وإن كان الأصغر هو الابن فهو حر بالبنوة فالأصغر على كل حال حر لا شك فيه فكيف يرق إذا وقعت عليه القرعة بالرق وتمكن حرية الأوسط في حالين ، ويرق في حال وتمكن حرية الأكبر في حال ، ويرق في حالين ، ويمكن أن يكونا رقيقين للابن المعروف والابن المجهول نصفين ، ويمكن أن يكون الابن هو الأكبر فيكون الثلاثة أحرارا فالقياس عندي على معنى قول الشافعي أن أعطي اليقين وأقف الشك فللابن المعروف نصف الميراث ; لأنه والذي أقر به ابنان فله النصف والنصف الآخر موقوف حتى يعرف أو يصطلحوا والقياس على معنى قول الشافعي الوقف إذا لم أدر أهما عبدان أو حران أم عبد وحر أن يوقفا ، ومورث ابن حتى يصطلحوا .

( قال الشافعي ) : رحمه الله : وتجوز الشهادة أنهم لا يعرفون له وارثا غير فلان إذا كانوا من أهل المعرفة الباطنة ، وإن قالوا بلغنا أن له وارثا غيره لم يقسم الميراث حتى يعلم كم هو فإن تطاول ذلك دعي الوارث بكفيل للميراث ، ولا تجبره ، وإن قالوا : لا وارث غيره قبلت على معنى لا نعلم فإن كان ذلك منهم على الإحاطة كان خطأ ، ولم أردهم به ; لأنه يؤول بهم إلى العلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية