ومن هذا ما روي عن  ذي النون المصري  أنه كان جائعا محبوسا فبعثت إليه امرأة صالحة طعاما على يد السجان فلم يأكل ، ثم اعتذر وقال : جاءني على طبق ظالم يعني أن القوة التي أوصلت الطعام إلي لم تكن طيبة وهذه الغاية القصوى في الورع . 
ومن ذلك أن بشرا  رحمه الله كان لا يشرب الماء من الأنهار التي حفرها الأمراء  فإن النهر سبب لجريان الماء ووصوله إليه ، وإن كان الماء مباحا في نفسه فيكون كالمنتفع بالنهر المحفور بأعمال الأجراء ، وقد أعطوا الأجرة من الحرام ولذلك امتنع بعضهم من العنب الحلال من كرم حلال ، وقال لصاحبه : 
أفسدته إذ سقيته من الماء الذي يجري في النهر الذي حفرته الظلمة وهذا أبعد عن الظلم من شرب نفس الماء ; لأنه احتراز من استمداد العنب من ذلك الماء . 
وكان بعضهم إذا مر في طريق الحج لم يشرب من المصانع التي عملتها الظلمة مع أن الماء مباح ، ولكنه بقي محفوظا بالمصنع الذي ، عمل به بمال حرام ، فكأنه انتفاع به . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					