الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
التاسع : أن يرفق بالدابة إن كان راكبا فلا يحملها ما لا تطيق .

ولا يضربها في وجهها فإنه منهي عنه ولا ينام عليها فإنه يثقل بالنوم وتتأذى به الدابة كان أهل الورع لا ينامون على الدواب إلا غفوة وقال صلى الله عليه وسلم : لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي .

ويستحب أن ينزل عن الدابة غدوة وعشية يروحها بذلك .

فهو سنة ، وفيه آثار عن السلف .

وكان بعض السلف يكتري بشرط أن لا ينزل ويوفي الأجرة .

ثم كان ينزل ليكون بذلك محسنا إلى الدابة فيوضع في ميزان حسناته لا في ميزان حسنات المكاري .

ومن آذى بهيمة بضرب أو حمل ما لا تطيق طولب به يوم القيامة إذ في كل كبد حراء أجر .

قال أبو الدرداء رضي الله عنه لبعير له عند الموت : أيها البعير لا تخاصمني إلى ربك فإني لم أك أحملك فوق طاقتك. .

وفي النزول ساعة صدقتان؛ إحداهما ترويح الدابة والثانية إدخال السرور على قلب المكاري .

وفي فائدة أخرى وهي رياضة البدن وتحريك الرجلين .

والحذر من خدر الأعضاء بطول الركوب .

وينبغي أن يقرر مع المكاري ما يحمله عليها شيئا شيئا ويعرضه عليه ويستأجر الدابة بعقد صحيح لئلا يثور بينهما نزاع يؤذي القلب ويحمل على الزيادة في الكلام فما يلفظ العبد من قول إلا لديه رقيب عتيد .

فليحترز عن كثرة الكلام واللجاج مع المكاري ، فلا ينبغي أن يحمل فوق المشروط شيئا وإن خف .

فإن القليل يجر الكثير ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه .

قال رجل لابن المبارك وهو على دابة : احمل لي هذه الرقعة إلى فلان ، فقال : حتى أستأذن المكاري فإني لم أشارطه على هذه الرقعة .

فانظر كيف لم يلتفت إلى قول الفقهاء إن هذا مما يتسامح فيه ولكن .

سلك طريق الورع .

التالي السابق


(التاسع: أن يرفق بالدابة إن كان راكبا فلا يحملها ما لا تطيق) فإنها ستخاصمه إلى الله يوم القيامة، (ولا يضربها في وجهها فإنه منهي عنه) ، فقد روى أحمد ومسلم والترمذي من حديث جابر: نهي عن الوسم في الوجه والضرب [ ص: 410 ] في الوجه (ولا ينام عليها فإنه يثقل بالنوم) لارتخائه (وتتأذى به الدابة كان أهل الورع) من السلف (لا ينامون على الدابة إلا غفوة) من ضرورة (وقال -صلى الله عليه وسلم-: لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي) تقدم في الباب الثالث من كتاب الحج، (ويستحب أن ينزل عن الدابة غدوة وعشية يروحها بذلك فهو سنة، وفيه آثار عن السلف، وكان بعض السلف يكتري) الدابة من صاحبها (بشرط أن لا ينزل) عنها (ويوفي الأجرة) تامة (ثم كان ينزل) عنها؛ (ليكون بذلك محسنا إلى الدابة فيوضع في ميزان حسناته لا في ميزان) حسنات (المكاري) ، فإنه قد استوفى كراءه وأذن له في عدم النزول .

(ومن آذى بهيمة بضرب أو حمل ما لا تطيق طولب به يوم القيامة إذ في كل كبد حراء أجر) . وهو حديث مرفوع رواه أحمد وابن ماجه وأبو يعلى والبغوي والطبراني والضياء من حديث سراقة بن مالك الأنصاري أخي كعب بن مالك، ورواه ابن سعد في الطبقات من حديث حبيب بن عمرو السلاماني (وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه- لبعير له عند الموت: أيها البعير لا تخاصمني إلى ربك فإني لم أكن أحملك فوق طاقتك. وفي النزول ساعة صدقتان؛ إحداهما ترويح للدابة) أي: تنشيطها عن كلالها لترجع إلى أصلها، (والثانية إدخال السرور على المكاري) فإنه كذلك يستريح .

(وفيها فائدة أخرى وهي رياضة البدن) بالحركة المعتدلة (وتحريك الرجلين) بالمشي خطوات يسيرة (والحذر من خدر الأعضاء) وحبس الدم في العروق (بطول الركوب، وينبغي أن يقرر على المكاري ما يحمله عليها شيئا شيئا ويعرضه عليه) ولا يكتم شيئا منه، (ويستأجر الدابة بعقد صحيح) شرعي (لئلا يثور بينهما نزاع يؤذي القلب ويحمل على الزيادة في الكلام فما يلفظ) العبد (من قول إلا لديه رقيب عتيد) أي: مراقب حاضر يحصي عليه جميع أقواله (فليحترز عن كثرة الكلام) واللغط (واللجاج) والخصومة (على المكاري، فلا ينبغي أن يحمل فوق المشروط) أي: الذي وقع عليه الشرط (شيئا وإن خف، فإن القليل قد يجر إلى الكثير، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه) ، وهو قطعة من الحديث تقدم في كتاب الحلال والحرام .

(قال رجل لابن المبارك) -رحمه الله تعالى- (وهو) راكب (على دابة: احمل لي هذه الرقعة إلى فلان، فقال: حتى أستأمر الجمال) أي: أستأذنه (فإني لم أشارطه على حمل هذه الرقعة، فانظر كيف لم يلتفت إلى قول الفقهاء أن هذا مما يتسامح فيه) ؛ لأنه تافه حقير (ولكن سلك طريق الورع) والاحتياط استبراء لدينه وعرضه .




الخدمات العلمية